موضوع تعبير عن الكهرباء
كيف اكتشفت الكهرباء؟
لقد عرف الإنسان الكهرباء منذ آلاف السنين، ولكنها آنذاك لم تكن معروفة كما هي عليه اليوم، فمن خلال الظاهر الطبيعية مثل البرق وبعض الحيوانات مثل سمك الرعاش الذي يصدر صعقات كهربائية للدفاع عن نفسه تعرَّف البشر على الكهرباء وعلى آثارها الخطيرة دون أن يعرفوا قيمتها أو استخداماتها، وقد أطلق المصريون القدماء على تلك الأسماك اسم صاعقة نهر النيل ووصفوها بأنها حامية جميع الأسماك، كما عرف البشر قديمًا الكهرباء الساكنة التي تنتج من الاحتكاك، وسجل بعض علماء الإغريق عدد من الملاحظات حول الكهرباء الساكنة التي تحول حجر الكهرمان إلى مادة مغناطيسية، وقد أشار الكثير من العلماء المسلمون والرومان إيلها لاحقًا، وبقيت تلك الهواجس حول الكهرباء عبارة عن تساؤلات وفضول إلى العصور الوسطى.
تعدُّ أقرب محاولة لاكتشاف ماهية البرق قبل القرن الخامس عشر هي إطلاق العرب اسم الرعاد على البرق، وقد عرفت الثقافات والحضارات التي كانت تطلّ على البحر المتوسط وجود أجسام مثل الكهرمان تعمل على جذب الخفيفة بعد حكها بفرو قطة مثلًا، ولكنهم كانوا يعتقدون أنَّ ذلك يعود للتأثير المغناطيسي، ولكن الأبحاث العلمية وجدت لاحقًا أنَّ هذا يعود للعلاقة بين الكهرباء والمغناطيسية، وقد بدأت الأبحاث الجادة حول الكهرباء في عام 1600م على يد أحد الأطباء الإنجليز، حيثُ قام بإجراء دراسات دقيقة حول الكهرباء والمغناطيسية وحاول أن يفرق بين الكهرباء الساكنة والحجر المغناطيسي وكانت تلك محاولة كبيرة في ذلك الوقت، وهو أوَّل من استخدم كلمة "electricus" من اللغة اللاتينية للدلالة عن الكهرباء، وهي من كلمة إلكترون وهذه الكلمة مرادفة في اللغة اللاتينية لكلمة كهرمان وتعني جاذب الأشياء.
تتابعت تلك الأبحاث حول الكهرباء على أيدي الكثير من العلماء، وفي عام 1800م اخترع العالم الإيطالي أليساندروا فولتا أوَّل بطارية كهربائية، وأُطلق عليها اسم البطارية الفولتية تكريمًا له، وفي عام 1821م اخترع العالم مايكل فارادي المحرك الكهربائي الذي أحدث ثورةً على مستوى العالم، وشهدت بداية القرن التاسع عشر تقدمًا كبيرًا في علوم الكهرباء، وفي نهاية القرن التاسع عشر انقلب العالم رأسًا على عقب بسبب ما وصل إليه الإنسان في مجال هندسة الكهرباء وأصبحت الكهرباء من الأدوات الرئيسة التي سيطرت على العالم.
ما أهمية الكهرباء في حياتنا؟
أصبحت الكهرباء منذ أواخر القرن التاسع عشر من الأدوات التي لا يمكن للبشر الاستغناء عنها أبدًا، فقد دخلت الكهرباء في جميع مفاصل الحياة بدءًا من المنزل الصغير الموجود في بادية بعيدة إلى ناطحة السحاب المنتصبة وسط أعظم المدن، ومن أصغر محل تجاري إلى الشركات العملاقة الضخمة، وقد استطاعت الكهرباء أن تحول الليالي المظلمة إلى نهارات مشرقة، ولم يعد الظلام يهزمُ الإنسان كما كان سابقًا، أنارَ الناس بيوتهم باستخدام الكهرباء واستطاعوا أن يؤمنوا لأنفسهم وقتًا أطول لقضاء المزيد من النشاطات المنزلية والاجتماعية كما وفرت لهم طمأنينة كبيرة بذلك، كما ساعدت الكهرباء في توفير الكثير من سبل الراحة في المنازل من خلال الأدوات الكهربائية الكثيرة التي لم تكن موجودة لولا وجود الكهرباء، مثل: الأفران الكهربائية والمايكرويف والغسالات والمكانس الكهربائية والثلاجات وأدوات المطبخ والتلفزيونات وغيرها كثير.
