هل تحليل الدم يفطر
هل تحليل الدم يفطر
يرى جمهور الفقهاء من الشافعية، والمالكية، والحنفية، وجمهور الحنابلة أنّ سَحب عيّنةٍ من الدم بهدف التحليل الطبّي لا تُفَطِّر الصائم؛ لعدم وجود ما يقتضي الفِطر؛ إذ يُعَدّ هذا الإجراء عمليّة سحب للدم، ولا يتمّ فيه إدخال شيءٍ إلى الجوف، والدم الذي يخرج لا يُفسد الصوم ، واستند العلماء في قولهم على صحّة الصيام بعد إجراء سحب عيّنةٍ من الدم على صحّة صيام من افتصد؛ أي قُطِع شريانه ليخرج الدم الفاسد منه؛ إذ لا يُعَدّ الفَصد من مُفطرات الصيام؛ لأنّ ما يخرج هو قليل من الدم، مع قولهم بكراهة ذلك إذا كان سحب الدم يُضعِف الصائم، في حين يرى بعض الحنابلة أنّ تحليل الدم يُفسد الصوم؛ لأنّه قد يكون سبباً في ضعف الصائم وقلّة حيلته لإتمام الصيام؛ قياساً على فساد صوم من احتجم، والقول بأنّ سَحب الدم كالحجامة ليس دقيقاً؛ نظراً لأنّ الحجامة يخرج معها الكثير من الدم، وهو ما ليس مُتحقِّقاً في سَحب عَيِّنة الدم.
وقد ذهب المعاصرون من أهل العِلم إلى صحّة صيام من سَحب عَيِّنةً من دمه؛ لأنّ الفِطْر يكون بدخول الدم، وليس بخروجه، بالإضافة إلى أنّ الكمّية التي يتمّ سَحبها من الدم قليلة لا تُؤثّر في صحّة صومه، ومِمّن قال بذلك: ابن باز، وابن عثيمين، والقرضاوي.
المقصود بتحليل الدم
يُطلَق مصطلح تحليل الدم على: الإجراء الطبّي الذي يتمّ فيه سحب عَيِّنة من دم المريض؛ لإجراء فحص مِخبَريّ مُعيَّن، والتي تكون غالباً من وريد الذراع باستخدام إبرة خاصّة، وعادةً ما يكون تحليل الدم سريعاً وسهلاً دون حدوث أيّة مُضاعَفات لدى المريض، وممّا يجدر ذِكره أنّ بعض تحاليل الدم تتمّ أيضاً من خلال وَخز الإصبع، وتساعد فحوصات الدم الأطبّاء على التحقُّق من وجود أمراض وحالات مُعيَّنة، بالإضافة إلى التحقُّق من سلامة أعضاء الجسم المختلفة، أو مدى تأثير دواء مُعيَّن في الجسم.
حُكم سَحب الدم من الصائم للتبرُّع به
اختلف العلماء في حُكم سحب الدم من الصائم للتبرُّع به، وبيان أقوالهم فيما يأتي:
- القول الأوّل: ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية، والحنفية، والمالكية إلى عدم إفساد التبرُّع بالدم للصوم؛ قياساً على عدم فساد صوم من احتجم، إلّا أنّها تُكرَه إذا أوقعت بالمُحتجِم ضَعفاً؛ بدليل ما ورد عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم احتجَم وهو صائمٌ)، وعلى ذلك فإنّ التبرُّع بالدم لا يُفطِّر، إلّا أنّه يُكرَه في حال ضَعفت صحّة المُتبرِّع عند سَحب الدم، الأمر الذي قد يضطره إلى الإفطار ؛ لضَعف قوّته.
- القول الثاني: ذهب الحنابلة إلى فساد صوم المُتبرِّع بالدم؛ قياساً على الحُجامة؛ إذ يرون أنّ الحجامة يُفطر بها الحاجم والمحجوم؛ ودليلهم على ذلك قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث: (أفطرَ الحاجِمُ والمَحجومُ).
للمزيد من التفاصيل حول مبطلات الصيام الاطّلاع على مقالة: (( ما هي مبطلات الصيام في شهر رمضان )).