نبذة عن أوليفر ساكس
مولد ونشأة أوليفر ساكس
أوليفر ساكس هو كاتب وطبيب أعصاب، أصله من بريطانيا، تميّز بتعاطفه مع مرضاه، كان والده طبيبًا وأمّه كذلك، وقد ولد ساكس في عام 1933م في لندن في الجالية اليهودية الأرثوذكسية في كريكلوود، وعاش طفولته في ظلال الحرب، وعندما بلغ أوليفر 8 سنوات من عمره، انتقل إلى مدرسة داخلية، تميزت بانضباطها القاسي، وفي وقت مبكر من حياته، تعرّض ساكس لمرض يُسمّى "عمى الوجوه"، ممّا كان يُشعره بالخجل، وهذا المرض يعني صعوبة التعرُّف على الوجوه.
اسمه بالكامل الطبيب أوليفر صمويل ساكس، واسم والدته موريل إلسي لانداو، وهي من الجراحيين الأوائل في إنجلترا، وكان والده كذلك الأمر يعمل طبيبًا، فقد كانت عائلته كبيرة ومليئة بالأطباء والعلماء، ولُقّب بطبيب الصحوة، وذلك نسبةً إلى الفيلم الذي حاز على إعجاب الجماهير، والذي عرف باسم الصحوة.
نشأة أوليفر ساكس التعليمية
نشأ أوليفر ساكس في مدرسة داخلية أمضى بها أربع سنوات من حياته، وكان ذلك للهروب من الغارات الجوية التي كانت تقصف المدينة التي عاش بها، وفيما يأتي الدرجات العلمية والتعليمية التي حصل عليها ساكس:
- عام 1954م: حصل على درجة البكالوريوس في علم الوظائف والأعضاء بكلية كوينز في أكسفورد.
- عام 1958م: حصل على درجة طبيب عام.
- عام 1959م: أمضى فترة تدريب في مستشفى ميدلسكس في لندن.
- عام 1960م: عمل كجراح منزليّ في مستشفى الملكة إليزابيث في برمنغهام.
- ما بين عامي (1961م -1962م): أمضى فترة تدريب في مستشفى ماونت زيون في سان فرانسيسكو.
- ما بين عامي (1962م - 1965م): عمل كمقيّم في علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
الحياة المهنية لأوليفر ساكس
تميز الطبيب أوليفر ساكس ببراعته في الطب والتعاطف مع مرضاه، وفيما يأتي أبرز إنجازاته المهنية:
- عمل ساكس مدرسًا في كلية ألبرت أينشتاين للطب في حي برونكس بمدينة نيويورك عام 1965م.
- أصبح ساكس أستاذًا إكلينيكيًا لعلم الأعصاب عام (1966م - 1975م)، وانضم إلى طاقم مستشفى "Beth Abraham" كطبيب أعصاب، وهي مؤسسة خيرية في برونكس.
- تجلّى تعاطفه مع مرضاه واضحًا في فيلم الصحوة؛ إذ تقمّص الممثل روبن ويليامز شخصيته، وأظهر مدى تكريس ساكس حياته للمرضى الذين يعانون من أمراض في الجهاز العصبي، وكان من ضمن الحالات التي يعالجها حالات ميؤوس منها.
- تميّز بمجهوده في مجال الطب، وكذلك في الكتابة والشعر حتى أُطلق عليه لقب "الشاعر الحائز على جائزة".
- يُفضّل كتبه العديد من القراء، حتى إنّها من أكثر الكتب مبيعًا.
- تروي الكتب التي كتبها أوليفر ساكس حكايات إكلينيكية (سريرية)، تمثلت في إحدى الروايات قصة فنان لا يستطيع رؤية الألوان، وقصة مشفى مليء بالمرضى يستيقظ بها مريض نفسي من كتالونيا ويحكي رحلته الطويلة، وقد عبّر في هذه الأعمال عن حكمة وأخلاقية الطبيب.
- وثّق أوليفر العديد من الحالات التي مرّت عليه، في كتاب "Awakenings"، مع مرور الوقت تم تعديل كتابه، وصدر عنه فيلم رُشح لجائزة الأوسكار، ونُشر الكتاب عام 1973م، وكان الفيلم من إخراج بيني مارشال.
