موقف الإسلام من وأد البنات
ما هو وأد البنات؟
هو حكم من الأحكام التي اتخذها العرب في الجاهلية ، ويعني ذلك أنهم كانوا يقوموا بدفن بناتهم وهنَّ أحياء بهدف قتلهنَّ، قال -تعالى-: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ).
بيّنت الآية الكريمة موقف الأب عندما يعلم أن مولوده أنثى، فإنه يبقى حزينًا ويصبح وجهه مسودًا وهذا يدل على شدة حزنه وخيبة أمله بأن لا يكون مولوده ذكرًا، وبسبب ذلك يذهب إلى مكان للاختفاء فيه من قومه ويناقش مع نفسه بماذا سيفعل بها هل يتركها حية أم يقتلها بدفنها وهي على قيد الحياة.
وقوله -تعالى-: (أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)، يدل على سوء وبطلان حكمهم لأنّ الله -تعالى- عندما خلق الكون خلق معه الذكر والأنثى ليزداد عددهم ويبقى نسلهم مستمر، فإذا قاموا بقتل أحدهم ينقطع فيه النسل وهذا يؤدّي إلى فساد الكون وعدم استمرارية الحياة.
سبب الوأد في الجاهلية
كان أول من قام بقتل الأنثى وهي حية هو قيس بن عاصم المنقري التميمي، كان رجلاً حليمًا يتسمُ بالحكمة والكرم ولكن لم تساعده هذه الصفات الحسنة في كبح نفسه ومنعها من قتل ابنته خوفًا من أن يلحقه العار، فقام بكسر عنقها ودفنها حية بالتراب.
وكانت المذاهب الموجودة في العرب آنذاك يختلف رأيهم في موضوع وأد البنات كلٌّ حسب مذهبه، منهم من كان يستخدمه بسبب الغيرة والخوف من العار، ومنهم كان يقتلهنَّ نتيجة صفات معينة تولد مع الفتاة كأن تكون بشرتها سوداء أو تكون عرجاء، وكان بعضهم يتأخر بقتلهنّ بسبب سفرالأب فيقومون بوأدهنّ في عمر كبير.
موقف الإسلام من وأد البنات
جعل الإسلام للمرأة مكانةً رفيعةً وقام بتكريمها وحمايتها من الظلم الذي كان واقعٌ عليها، فجعلها تتحمل مسؤوليات كبيرة وهذا يدل على قدرتها الكبيرة وأهليتها، وكرّمها بالثواب والأجر والجزاء و دخول الجنة كما قال -تعالى- في قوله: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أو أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً).
من وجوه تكريم الإسلام للمرأة أنه قام بتكريمها كأم وذلك في قوله -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ)، وكرمها أيضًا عندما كانت طفلة، حيث كان للإسلام رأيًا آخرًا في موضوع وأد البنات فقد أنكره بشدة وحرمه، قال -تعالى- في كتابه الكريم: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ).
وكانت عادة العرب في الجاهلية هو قتل البنات، وكان السبب في قتلهم هو الشعور بالراحة أو ليتخلصوا من العار أو للتخلص من نفقة تربيتهم وخشة الفقر، وبعد بعثة الرسول -عليه السلام- أمره الله -تعالى- بنهي الناس عن هذه العادة الباطلة والمنكرة وحثهم على تركها وتحريمها، كما جاء في قوله -تعالى-: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً).
أدلة من السنة النبوية الشريفة عن حرمة وأد البنات
- عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حَرَّمَ علَيْكُم: عُقُوقَ الأُمَّهاتِ، ووَأْدَ البَناتِ، ومَنْعًا وهاتِ، وكَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضاعَةَ المالِ).
- عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- إنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يقولُ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أعْطَيْتَ، ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ وكَتَبَ إلَيْهِ أنه كانَ يَنْهَى عن قيلَ وقالَ، وكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وإضَاعَةِ المَالِ، وكانَ يَنْهَى عن عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، ووَأْدِ البَنَاتِ، ومَنْعٍ وهَاتِ).
- عن عقبة بن عامر-رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ لَهُ ثلاثُ بَناتٍ فصبرَ عليهنَّ، وأطعمَهُنَّ، وسقاهنَّ، وَكَساهنَّ مِن جِدَتِهِ كنَّ لَهُ حجابًا منَ النَّارِ يومَ القيامَةِ).
- عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: (جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فأطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فأعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ منهما تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بيْنَهُمَا، فأعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الذي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ أَوْجَبَ لَهَا بهَا الجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بهَا مِنَ النَّارِ).