أمَّا خارج المنزل فلا يمكن حصر الخدمات التي قدمتها الكهرباء والتي تتزايد باستمرار من خلال اختراع أدوات حديثة وتقنيات جديدة تعمل جميعها أساسًا على الكهرباء، فقد أضاءت الكهرباء الشوارع، وأسهمت في تنظيم المواصلات والسير والحركة الجوية، إضافة إلى أنَّ وسائل التواصل جميعها لا تعمل دون كهرباء مثل الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية والحواسيب والإنترنت والخدمات المصرفية وغير ذلك.
أمَّا بالنسبة للمجالات الأخرى الصناعية، فإنَّ الكهرباء اليوم هي الشريان الأساسي بالنسبة لمختلف قطاعات الصناعة ومستوياتها، فقد وفَّرت في المصانع والمعامل الكثير من التعب والوقت، من خلال الآلات الكهربائية التي حلَّت مكان أيدي عاملة كثيرة، فأصبحت الصناعات أسهل وأسرع وأكثر جودة بسبب الدقة الهائلة التي توفرها الآلات، وكذلك في الزراعة أسهمت الكهرباء في تطورها من خلال المضخات الكهربائية التي أصبح استخدامها أسرع وأسهل بكثير، وفي القطاعات الإنشائية مثلًا وفرت الجهد والوقت في عملية خلط الإسمنت ونقل المواد وغير ذلك.
إنَّ أهمية الكهرباء تطغى اليوم على جميع مجالات الحياة، فاكتشاف المزيد من الأجهزة والأدوات الحديثة سواءً في الطب أو في الصناعة أو وسائل الاتصالات الحديثة يزيد من أهمية الكهرباء ويرسِّخ أهميتها أكثر وأكثر في حياة البشر، ففي المجال الطبي أصبحت حياة الناس في المشافي مرتبطة بالكهرباء لأنَّ أجهزة العناية المركزة تعتمد على الكهرباء، فإذا انقطعت الكهرباء عن مريض وهو في العناية المركزة فإنَّه يتعرض للموت، إضافة إلى ذلك فإنَّ للكهرباء قيمة ترفيهية من خلال الأنشطة الترفيهية الكثيرة التي توفرها، وقيمة جمالية من خلال إنارة المدن وإضاءتها وتزيينها بمختلف الوسائل التي تعتمد على الكهرباء.
كيف نقتصد في استهلاك الكهرباء؟
يجب على الإنسان أن يبذل قصارى جهده من أجل ترشيد استخدام الكهرباء، لأنَّها أصبحت من الأمور التي لا يمكن الاستغناء عنها، حيث يبدأ ترشيد استهلاك الكهرباء في مختلف الأماكن والقطاعات والمجالات من خلال تنظيم عمل مختلف الأجهزة الكهربائية بشكل كبير من خلال العديد من الإجراءات التي يمكن أن يقوم بها الإنسان في المنزل وخارج المنزل مثل: عدم فتح الثلاجات لفترات طويلة حتى لا يتسرب إليها الهواء الساخن؛ لأن هذا سيؤدي إلى عملها لوقت أطول، والالتزام بكي الملابس دفعةً واحدة، وتوفير الحماية والعزل لأنابيب المياه لتحافظ على حرارة المياه ولا تتعرض للبرودة بسرعة ما يضطر السخان الكهربائي للعمل فترات أطول.
يجب القيام بإجراءات فحص دورية للأدوات الكهربائية في المنزل والتأكد من عدم وجود خلل أو تسريب للتيار الكهربائي، التأكد باستمرار من إطفاء المصابيح الكهربائية جميعها والأجهزة الكهربائية المخلتفة غير المستخدمة، ويمكن إيجاد بدائل تستهلك كميات قليلة من الكهرباء بدلًا من الأجهزة التي تستهلك كميات كبيرة جدًّا، حيثُ يؤدي هذا التقنين إلى الحدِّ من الاستهلاك الكبير للكهرباء والذي يحمل آثارًا ضارةً على البيئة وعلى البشر عمومًا، بسبب الطرق الصعبة والمؤذية التي يتم توليد الكهرباء فيها.
