موضوعات سورة النصر
التعريف بسورة النصر
تعتبر سورة النصر من السور التي نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وعليه فإنها من السور المدنية، يبلغ عدد آياتها ثلاث آيات، وقد جاءت السورة لتزفّ البشرى لرسول الله وصحابته الكرام باقتراب النصر والعون من الله لهم، وإتمام هذا الدخول ودخول أمم كثيرة من الناس فيه، وأنّ النصرة في نهاية الأمر ستكون لرسالة الإسلام وأهل الإسلام على غيرهم من الأمم.
وقد جاء نزول سورة النصر بالتحديد بعد سورة التوبة ، وكان نزولها حين كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في منى في حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، وتعدّ آيات سورة النصر آخر ما نزل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من القرآن الكريم.
وهذا بعدما انتهى رسول الله من رسالته وأكمل دعوته، وبدأ الناس يدخلون في رسالة الإسلام أفواجاً وجماعات، ويعود سبب تسمية السورة لما ورد فيها من قول الله -تعالى-: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ).
وذكر البيضاوي أنّ سورة النصر تسمّى سورة التوديع، وروي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه لمّا سمعها بكى وقال: الكمال دليل الزوال، وفي الحديث الذي رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ عمر سأل أشياخ بدر فقال: (ما تَقُولونَ في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أنْ نَحْمَدَ اللَّهَ ونَسْتَغْفِرَهُ إذَا نُصِرْنَا وفُتِحَ عَلَيْنَا، وسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شيئًا، فَقالَ لِي: أكَذَاكَ تَقُولُ يا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلتُ: لَا، قالَ: فَما تَقُولُ؟ قُلتُ: هو أجَلُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعْلَمَهُ له، قالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وذلكَ عَلَامَةُ أجَلِكَ، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}، فَقالَ عُمَرُ: ما أعْلَمُ منها إلَّا ما تَقُولُ).
موضوعات سورة النصر ومقاصدها
نزلت سورة النصر على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- متضمنةً مجموعة من الموضوعات والمقاصد، وهذه الموضوعات على النحو الآتي:
- ذكر نعي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعدما أتمّ الرسالة وأدّى الأمانة، والتوجيه له -عليه السّلام- أن يقبل على الله بالتوبة والاستغفار، والتسبيح والتحميد، وشكر الله على نعمه.
- ذكرت الآيات في السورة الكريمة ما يتوجب على المسلمين عند الفتح والنصر من الاستغفار عمّا وقع منهم من التقصير تجاه رسالة الإسلام، وبيّنت الآيات أن الله لن يرد عبداً توجه إليه بالتوبة، فهو التوّاب الذي يقبل توبة التائبين.
- روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يتعلق بما تضمنته سورة النصر فقالت: (ما صَلَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَاةً بَعْدَ أنْ نَزَلَتْ عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفَتْحُ} إلَّا يقولُ فِيهَا: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي).