نقص صبغة الميلانين
صبغة الميلانين
تُعتبر صبغة الميلانين (بالإنجليزيّة: Melanin) الصبغة الرئيسية الموجودة في جسم الفقاريات بشكل عام بما في ذلك الإنسان، وفي الحقيقة تتحكّم نسبة صبغة الميلانين ونوعها في تحديد لون الجلد والشعر، وتتمتّع صبغة الميلانين بخاصيّة امتصاص الضوء المهمّة في عملية التنظيم الحراري، والحماية من أشعة الشمس الضارة UVA و UVB، بالإضافة إلى أهمية صبغة الميلانين في التخلّص من الجذور الحرّة الموجودة في الجسم، وتجدر الإشارة إلى أنّ إنتاج مستويات عالية من الميلانين في البشرة يرتبط مع انخفاض معدّلات الإصابة بسرطان الجلد ، وفي الحقيقة يتم إنتاج الصيغة الكيميائية لصبغة الميلانين باستخدام الحمض الأمنيني الأساسي التيروزين (بالإنجليزيّة: Tyrosine)، وذلك في عُضيّات مختصّة داخل الخلايا الميلانينية أو الخلايا المُنتجة لصبغة الميلانين (بالإنجليزيّة: Melanocytes) الموجودة ضمن خلايا الجلد وبصيلات الشعر، وهناك ثلاثة أنواع لصبغة الميلانين وهي؛ الإيوميلانين الذي يُعطي اللون البني أو الأسود، والفايوميلانين الذي يُعطي اللون البرتقالي أو الأحمر، والميلانين العصبي الموجود في الدماغ.
نقص صبغة الميلانين
يُطلق على نقص صبغة الميلانين أو فقدان لون الجلد طبياً نقص التصبّغ (بالإنجليزيّة: Hypopigmentation)، وتحدث مشكلة نقص التصبّغ نتيجة مرض معيّن أو التعرّض لإصابة أو صدمة، وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك تنوّع في حالات نقص صبغة الميلانين، فيمكن أن تظهر المشكلة منذ الولادة أو قد تتطوّر فيما بعد خلال مراحل الحياة، كما أنّها قد تؤثر في كامل بشرة الجسم، أو أنّها قد تؤثر في مساحة محدودة منه فتظهر على شكل بقع بيضاء متعدّدة، وفي الحقيقة يمكن لمشكلة نقص التصبّغ أن تظهر لدى الأفراد من شتّى الأعراق والأصول، ولكنّها تظهر بشكل أوضح لدى الأفراد ذوي البشرة الداكنة بسبب تباين الألوان، هناك مجموعة من الحالات الطبية التي يصاحبها نقص في صبغة الميلانين وفيما يلي بيان ذلك.
البهاق
يتمثّل البهاق (بالإنجليزيّة: Vitiligo) بظهور بقع بيضاء خالية من صبغة الميلانين على أي منطقة من الجلد، ليتسبّب بذلك بمشاكل البشرة التجميلية، ومن الشائع ظهور هذه البقع في عدّة مناطق من الجسم أهمّها؛ المناطق المعرّضة للشمس، وطيّات الجسم مثل: الإبطين، والمناطق التي تعرّضت لإصابات سابقة، والمناطق المحيطة بالشامات، والمناطق القريبة من فتحات الجسم، ويعود السبب المباشر في ذلك إلى تلف وتدمير الخلايا المُنتجة للميلانين، وفي الحقيقة هناك عدد من العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث البهاق، ومنها؛ وجود تاريخ عائلي للإصابة بالبهاق أو الشيب المبكّر، والإصابة بأمراض المناعة الذاتية مثل: التهاب الغدّة الدرقية المنسوب لهاشيموتو، وفي الحقيقة يؤثر البهاق في كلا الجنسين على حدّ سواء، ولكنّه غالباً ما يحدث في المراحل العمرية المبكرّة التي تتراوح بين 10-30 سنة، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا توجد طريقة مضمونة لمنع او علاج مشكلة البهاق حتى الآن، ولكن هناك عدّة وسائل لتحسين المظهر الخارجي للجلد، ومنها؛ استخدام المستحضرات التجميلية، وإعادة التصبّغ باستخدام الأشعة فوق البنفسجية ، واستخدام الكريمات التي تحتوي على الستيرويدات، وإزالة الصبغة عن المناطق غير المتاثرة بالبهاق، وعمليات ترقيع الجلد .