تعدُّ الوسائل الحديثة للطاقة البديلة في الوقت الحالي من أهم السّبل التي يمكن استخدامها في ترشيد الكهرباء، مثل استخدام سخانات الماء الشمسية التي تعمل خلال النهار بتعرضها لأشعة الشمس وتؤمن المياه الحارة للإنسان طوال النهار وتحفظ المياه حارة في الليل، وبهذه الطريقة يستغني الإنسان عن الكهرباء من أجل تسخين المياه، كما يمكن اللجوء إلى تخزين الطاقة الشمسية واستخدامها لاحقًا في الإنارة وغير ذلك من الاستخدمات الكهربائية، حيث تعمل البطاريات الكبيرة على تخزين الطاقة الكهربائية نهارًا ويمكن للإنسان أن يستفيد منها، وفي الليل تقوم البطاريات بتزويد الإنسان بالكهرباء التي يحتاجها، ويمكن الاعتماد على طاقة الرياح في توليد الطاقة الكهربائية، والتخفيف من استخدام الطرق التقليدية المكلفة في توليد الكهرباء.
إنَّ جميع تلك السبل كفيلة بتقليل استهلاك الكهرباء وهذا سيعود بالنفع على الشخص نفسه وعلى المجتمع وعلى الدولة أيضًا، لأنَّ هذا سيقلل من فاتورة الكهرباء ويوفر قدرًا كبيرًا من المال، كما سيخفف من الأضرار الناجمة عن طرق توليد الكهرباء التقليدية، وبالتالي المحافظة على البيئة نظيفة وهذا ينعكس إيجابيًا على صحة الإنسان، وقد استطاعت العديد من الدول أن تقطع أشواطًا كبيرة في هذا المجال، وتحولت الكثير من المنازل والشركات والمؤسسات الكبيرة إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية بالكامل ولم تعد بحاجة إلى استخدام الكهرباء التقليدية.
ماذا لو كانت الحياة دون كهرباء؟
لا يمكن لإنسان يعيش في القرن الواحد والعشرين أن يتخيل الحياة دون كهرباء وأن يعود للعيش في عصور الظلام، حيثُ كانت القناديل ذات الضوء الخافت هي السلاح الوحيد للإنسان في وجه الظلام، عندما كانت النساء في كلِّ مكان تقوم بتجفيف أنواع كثيرة من الأطعمة من أجل حفظها دون ثلاجات، وكانت تقوم بغسل الملابس بيديها وتضطر أحيانًا للذهاب مسافات بعيدة للحصول على الماء، وأمَّا كي الملابس فكان يتم من خلال مكواة يدوية يتمُّ تسخينها على الموقد، كما سيضطر البشر للعودة إلى استخدام الوقود أو الحطب من أجل الطبخ والتدفئة ومخلتف النشاطات الأخرى، وهذا ما سينعكس سلبيًا على حياة الإنسان.
أمَّا وسائل التواصل الحديثة فستختفي بالكامل وهذا ما لا يمكن لإنسان أن يتخيله، فغياب الكهرباء يعني انتهاء عصر الإنترنت وغياب الهواتف النقالة والحواسيب والأجهزة الحديثة الأخرى، وهذا يعني عودة العزلة التي كانت تعيشها دول العالم ويعيشها البشر لآلاف السنين، بخلاف ما هي عليه في العصر الحيدث فقد استطاعت الكهرباء أن تحول العالم كله من خلال وسائل التواصل والاتصالات الحديثة إلى بيت صغير يجمع البشر وينقل أخبارهم في لحظات من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وستتعطل الصناعات بمختلف مستوياتها ومجالاتها، وتصبح بطيئة جدًّا كما كانت سابقًا، وسوف تزيد كلفتها مرةً أخرى بسبب الحاجة إلى مزيد من الأيدي العاملة في صناعتها، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها مرةً أخرى نتيجة ارتفاع تكلفة صناعتها.
يؤدي غياب الكهرباء إلى زوال جميع وسائل الترفيه التي يتمتع بها الإنسان اليوم مثل: الأجهزة الرياضية والألعاب الكهربائية وغيرها من وسائل الترفيه والزينة الحديثة، إنَّ جميع البشر اليوم الصغر والكبار لا يمكنهم الاستغناء عن الكهرباء، فالكهرباء نعمة كبيرة وغيابها سيؤدي إلى غياب كثير من الخدمات والوسائل التي توفر الراحة للبشر، وبكل تأكيد دون كهرباء ستعود الحياة أقسى مما كانت عليه وستصبح صعبة جدًّا ولا يمكن تحملها أبدًا.