- وصف ساكس تجاربه في رسالة، قام بتوجيهها إلى مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، عام 1970م.
- فيلم مالكولم ساير وهو نفسه فيلم الصحوة، لكن فيما بعد أعاد ساكس تسميته، هذا الفيلم زاد من شعبية ساكس، وجعله محبوبًا من الجمهور؛ إذ أثبتَ قدرته في التعرف على الاضطرابات العصبية الأكثر إرباكًا، ومنها متلازمة تزريت، والتوحد، والألزهايمر.
- كتاب "الرجل الذي حسب زوجته قبعة"، عام 1985م وهي تروي قصة مريض حاول اقتلاع رأس زوجته اعتقادًا منه أن رأسها قبعة يمكن ارتداؤها.
- عمله في مجلد "عالم أنثروبولوجيا على سطح المريخ" عام 1995م، هذا العمل يروي قصص شاذة تُظهر قوى كامنة وتطورات وأشكال من الحياة لا يمكن رؤيتها أو تخيلها.
الحياة الشخصية لأوليفر ساكس
عاش ساكس وتوفي عازبًا، لكن ثمة خطب ما في حياة ساكس، فقد كان يمارس الأعمال الجنسية المثلية، ووصفته أمه بأنه رجس، وقالت إنّها تتمنى لو لم تلده بسبب نشأتها الأرثوذكسية، وكتب عن والدته في أحد كتبه، "كلماتها تطاردني طوال حياتي، ولعبت دورًا رئيسًا في تثبيط وحقن الذنب، بما كان ينبغي أن يكون تعبيرًا حرًا ومبهجًا عن الحياة الجنسية"، إذ إنه لم يتم تجريم الأعمال الجنسية المثلية حتى الستينيات.
تمّت الإشارة في القصص الإخبارية إلى عزوبة ساكس عام 1995م، إلا أنه لم يتم التعبير عن توجُّه ساكس الجنسي، وعن انفتاحه، واكتئابه، وتعاطيه للمخدرات، كما أنه كان مولعًا بالدرجات وكمال الأجسام في فترة شبابه، ولكنه بعد ذلك أصبح طبيبًا يعالج أصعب الحالات المرضية.
أهم مؤلفات أوليفر ساكس
يُعدّ أوليفر ساكس من أشهر الأطباء والمؤرخين، فقد مرّ عليه العديد من الحالات المرضية التي أرّخها من خلال مؤلفاته، وتعدّ قصة الرجل الذي اعتقد بأن رأس زوجته قبعة يمكنه أن يرتديها، من أبرز القصص التي واجهها ساكس، وفيما يأتي أبرز مؤلفاته:
- نزعة إلى الموسيقى: حكايات الموسيقى الدماغ: عام 2007، يشرح هذا الكتاب وظيفة الموسيقى في دماغ الإنسان ، ومدى تأثيرها على العقل البشري وما هي حالته، كما يسرد كيف أصبحت الموسيقى ترياقًا للعقل البشري بالذات بالنسبة لأشخاص عانوا من مشاكل عصبية، وانجذبوا للموسيقى.
- عالم أنثروبولوجيا على سطح المريخ: عام 1995م، وهي عبارة عن سبع حكايات متناقضة، لمرضى يعانون من خلل في التوازن العصبي، وكيف غيّر بعض الأشياء بهم.
- الهلوسة: عام 2012م، وهو عبارة عن كتاب سيرة ذاتية، يشرح فيه أن الهلوسة عبارة عن مشكلة حسية، ولا تقتصر على المجانين فقط، إذ تسلط الضوء على بنية وتنظيم الدماغ البشري.
- كتاب في الطريق: عام 2015م، يسرد هذا الكتاب قصة طبيب يعاني من تعاطي المخدرات، إلى أن يجد طريقه، كما تسرد القصة العلاقات العاطفية الخاصة بذلك الطبيب وإحساس الشعور بالذنب، وعلاقة الطبيب بأخيه وأصدقائه في مجال الكتابة والعلم.
- الامتنان: عام 2015م، وهو كتاب يبرز امتنان ساكس لحياته، وعلى الرغم من شعوره بالخوف من المستقبل بسبب مرض السرطان الذي يحاربه ، فإنه يشعر بالامتنان أكثر من الخوف.