البرص
يشكّل البرص أو المهق (بالإنجليزيّة: Albinism) مجموعة من الاضطرابات الموروثة والتي تؤثر في لون الجلد، والشعر، والعينين، والرؤية، وذلك بسبب قلّة أو انعدام إنتاج صبغة الميلانين، وفي الحقيقة يتراوح لون الشعر والجلد لدى المصابين بالبرص بين الأبيض والبني، وبما أنّ بشرة المصابين بالبرص حساسة جداً للشمس فقد يؤدي التعرّض لأشعة الشمس إلى ظهور النمش أو الشامات سواء كانت بصبغة الميلانين أو وردية بدون صبغة، وبقع جلدية كبيرة، وحروق شمسية، بالإضافة إلى احتمالية الإصابة بسرطان الجلد، وتجدر الإشارة إلى لون الجلد والشعر قد يتغيّر خلال مراحل الطفولة وسنوات المراهقة ليبدو أغمق مع تقدّم العمر، أما بالنسبة للعين فتتدرّج لونها من الأزرق الفاتح إلى البني مع إمكانية تغيّر لونها مع التقدّم في العمر، وتكون الحواجب والرموش باهتة اللون، وفي الواقع فإنّ عدم وجود صبغة في العين يجعل القزحية شفافة نوعاً ما، الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرتها على منع دخول الضوء للعين بشكل كامل، كما لصبغة الميلانين دوراً مهماً في نموّ وتطوّر العصب البصريّ وبذلك فإنّ المصاب بالبرص يُعاني من مشاكل عدّة في الرؤية ، ومنها؛ قصر النظر الشديد، و طول النظر الشديد، وحساسية الضوء، وانحراف العين، وتحريف العصب البصري، والعمى الكامل.
حالات أخرى
وتتضمّن الحالات التالية:
- النخالية البيضاء: هي بقع بيضاء ظهرت في نفس موقع بقع سابقة كانت حمراء ومتقشّرة، ويُعتقد بأنّها مرتبطة بالإكزيما الجلدية.
- النخالية المبرقشة: هي إحدى أنواع العدوى الفطرية التي تنشأ على الجلد نتيجة فرط نموّ الخمائر الفطرية الموجودة على الجلد، وتُعدّ شائعة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، ولدى من يعاني من فرط التعرّق والبشرة الدهنيّة.
- الحزاز المتصلّب: يتمثّل بظهور بقع بيضاء تكبر في الحجم ثمّ تنزف وتترك الندب، وعادةً تظهر على المنطقة الشرجية والأعضاء التناسلية، وهو أكثر شيوعاً لدى النساء في فترة انقطاع الطمث .
- تلف الجلد: يمكن أن تظهر البقع البيضاء في مواقع الجلد التي تعرّضت للحروق ، أو البثور، أو أي إصابة أخرى أدت إلى تلف الجلد ونقص التصبّغ في المنطقة، وعادةً ما يكون الأمر مؤقّتاً يحتاج مدّة قد تكون طويلة لإعادة التصبّغ.
العوامل المؤثرة في صبغة الميلانين
تختلف كميّة الصبغة الجلدية بين الأفراد بناءً على عدّة عوامل، ومنها؛ العوامل الوراثية، والتعرّض للشمس ، ومدى توفّر الحمض الأميني التيروزين، ووجود نوع من الاضطرابات التصبّغية، وفي الحقيقة فإنّ التعرّض لأشعّة الشمس فوق البنفسجية يُحفّز على زيادة إنتاج صبغة الميلانين، وهذا يؤثر في لون الشعر والجلد، ويمكن أن يؤدي التعرّض المتكرّر لأشعّة الشمس إلى ظهور بقع داكنة او نمش لاسيّما لدى أصحاب البشرة الفاتحة، وتجدر الإشارة إلى اختلاف كميّة ونوعية الصبغة المُنتجة بين الجنسين؛ حيث إنّ النساء لديهنّ بشرة أفتح من الرجال، كما تختلف عدد الخلايا الميلانينية ونوع الصبغة المُنتجة لدى الفرد نفسه بناءً على اختلاف المنطقة من الجسم والعمر؛ حيث يمكن أن يكون لون شعر فروة الرأس أسوداً بينما يكون شعر الوجه أحمراً، كما أنّه قد يتغيّر لون شعر فروة الرأس مع التقدّم في العمر، فيكون أشقراً في سنّ الطفولة، ثم يُصبح بنياً في مرحلة المراهقة، وثمّ يُصبح أبيضاً أو رمادياً في سنّ الشيخوخة، وبالرّغم من أنّ العوامل الوراثية تلعب دوراً مهماً في توقيت بداية ظهور الشيب ، إلا أنّ معظم الأفراد يلاحظون ظهور الشعر الرمادي مع التقدّم في العمر، وذلك لتراجع إنتاج صبغة الميلانين مع الوقت، حتى يتوقّف في النهاية، وينمو الشعر الجديد دون صبغة.