موضوع تعبير عن العمل
الدنيا دار عمل
خلق الله الإنسان لإعمار هذه الأرض، ولا يكون الإعمار إلا بالسعي، فالإنسان مأمور بالسعي ثم التوكل، فالله الذي قدّر الرزق لكل إنسان لم يطلب منه أن يتواكل ويجلس عابدًا داعيًا منصرفًا عن الدّنيا بانتظار رزقه، إنّما أمره بالنهوض من أجل تحصيل هذا الرزق واستحقاقه بالطرق الحلال، ولا يكون هذا إلا بالعمل.
العمل أساس التقدم
تمكن أهمية العمل بأنّه أساس تقدم المجتمعات ونهضتها وتطورها، كما أنّه يُعين الإنسان على قضاء حوائجه من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، ويُغنيه عن سؤال الناس واحتياجهم، فيعيش الإنسان في ستر ونعمة، إذ لا بد من العمل لكسب المال اللازم لتأمين مستلزمات العيش، والإنسان مأجور على السعي والعمل؛ لأنه بعمله حقق غاية من غايات الخلق وهي إعمار الأرض.
كما حمى نفسه وأسرته من اللجوء إلى الطرق الحرام للكسب، فبالعمل والكسب الحلال يصير الإنسان منتجًا للمجتمع لا عالة عليه، ويُساهم في ازدهاره وتقدمه، قال الله تعالى : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.
بالإضافة إلى ما سبق، للعمل قيمة كبيرة في سائر المجتمعات والدول، فبه تزدهر البلدان، وتقل فيها نسبة الجرائم، ويقل الفقر ويعيش الناس في كفاف وسعة من الرزق، وتختفي بعض الظواهر الاجتماعية السلبية، مثل: التسوّل والسرقة، ويعيش الناس بأمان على أنفسهم وأموالهم دون خوف من تهديد بالسرقة أو القتل.
إتقان العمل ضرورة
إنّ إتقان العمل سلوك أخلاقي يُعزز قيم الأمانة عند الإنسان، وقد حث الإسلام على ذلك، إذ قال سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-: "إنّ الله يُحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يُتقنه"، وهذا يعني أداء العمل بجودة ممتازة مع إتمام ساعات العمل، بالإضافة إلى حسن التعامل مع الناس أو العملاء، فالموظف مثلًا في دائرة ما عليه أن ينجز عمله سريعًا دون تأخير للمراجعين أو إعاقة لمصالحهم.
بالإضافة إلى المعلم الذي يجب أن يُحسن تدريس طلابه ومعاملتهم، والطبيب يُراعي المرضى ويُقدم لهم العلاج المناسب، وصاحب المنصب كالوزير أو النائب يجب أن يُقدم مصالح الجماعة على مصالحه الخاصة، ويقوم بمسؤولياته على أكمل وجه، كي لا يشيع الفساد في البلاد، وتنهار المؤسسات التي يعمل بها، فيتفقد موظفيه ويتأكد من أدائهم لواجباتهم.
الصانع أيضًا يجب أن يتقن صنعته؛ كالنجار والحداد والخياط، بالإضافة إلى عمّال المصانع وعمال البناء، وغيرهم، فالإتقان أساس العمل، وبه يؤجر الإنسان، وإلا فإنه يكون غير مؤتمن أبدًا على عمل أو مال، فيخسر الأجر من الله تعالى، ويكون قد كسب ماله بغير وجه حق، فأدخل نفسه في باب الحرام، فتضيع البركة من ماله وعياله، وقد ينال العقاب من الله، ويخسر سمعته، يقول الشاعر أحمد شوقي :
أَيُّها العُمّالُ أَفنوا ال
- عُمرَ كَدّاً وَاِكتِسابا
وَاِعمُروا الأَرضَ فَلَولا
- سَعيُكُم أَمسَت يَبابا
إِنَّ لِلمُتقِنِ عِندَ
- اللَهِ وَالناسِ ثَوابا
أَتقِنوا يُحبِبكُمُ اللَ
- هُ وَيَرفَعكُم جَنابا
العمل مصدر السعادة
في الختام، العمل يُسهم في سعادة الإنسان؛ لأنّه يشعر من خلاله بقيمته وقدرته على الإنتاجية، ويكسب لقمة عيشه بيده وتعبه، كما يُؤجر بجزاء الثواب، فالعمل عبادة ومحرك نجاح الفرد والمجتمع، ويتطلب الخلق الحسن والأمانة والإخلاص، فهو مرآة أخلاق الفرد.