أوليفر ساكس وحبه للموسيقى
لم يكتفِ ساكس بحبه للموسيقى وكونه هاويًا البيانو، إلا أنه وضّح علاقة الموسيقى بالدماغ؛ إذ تبيّن أنّه لا يوجد مركز واحد في الدماغ للموسيقى، بل يوجد من 20 إلى 30 شبكة تُحلّل مكونات الموسيقى، فيندفع البعض عند سماع سنفونية بالبكاء، بينما ينظر إليها البعض على أنّها عبارة عن قعقعة لا قيمة لها، وتحدّثَ ساكس في كتبه ومقالاته عن حالة تُسمّى "Amusia"، وهي تسرد قصة أشخاص تطاردهم الهلوسة الموسيقية.
وصف حالة أحد المرضى الذين تُطاردهم الهلوسة الموسيقية، بأنها "صندوق الموسيقى داخل الجمجمة"، ووصف نفسه بأنه أقل موسيقي بين أفراد عائلته، ويقول ساكس عن الموسيقى: "هي واحدة من الأشياء الوحيدة التي تبقيه متمسكًا بالعالم".
جوائز حاز عليها أوليفر ساكس
تميّز أوليفر ساكس بأعماله وكتاباته التي نالت إعجاب الكثيرين، ممّا أسهم في نجاحه وتكريمه وحصوله على العديد من الجوائز، ومنها ما يأتي:
- تسلّم جائزة لويس توماس عام 2002م: من جامعة روكفلر، وحصل في العام نفسه 2002م على الجائزة نفسها بسبب عمله "السرد والعلم".
- حصل على جائزة لويس توماس عام 2001م: من جامعة روكفلر، بسبب الكتاب الأكثر مبيعًا "Awakenings"، والذي كان أساسًا لفيلم يحمل الاسم نفسه.
- حصل على جائزة "تكريم العالم بشاعر" عام 1993م: فهو كاتب بارع في مجالات العلوم والأدب على حدٍ سواء، وكان ذلك التكريم في قاعة Caspary" Auditorium" بالجامعة.
- حصلت أعماله على العديد من الجوائز عام 2001م: مثل "الرجل الذي حسب زوجته قبعة"، و"ذكريات طفولة كيميائية"، و"العم تنجستن"، وترجمت أعماله إلى 22 لغة.
- حاز على جائزة الكتاب الوطني عام 1974م: وذلك عن مقالاته التي أصبحت الآن كلاسيكية، بعنوان "The Lives of a Cell".
اقتباسات أوليفر ساكس
يوجد العديد من الاقتباسات الموثقة لأوليفر ساكس، وفيما يأتي بعضها:
- "كلّ فعل من أفعال الإدراك هو إلى حدٍّ ما فعلٌ من أعمال الخلق، وكلّ فعل من أفعال الذاكرة هو إلى حدٍّ ما عمل من أعمال التخيل" من كتاب ميوزيكوفيليا.
- "ديني هو الطبيعة هذا ما يُثير مشاعرَ الدهشة والتصوف والامتنان بداخلي"، من كتاب عالم الطبيعة.
- "نحنُ نتحدّث ليس فقط لنُخبِر الآخرين بما نُفكّر فيه، ولكن لنخبر أنفسنا بما نفكر فيه. الكلام جزء من الفكر"، من كتاب رؤية الأصوات.
- "إذا فقد الرجلُ ساقًا أو عينًا، فهو يعلم أنّه فقد ساقًا أو عينًا، ولكن إذا فقد ذاتًا -هو نفسه- لا يُمكنه أن يعرفها، لأنه لم يعد هناك ليعرفها"، من كتاب الرجل الذي حسب زوجته قبعة.
وفاة أوليفر ساكس
تُوفّي الطبيب والكاتب والشاعر أوليفر ساكس عن عمر ناهز 82 عامًا، في 30 أغسطس من عام 2015م، بعد صراع طويل مع المرض، وكان قد اكتشف أوليفر أنّه مُصابٌ بالسرطان في عام 1990م، وقد توفّي في منزله في مدينة منهاتن، ونشرت العديد من الصحف والمجلات خبر وفاته، مثل: نيويورك تايمز، ونيويورك ريفيو أوف بوكس، وهي المجلة التي نشرت جميع كتاباته.