موضوع عن عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب
هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي العدويّ القرشيّ، وأمّه حنتمة بنت هشام أخت أبي جهل، وقد وصفه العديد من الصحابة رضي الله عنهم، حيث قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: "كان أبي أبيض تعلوه حمرة، طوالا، أصلع، أشيب"، وقال سماك بن حرب رضي الله عنه: "كان عمر أروح، كأنه راكب والناس يمشون، كأنه من رجال بني سدوس"، وقيل إنه كان طويل القامة، أحمر البشرة، شديد الصلع، أمهق، أعسير أيسر، يخضب بالحناء، وفي عارضيه خفّة، وإذا مشى أسرع.
وأما صفاته الشخصية فأهمّ ما ميّزها الحزم والصرامة، فقد ترعرع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في كنف أبيه وتعلّم منه الحزم والشدّة، فكان لا يقبل أنصاف الحلول، وكان من أقوى فرسان قريش جسداً، وأشجعهم قلباً، وأرجحهم عقلاً، وهو ما جعل له مكانةً رفيعةً في قريش في الجاهلية، حيث تولى أمر السفارة، فكانوا إذا وقعت حربٌ بينهم وبين قبيلةٍ أخرى أرسلوا إليهم عمر بن الخطاب سفيراً، ومع بداية الدعوة إلى الإسلام كان عمر بن الخطاب في الصفّ المعادي للإسلام، وسخّر كل قوته للصدّ عن تلك الدعوة الناشئة في مكة، وكان يصرّ على موقفه ولا يتردّد في إيذاء المسلمين، حتى إن أخته فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد -رضي الله عنهما- لم يسلما من بطشه، وبدا للناظر حينها استحالة إسلام عمر .
إسلام عمر بن الخطاب
استمرّ عداء عمر بن الخطاب للإسلام والمسلمين، حتى حدثت الهجرة الأولى للمسلمين إلى الحبشة، عندها بدأ عمر يشعر بالحزن والأسى لتشتّت بني قومه وما حلّ بهم من العذاب والتنكيل، فقرّر أن يضع حداً لما كان يعتقد أنه السبب في تشتّت أبناء قريش وفرقتهم، فحمل سيفه وخرج ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه رجلٌ من بني زهرة يكتم إيمانه، فقال له: "أين تعمد يا عمر"؟ قال: "أريد أن أقتل محمّدًا"، فقال: "أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟" ثم أخبره بإسلام أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد ليصرفه عن النبي عليه الصلاة والسلام، فأسرع عمر نحو دار أخته وزوجها، وكان عندهما خباب بن الأرت -رضي الله عنه- يعلّمهما القرآن ، فلمّا سمع صوت عمر اختبأ.
وما إن دخل عمر بن الخطاب حتى لطم زوج أخته من شدّة الغضب، فقامت إليه أخته فلطمها وتناثرت الدماء على وجهها، وفي تلك اللحظة شاء الله -تعالى- أن يهدي قلب عمر للإسلام، فرأى الصحيفة التي كانت عند أخته فقرأ ما بها؛ فشرح الله -تعالى- صدره للإسلام، ثم ذهب إلى بيت الأرقم وأعلن إسلامه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج المسلمون إلى المسجد الحرام في صفّين أحدهما على رأسه حمزة بن عبد المطلب، والآخر على رأسه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فلما رآهم كفار قريش أصابتهم كآبةً لم تصبهم مثلها قط، ويومها لقّبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالفاروق.
فضائل عمر بن الخطاب
هو عمر الفاروق رضي الله عنه، ثاني الخلفاء الراشدين ، وأوّل من سُمّي بأمير المؤمنين، وهو الذي أيّد الله -تعالى- به الإسلام، وفتح به الأمصار، وقد وردت الكثير من النصوص التي تدلّ على عِظم فضله، وفيما يأتي بيان بعضها:
- من المبشّرين بالجنة : يُعدّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من العشرة المبشّرين بالجنة ، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأبي موسى الأشعري: (افتَحْ له وبشِّرْه بالجنَّةِ)، فلمّا فتح أبو موسى -رضي الله عنه- وجد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فبشّره بالجنة.
- فرار الشياطين منه : حيث روى سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إيهٍ يا ابنَ الخطابِ! والذي نَفْسِي بيدِهِ ما لقِيَكَ الشيطانُ قطُّ سالكًا فجًّا؛ إلَّا سلَكَ فجًّا غيْرَ فَجِّكَ).
- كان إسلامه عزّةً وقوّةً للمسلمين: حيث روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ).
- نزول القرآن الكريم موافقاً لرأيه: وافق القرآن الكريم رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في العديد من المواقف، ومنها رأيه بعدم صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول عند وفاته، حيث قال حينها للنبي عليه الصلاة والسلام: (تُصَلِّي عليه وهو مُنَافِقٌ، وقدْ نَهَاكَ اللَّهُ أنْ تَسْتَغْفِرَ لهمْ؟ قالَ: إنَّما خَيَّرَنِي اللَّهُ -أوْ أخْبَرَنِي اللَّهُ- فَقالَ: اسْتَغْفِرْ لهمْ، أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لهمْ، إنْ تَسْتَغْفِرْ لهمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لهمْ، فَقالَ: سَأَزِيدُهُ علَى سَبْعِينَ)، ثم صلّى رسول الله على عبد الله بن أبيّ فنزل قول الله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنهُم ماتَ أَبَدًا وَلا تَقُم عَلى قَبرِهِ إِنَّهُم كَفَروا بِاللَّـهِ وَرَسولِهِ وَماتوا وَهُم فاسِقونَ).
خلافة عمر بن الخطاب واستشهاده
كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من المقرّبين للرسول صلى الله عليه وسلم، وللخليفة أبي بكرالصديق -رضي الله عنه- من بعده، حيث كان محلّ ثقتهم ومشورتهم، فهو الذي اقترح على أبي بكر الصديق جمع القرآن الكريم ، وفي أواخر حياة أبي بكر الصديق شاور كبار الصحابة -رضي الله عنه- باستخلاف عمر بن الخطاب من بعده، فوافقوه الرأي، فعهد له بالخلافة، ولُقّب بأمير المؤمنين، وكان عهد خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مثلاً يُقتدى به في حسن السياسة، والتدبير، والتنظيم المالي والإداري، ورعاية مصالح المسلمين، و التخطيط لفتح البلاد، وسياستها، وإقامة الشورى، وتطبيق مبدأ العدل بين الرعية، وفي خلافته هزم المسلمون الروم والفرس، وبلغت الفتوحات الإسلامية مصر، والكوفة، والبصرة، واستمرّ توسّع الدولة الإسلامية إلى أن استُشهد عمر -رضي الله عنه- على إثر طعنةٍ غادرةٍ من أبي لؤلؤة المجوسيّ غلام المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- وهو يصلّي بالناس صلاة الفجر ، وتوفّي -رحمه الله- في الرابع من ذي الحجة من العام الثالث والعشرين للهجرة عن عمرٍ يناهز الثالثة والستين عاماً.