نصائح للبنات
حقيقة النُّصح
من الأمور التي أرشد إليها الإسلام ما يتعلّق بإسداء النُّصح لمن يحتاجه من المسلمين ومن لا يحتاجه، وقد جعل لذلك العديد من الطرق والوسائل والكيفيّات، أمّا عن النّصيحة في الإسلام فقد ثبتت أهميّتها بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لأصحابه: (الدِّينُ النَّصيحةُ. قُلنا: لِمَن؟ قال: للَّهِ، ولكتابِهِ، ولرسولِهِ، ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم)، لذا ينبغي على كلّ مُسلمٍ تقديم النُّصح في حال كان قادراً على ذلك.
معنى النّصيحة
النّصيحة لُغةً
النّصيحة في اللغة: مصدر نَصَحَ، وجمعها نَصَائِحُ، والنّصيحة: هي كلامٌ من جهةٍ أو شخصٍ معيّن، يُوجّه فِيهِ دَعْوَةً سديدةً حقيقيّةً صادقةً لها أبعاد مستقبليّة، ويكون هدفها إِرْشاد المنصوح، وتوجيهه، وَوَعْظه إِلَى إصلاح حاله، وترك ما يرتكب من أفعال أو أقوال فاسدة.
النّصيحة اصطلاحاً
النّصيحة في الاصطلاح: كلّ كلمة، أو قول، أو فعل تصحبه إرادة صلاح الشّخص المنصوح وقصد الخير له؛ عن طريق تبديل حاله من الأسوأ إلى الأفضل، أو إبعاده عن السيِّئ، أو توجيهه إلى الخير، قال أبو عمرو بن الصلّاح رحمه الله: (النّصيحة كلمة جامعة تتضمّن قيام النّاصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادةً وفعلاً، فنجد أنّه جمع بين الإرادة والفعل).
نصائح للبنات
ينبغي تقديم النُّصح لكلِّ من احتاجه إن كان الناصح عالماً بما ينصح به، ومن أصناف الناس الذين هم بحاجة النصح المستمرّ؛ النساء على اختلاف أعمارهنّ، ومناصبهنّ، ومكانتهنّ في المجتمع، وبشكلٍ خاصٍّ فإنّ البنات في مقتبل العمر أشدّ حاجةً للنصائح من ذوي الخبرة والمعرفة بأحوال الدنيا، ومن النّصائح ما يأتي:
- التمسُّك بمنهج الله -سبحانه وتعالى- من دين وقيَم ومبادئ، فيكون الهدف والغاية هو رضا الله سبحانه وتعالى، فعن أُمَيْمةَ بنتِ رُقَيْقةَ -رضيَ اللَّهُ عنها- أنّها قالت: (أتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- في نسوةٍ نبايعُهُ على أن لا نُشْرِكَ باللَّهِ شيئاً، ولا نسرِقَ، ولا نزنيَ، ولا نقتُلَ أولادنا، ولا نأتيَ ببُهْتانٍ نفتريهِ بينَ أيدينا وأرجلِنا ولا نعصيهِ في معروفٍ، فقالَ لنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: فيما استطعتُنَّ وأطقتُنَّ. فقلنا: اللَّهُ ورسولُهُ أرحمُ بنا مِن أنفسِنا، هلمَّ نُبايعْكَ يا رسولَ اللَّهِ على ذلك. قالَ: إنِّي لا أصافحُ النِّساءَ، وإنَّما قولي لمائةِ امرأةٍ كقَولي، أو مثلُ قَولي لامرأةٍ واحدةٍ).
- الابتعاد عن كل ما يضرُّ الصّحة ، أو يُلحِق الضّرر بالآخرين ويؤذيهم، ويستوي في ذلك أن يكون الضرر بسيطاً أو كبيراً؛ فالضرر البسيط ربما يوصل إلى نتائج وخيمة إذا ما استمرّ الشخص بفعله، وربما يكون في نظر البعض بسيطاً بينما هو في الحقيقة عظيمٌ خطير الآثار.
- الإكثار من الاستغفار ، والندم، والتوبة على ما فات، والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، والعزم على ترك المعاصي، والمداومة على فعل الطاعات، وأداء الفرائض والواجبات.
- إحسان الظنّ بالله سبحانه وتعالى، وعدم اليأس أو القنوط من رحمته؛ فلا ييأس من رحمته تعالى إلا من كفر به ولم يؤدِّه حقّ عبادته، ولم يؤمن به حقَّ الإيمان، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
- فهم الحريَّة بالطّريقة الصّحيحة؛ فالحريّة للبنت المسلمة لا تعني التحلُّل من المبادئ والقيم والأخلاق والفضائل الحميدة، أو فعل ما يكون فيه معصيةٌ ظاهرةٌ أو باطنة.
