من هم قوم عاد وثمود
عاد قوم نبي الله هود عليه السلام
صفات قوم عاد
عُرف قوم عاد بقوّتهم البدنية، وقد مكّن الله لهم في الأرض، ودلالة ذلك أنّهم كانوا ينحتون البيوت في الجبال، ولم يُعطى أحدٌ مثل ما أُعطيَ قوم عاد، وقد أطغتهم قوتهم فاستكبروا، وكانوا مترفين؛ فقد رزقهم الله الأنعام، والحدائق، والأنهار، وكانوا يبنون البنيان العظيمة للتّباهي، واستطاعوا أن يبنوا مصانع لجمع المياه، وكانوا أهل قوةٍ وبطشٍ، وقد عبدوا من دون الله الأوثان، وأنكروا وجود حياةٍ بعد الحياة الدنيا، حيث قالوا: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)، وهي من القبائل العربية، وقد صنعوا حضارةً مميّزة من جوانب عدة؛ منها العمران والزراعة، وقد ذكر الله -تعالى- ما رزقهم في الآية: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)، وفي الصناعة أيضاً: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ).
موطن قوم عاد
موطن قوم عاد في جنوب السعودية في منطقة تُسمّى الربع الخالي في مكان بينها وبين حضرموت، وهناك آثار في تلك المنطقة فيها بيوت منحوتة بالصخر وعمران مُذهلة، وهناك من قال بأنهم كانوا يسكنون شمال الجزيرة العربية وليس جنوبها، فقط رُبط بين قوميّ عاد وثمود في القرآن وذُكِرا معاً، قال -تعالى-: (وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ)، وكانت ثمود في الشمال.
نبيّ قوم عاد
نبيُّ عاد كان سيدنا هود -عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّه)، وقد نَسَب الله قوم عاد إلى نبيّه هود فقال: (أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ)،، وقد اختُلف في نَسَبه؛ فمنهم من قال إنّه هُودُ بْنُ شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح -عليه السلام- ، وَقيل هو عَابِرُ بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نُوحٍ، ووردت روايات أخرى في نسبه، وكان نبي الله هود -عليه السلام- قد أُرسل في القبائل المتفرّعة من نسل سيدنا نوح -عليه السلام-، وسُمّيت بعاد نسبةً لأحد أجدادها.
موقف قوم عاد من دعوة نبيهم
استكبر قوم نبيّ الله هود وكّذبوه، فقد قال الله -تعالى- عنهم: (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ)، وبالرغم من أنه لم يسألهم أجراً على دعوته إياهم، وطَلَب الأجر من الله -تعالى- مع ثقل المهمّة، فحاله حالُ جميع الرسل والأنبياء ، إلا أنهم لم يعقلوا ولم يؤمنوا، ثم بعد أن نفذت حُججهم أخبروا نبيّهم أنهم يخافون من أن تصيبه آلهتهم بسوء، وقد أورد الله -تعالى- حجّتهم في هذه الآيات: (قالوا يا هودُ ما جِئتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحنُ بِتارِكي آلِهَتِنا عَن قَولِكَ وَما نَحنُ لَكَ بِمُؤمِنينَ* إِن نَقولُ إِلَّا اعتَراكَ بَعضُ آلِهَتِنا بِسوءٍ)، وظلّوا معاندين مستكبرين عن الحق مع إنذاره لهم بعقاب الله، ولم يؤمن معه إلا قليل.
جزاء قوم عاد
بعد كل هذا الإعراض والتكذيب والكفر بالله؛ جاء عذاب الله -تعالى- الذي وَعَد به: (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ)، ونذير الله كان ريحاً عقيماً لا تُبقي شيئاً، ولا فائدة منها، وقد جاءت عقوبتهم مناسبةً لكِبرهم، فقد قالوا: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)، وكان ردّ الله حاسماً، قال -سبحانه-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ* فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ).
وقبل أن تصيبهم الريح مَنَع الله عنهم المطر ثلاث سنوات حتى اشتدّ عليهم الأمر، ومن شدة ذلك اليوم وصعوبته وصفه الله بأنه يوم نحس مستمر، وهذا العذاب الذي أرسله الله على قوم عاد كان بعد طلب سيدنا هود -عليه السلام- العون والنصرة من الله -تعالى-، فجاء رد الله -تعالى-: (قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ)، فهلك الذين كفروا، ونجّى الله هوداً -عليه السلام- ومن بقي معه من الذين آمنوا وكانوا قليلاً.
