نماذج من الاجتهاد المعاصر
الاجتهاد المعاصر
من مرونة الشريعة وسعتها أنها صالحة لكل زمان ومكان، لذلك أنزل الله عز وجل الوحي وكان هذا الوحي على شكل قواعد عامة لحياة الإنسان؛ فالإنسان بطبيعته كائن يحب التطور والتغيير ويلزم من أجل هذا التغيير أن يكون هنالك قانون يضبط هذا التغيير ويقوّم طريقه، ويتجلى ذلك في الاجتهاد في النوازل (القضايا المعاصرة)، الذي فتح للمسلمين باب الانفتاح على الثقافات الأخرى مع الحفاظ على الضوابط الإسلامية.
نماذج من الاجتهاد المعاصر
من أحد أبواب الفقه الإسلامي باب يُسمّى بباب فقه النوازل؛ وهو العلم الذي يبحث بالأحكام الشرعية للمسائل المستجدة على حياة الناس، والتي قد لا يكون قد ورد فيها نص شرعي.
مسألة الصلاة في الطائرة
اجتهد الفقهاء في هذه المسألة وبحثوا عدة مسائل من حيث استقبال القبلة بالدائرة وكيفية الصلاة إن لم يوجد مكان مخصص لذلك، فكانت الصلاة من حيث استقبال القبلة تكون عند بداية الصلاة باتجاه القبلة قدر الاستطاعة، قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).
ومن حيث كيفية الصلاة فمن باب أن الصلاة تجب على المسلم أينما كان، فتجب عليه أيضا بما يطيق، فإن استطاع أن يصليها قائما وإلا فقاعدا وإلا فعلى جنب أو يومئ عند صلاته، وهذا كله بناءً على قاعدة "الميسور لا يسقط بالمعسور".
التأمين التجاري
مع تطور الحياة، ظهرت شركات تجارية بهدف التأمين، وهذه الفكرة كانت غير معروفة في عصور الفقهاء والأئمة، ولذلك اجتهد الفقهاء والمجامع الفقهية في تحديد حكم التأمين والتفصيل فيها وإيجاد البديل الشرعي المناسب لما هو محرم من التأمين التجاري.
وحكم التأمين باختصار هو تحريم عقد التأمين التجاري وإيجاد التأمين التعاوني كبديل شرعي للتأمين التجاري.
زكاة الأسهم
وهي من المسائل الحديثة التي اجتهد الفقهاء فيها، وكان ملخص الحكم فيها هو وجوب زكاة الأسهم لأن الأسهم في الراجح عبارة عن مال، فإن بلعت النصاب وحالت عليها سنة قمرية فعليها زكاة في سعرها السوقي عند إخراج الزكاة.
بيع الأعضاء والتبرع بها
مع ظهور بنوك الأعضاء البشرية و الاتجار بالبشر والتبرع بأعضائهم، لزم تفصيل من العلماء في هذه المسألة، فاجتهد العلماء وبيّنوا أحكام بيع الأعضاء وأنه محرم لأنه تصرف الإنسان في ما لا يملك، فجسده لله عز وجل جعله أمانة عند الإنسان.
أما التبرع بالأعضاء ففصل العلماء فيها، واشترطوا لجوازه مجموعة من الشروط، منها ألا تكون من الأعضاء التي توقف عليها حياة المتبرع وأن تكون نسبة نجاح عمليتيّ التبرع والزراعة مرتفعة، وألا يكون المتبرع مُكرها، وأن يكون التبرع هو الحل الوحيد لإنقاذ المريض، فإن تحققت الشروط المذكورة فيجوز التبرع كما قرر مجمع الفقه الإسلامي.
أما في حال التبرع بالأعضاء بعد موت المتبرع فقد أجاز العلماء ذلك لما فيه من تحقيق لمقاصد الشريعة بحفظ النفوس وحماية الأرواح من الإزهاق خصوصا لمن حياتهم تتوقف على زرع هذه الأعضاء.