- الاعتزاز والافتخار بما كلّفها الله -سبحانه وتعالى- به من واجبات، وفرائض، وأوامر في هذه الحياة الدنيا، حتّى أصبحت الجنّة التي يطلبها الناس كالبساط تحت أقدام المرأة المسلمة إذا أطاعت ربّها، وقامت بما أمرها به، واجتنبت ما نهاها عنه.
- استغلال أيّام الإجازة بفعل ما يُفيد، ووضع الخطط العمليّة لاستغلالها أفضل استغلال؛ مثل: قراءة القرآن ، وقراءة الكتب والمجلات المفيدة، وسماع الأشرطة الهادفة، ووضع البرامج العائليّة لكسر الرّوتين اليوميّ، وصِلة الرّحم، والتواصل مع الجيران، وزيارة المعارض والفعاليّات، وتنمية المواهب والمهارات.
- القيام بالواجبات، ومذاكرة المواد الدراسية أولاً بأول، وممارسة الأنشطة المختلفة والمتنوعة التي تعزز الشخصية وتنميها كالأنشطة الرياضية، وغيرها.
- الالتزام باللباس الساتر المُطابِق للمواصفات والضوابط الشرعيّة.
- اختيار الزوج المسلم الصّالح، حسن الخُلُق، وصاحب الدّين الذي حثّ الإسلام على الزواج منه.
حُكم النّصيحة
أمر الله -سبحانه وتعالى- ورسوله المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- بعموم النّصيحة على عموم المسلمين ، في كلِّ حالٍ وكل وقتٍ يجد المسلم أنّ أحداً من الخلق يحتاج نصيحته وكان أهلاً لها، وذلك لما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الدِّينُ النَّصيحةُ قلنا: لمن؟ قال: للَّهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم)، فالأصل في النّصيحة الوجوب على كلِّ مسلمٍ لأخيه المسلم، فلا ينبغي على مسلمٍ ترك نُصح أخيه المسلم متى قدر عليها، وعلم بحاجة أخيه لها، وهي فريضة على الكفاية كما يرى ابن بطال؛ حيث نُقِل عنه أنّه قال: (والنّصيحة فرضٌ يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين).
كما يذكر النوويّ في شرحه على صحيح مسلم أنَّ النّصيحة للمسلمين باستثناء وُلاة الأمر، تكون بإرشادهم لمصالحهم في الدنيا والآخرة، والكفّ عن أذاهم، وكفّ الأذى عنهم، وتعليمهم ما يجهلون من الدّين وما يُعينهم عليه من القول أو الفعل، وستر عيوبهم وعوراتهم، وسدّ التقصير الواقع منهم، ودفع المضارّ التي تنتج عن بعض أفعالهم باللين من القول أو الفعل، وجلب النَّفع لهم، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر؛ بإخلاصٍ ورفقٍ وشفقةٍ مع الانتباه إلى توقير كبيرهم والرّحمة بصغيرهم، وصيانة أموالهم والذَّب عنها، وصيانة أعراضهم، وحثِّهم على التَّخلُّق بما حمُد من الخصال، وترك الأفعال المُستقذَرة في الدنيا والدّين، وتنشيطهم لفعل الطاعات، وأن يُحبّ الناصح لهم ما يحبّه لنفسه من أبواب الخير وأصنافه، ويكره لهم كذلك ما يكره حدوثه لنفسه من أبواب المكروه والذنوب، وتلزم النّصيحة على المسلم بقدر طاعته؛ فلا يُكلِّف نفسَه فوق طاقتها إذا علِم أنّ نُصحه وقوله مقبولان، وأنّ أمره سيُطاع.
وتجب المبادرة بالنُّصح إذا حصل تقصيرٌ في واجبٍ من الواجبات الشرعيّة ؛ بحيث يُخشى فوته على المنصوح إن تأخّر الناصح عنه، كما يجب إنكار المنكر حسب الطاقة، بما لا يؤدّي إلى إلحاق ضررٍ أكبر بالنّاصح، أو المنصوح له، أو بغيرهما من الناس، وذلك لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مَن رأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ، وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ)، هذا بخصوص حُكم النّصيحة لعامة المسلمين، أمّا حكم النّصيحة للأفراد ففيه خلافٌ بين الفقهاء وهو على النّحو الآتي:
- يرى الظاهريّة بخصوص حكم النّصيحة أنّها فرض عين على كلّ مسلمٍ ومسلمة.
- ذهب جمهور أهل العلم إلى القول بأنّ النّصيحة فرضُ كفايةٍ لا فرض عين؛ فتسقط عن الباقين إذا قام بها بعض المسلمين، وتصبح واجبةً على جميعهم إذا قصَّروا فيها جميعاً.
- التفصيل؛ حيث تكون النّصيحة فرض عين في حال طلب أحد المسلمين من ولاة الأمر النُّصح، ويستوي في ذلك جميع من يُطلَق عليه لفظ الولاية، مثل: الوالد، أو الزّوج ، أو والي الحسبة، وغيرهم.