موضوعات سورة التين
الموضوعات التي تناولتها سورة التين
تناولت سورة التين ثلاثة من المواضيع المرتبطة بالإنسان وعقيدته وفطرته وهي:
بيان أن الإنسان ذو منزلة رفيعة
حيث إنّ الله عز وجل قد خلقه في أحسن تقويم وهو من أفضل المخلوقات التي خلقها وأبدع في تركيبه، واستخدم الله -عز وجل- في قوله: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)،أسلوب القسم والمقصود به هو توضيح وبيان أنّ الموطن الأصلي لهما هو الأرض المباركة فلسطين.
واستدلّوا على ذلك بسبب أنّ الله -تبارك وتعالى- أُتبع هذه الآية بذكر طور سينين في قوله -تعالى-: (وَطُورِ سِينِينَ)، و الطور هو الجبل والمكان الذي كلّم فيه الله -عز وجل- سيدنا موسى -عليه السلام-،والسنين هو مكان شديد الخضرة وفيه أشجار كثيرة.
وقوله -تعالى-: (وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ)،أنّ الله عز وجل استخدم أسلوب التدرّج في القسم، ففي الآية الأولى قد أقسم بالتين والزيتون وهو المكان الذي وُلد به سيدنا عيسى عليه السلام، وبعدها أقسم بطور سينين وهو كما ذكرنا سابقاً المكان الذي كلّم الله تبارك وتعالى فيه موسى عليه السلام، ثم أقسم بالبلد الأمين؛ أي موطن محمد صلى الله عليه وسلم وهو مكة المكرمة الذي من دخله كان آمنا.
واستخدم الله -تبارك وتعالى- القسم في أول ثلاث آيات وبيّن أنّ المقصود به هو الإنسان في قوله -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)،وأوضح الله -عز وجل- أنّ الإنسان أحسن مخلوقاته لجمال خَلقه وبديع تركيبه، فقد خلقه الله تعالى بطول جميل ويقوم باستخدام يديه للأكل ثم ألبسه الثياب واللباس ليكون في صورة جميلة.
بينت الآيات الكريمة المستوى الذي وصله الإنسان
بأعماله التي تغضب الله تعالى، وهذا يؤدي إلى دخوله جهنم وذلك لأنه كفر بالله تعالى ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام وعدم إيمانه بيوم القيامة و البعث والجزاء ، وقوله -تعالى-: (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ)،أي أرجعناه إلى نار جهنم بعد أن جعله الله تعالى مُتميزًا عن جميع مخلوقاته، هذا بسبب نتيجة أفعاله بعدم إطاعة أوامر الله -تعالى- واتباع سنة الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-.
والمقصود في هذه الآية هم الكفار والمنافقون الذين رفضوا وعصوا أوامر الله -تعالى-، وقيل أيضاً إنّ المقصود بهذه الآية هو الانحراف عن الفطرة التي وضعها الله تعالى في نفس الإنسان فيقوم بفعل ما تأمره نفسه من الملذات والشهوات وينسى طاعة خالقه عز وجل.
وقوله تبارك -تعالى-: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)،في هذه الآية يقول الله عز وجل أننا خلقنا الإنسان في أحسن صورة ثم كان مصيره النار بسبب انحرافه وتغيير اتجاهه عن فطرته السليمة إلا الذين آمنوا بالله -تعالى- إيماناً خالصاً وساروا على ما يوافق فطرتهم فيكون جزاءهم الأجر والثواب الدائم والعظيم.
يتحدث الله تعالى في هذه الآيات عن المبدأ الذي يتخذه يوم القيامة
وهو مبدأ العدل؛ ومن كان يعمل صالحًا فله جزاء وثوابًا عظيما ومن كان يعمل بالسيئات فله عذابٌ شديد، قوله -تعالى-: (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ*أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ)،أي ما العذر الذي يجعلك لا تؤمن بالآخرة وجزاءها، ولقد علمت أنّ الله -تعالى- يستطيع أن يقوم بتكوينك بعد موتِك فمن قدر على أن يَخلُقَ لأول مرة فهو قادر على فعلها مراتٍ عديدة تبارك وتعالى عمّا يقولون فهو قادر على فعل كل شيء.
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
سورة التين هي سورة مكية عدد آياتها ثماني آيات، نزلت في مكة المكرمة بعد سورة البروج وقبل سورة قريش حيث نزلت سورة البروج بين هجرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى الحبشة، وحادثة إسراء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القدس، فيكون تاريخ نزول سورة التين في هذا التاريخ أيضاً.
والموضوع الرئيسي والأساسي التي تناولتها آياتها الكريمة هي الفطرة الصحيحة والسليمة التي جعلها الله -عز وجل- في عباده منذ ولادته، ويُثبت الله -عز وجل- ويُبين هذه الحقيقة بقوله؛ التين والزيتون وطور سنين، وهذا البلد الأمين، وسُميّت بسورة التين نسبة للآية الأولى من آياتها.
وردت معاني كثيرة على مفهوم التين والزيتون؛ فقيل أنهما جبلان موجودان في الشام، وقيل هما الثمرتان اللتان نعرفهما في حياتنا وقد استخدم الله -تعالى-أسلوب القسم في قوله:(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)،لأنهما من الأشجار التي تتمتع بفوائدها الغنية وخيراتها الكثيرة ومن مميزاتها أيضاً أنها تُعطي ثمرًا.