ثمود قوم نبي الله صالح
نبي قوم ثمود
نبي قوم ثمود هو النبي صالح -عليه السلام- الذي أرسله الله -تعالى- لإحدى القبائل العربية، وهو من نسل سيدنا نوح -عليه السلام-، وهو صالح بن جابر بن ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح -عليه السلام-، وكان ذو نسبٍ في قومه، ومعروفٌ بخُلقه وصدقه وحبّه للخير.
موطن قوم ثمود
ورد أنّ موقع قوم ثمود كان شمال الجزيرة العربية، وبقيت آثارهم حتى الآن دالّة على مكانهم، وقد كانوا في طريق التجارة من مكة للشّام، ولكثرة ورود قوم ثمود في القرآن حظوا باهتمام المؤرّخين، وقد كانوا أيضاً يحفرون الصخر ويبنون المقابر والبيوت، وهم من أهل البريّة الذين من طبعهم ألّا يخضعوا لأحدٍ من الملوك.
موقف قوم ثمود من دعوة نبيّهم صالح
كذّب أكثر قوم ثمود نبيّهم صالح -عليه السلام-، وقد غرّتهم حياتهم، فأمّا الضعفاء منهم فآمنوا، وأمّا علية القوم والمستكبرون منهم فقد كفروا، وذَكَر الله -تعالى- موقفهم هذا في القرآن الكريم فقال عنهم: (قالوا يا صالِحُ قَد كُنتَ فينا مَرجُوًّا قَبلَ هـذا أَتَنهانا أَن نَعبُدَ ما يَعبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفي شَكٍّ مِمّا تَدعونا إِلَيهِ مُريبٍ)، وقد حاولوا تشويه دعوة نبي الله صالح -عليه السلام-، وقد عاقبهم الله بتوقّف المطر لعلّهم يؤمنون، فاتّهموا القلّة المؤمنة ونبيّهم بأنهم سبب هذا الجفاف وقالوا: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ).
ثم طلبوا معجزةً من سيدنا صالح -عليه السلام-، فدعا الله بأن يرسل لهم آية، فأخرج لهم الله -تعالى- ناقةً من الصخر، وكانت بديعة وعظيمة الخَلق، وكان لبنها يكفيهم جميعاً، وقد ذكر الله -تعالى- هذه الأحداث في الآيات فقال -سبحانه-: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ* فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ* أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ* سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنَ الْكَذَّابُ الأَشِرُ* إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِ)، وكان على قوم ثمود أن يتقاسموا مياه البئر؛ يومٌ لهم، ويومٌ للناقة، وفي اليوم الذي تشرب منه الناقة يشربون لبنها، لكنهم قرّروا أن يحتفظوا بماء البئر ويقتلوا الناقة، وقد حذّرهم نبيّ الله صالح -عليه السلام- من فعلتهم تلك لأنها معجزة من الله، لكنهم لم يستجيبوا له وقاموا بقتلها، قال -تعالى-: (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا* فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا).
جزاء قوم صالح عليه السلام
بعد أن قتل قوم النبيّ صالح الناقة معجزة الله -تعالى- التي خرجت من الصخر، ومع كل التحذير الذي قام به نبي الله صالح -عليه السلام- ألّا يفعلوا، أمهلهم الله -تعالى- ثلاثة أيام قبل نزول العذاب عليهم، قال -تعالى-: (تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)، ثم جاءهم عذاب الله صيحةً واحدة فأصبحوا كهشيم المحتضر؛ أي كبقايا عيدان الحطب التي تُداس من الحيوانات في الحضائر، قال الله -تعالى-: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ).
ونزل العذاب كذلك على الذين تأمّروا على قتل الناقة ، وهم الذين ذكرهم الله -تعالى- في كتابه الكريم: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)، ثم إنهم خافوا خوفاً شديداً بعد وعيد الله -تعالى-، فاصفرّت واسودّت وجوههم وهم ينتظرون العذاب خلال الأيام الثلاثة، حتى أتتهم الصيحة فزلزلت الأرض من تحتهم ورجفت وهلكوا.