موضوع تعبير عن رحلة مدرسية إلى حديقة الحيوان
الرحلات المدرسيّة شغفٌ يشعل الحماسة في القلب، وفرصة رائعة للمرح وممارسة طقوس الطفولة واللعب، وهي المساحة الأجمل التي تُخزّن في ذاكرتنا، ونخبئ فيها أجمل ما فعلناه مع زملائنا، الذين شاركونا اللعب والضحكات، ومارسوا معنا الغناء والرقص والاحتفال، فلا شيء يزرع في القلب الفرح أفضل من رحلةٍ مدرسيةٍ نمرح فيها وننسى كل التعب.
من أكثر الأماكن التي نتوجّه إليها في رحلاتنا حديقة الحيوان، ربما تحمل هذه الرحلة تجربةً عميقةً، تجعلنا نفكر في عظمة خلق الله، ففي حديقة الحيوان تجتمع الكائنات من شتى مواطنها وأماكنها الأصليّة، فلأول وهلةٍ نظن أنفسنا قد وصلنا إلى عمق غابات إفريقيا، حين يطل علينا ملك الغابة بكامل هيبته، فيزأر في وجوهنا، فنختبئ بفرحٍ طفولي وخوفٍ مصطنع خلف أستاذنا، فتكتمل روعة المشهد بحضور النمر، وربما اللبؤة والفهد، أو قد نرى وداعة الغزال تغمرنا بالمشاعر الرقيقة، فنستذكر عظمة الخالق، الذي خلق الشراسة والوداعة، وأودع سره في أضعف خلقه.
ونحن نتجوّل في الحديقة يظهر أمامنا فجأة قفص القرود، هذه الحيوانات المليئة بالمرح والحياة، فتشاغب وتحاول أن تلعب معنا، وهي منهمكةٌ بأكل فاكهتها المفضّلة، ونسير قليلاً لنرى ملك الغرور بين جميع الطيور، فيفرد الطاووس ريشه البديع، فتظهر لوحة من أعظم لوحات الله في خلقه، فنشعر كأننا في حديقةٍ غناء تشبه الجنة، فها هو الطاووس يحيينا بريشه ثم يهرول في قفصه مسرعاً، وكأنه يقول لنا انتهت مدة مشاهدتكم لريشي الباهر!
وفي حديقة الحيوان أيضاً نرى ما لم نره من قبل، فنحن هنا في بقعةٍ صغيرةٍ، لكنها جمعت كل المتناقضات، وجمعت لنا كل البيئات، فبعد أن مررنا بالأسد واللبؤة والفهد والنمر والطاووس والقرد والغزال، يظهر أمامنا فجأة دب ضخم، فنشعر وكأننا قد تورّطنا في قتالٍ ما، ثم ما نلبث أن نتذكر أننا في حديقة الحيوان، وأن هذا الدب في القفص، فنضحك من سذاجتنا البريئة.
رغم كلّ الجمال الذي يحتوينا في الحديقة، لا بد من لحظات خوفٍ مبررة، خصوصاً إن كانت الأفعى لنا في المرصاد، تطل علينا بأنيابها، وجلدها الأملس، وجسمها الضخم، ورغم أنّها في الحديقة وفي القفص، لكننا نختار الهرب من منظرها، فنلاقي التمساح في استقبالنا، فيتهيّأ لنا وكأننا وصلنا إلى أحد مستنقعات الأمازون، وما إن نهرب من التمساح، حتى تطل علينا البومة، التي تطل بوجهها الحزين ربما، أو ربما الناعس، فتصدر صوتها المعروف على أسماعنا، فنتذكر فجأةً أننا لسنا أكثر من زوارٍ لحديقة الحيوان، وأن كل هذه الحيوانات لن تنقض علينا، فما أجمل رحلاتنا المدرسية، وما أعظم براءتنا!