طرق علاج العنف المدرسي
علاج العنف المدرسي
يصعُب منع العنف المدرسي من قِبل جهةٍ واحدة؛ فهو يتطلّب جهداً مجتمعياً على جميع الأصعدة، وعموماً يلعب الآباء والمعلمين دوراً أساسياً في الحد منه، لِذا يجب عليهم التعاون معاً وإيجاد الحلول الجذرية؛ التي من الممكن أن تمنعه نهائياً، وتجدر الإشارة إلى أن العنف المدرسي أصبح يُشكّل مشكلة خطيرة في مختلف مناطق العالم خلال العقود الأخيرة وعلى نطاقٍ واسع، وهو بمثابة ردة فعل للعديد من العوامل التي قد تساهم في انخراط الشباب فيه؛ مثل غياب دور الأسرة في التربية، أو تاريخ الشاب السابق مع العنف أو تكوين علاقاتٍ مع الجانحين، وغيرها من العوامل؛ علماً بأنّ توفر تلك العوامل لأحد الشباب لا يدل دائماً على أنّه سيمارس العنف. ويبين الآتي دور كلٍّ من الأسرة، والمعلمين، والنظام المدرسي، والمجتمع في الحدِّ من ظاهرة العنف المدرسي ومنع انتشارها:
دور الأسرة في علاج العنف المدرسي
يوجد جزءٌ كبير من المسؤولية على الأسرة في الحد من العنف المدرسي، وهي تبدأ من مرحلة الطفولة وتستمر تباعاً مع المراحل العمرية اللاحقة، ويبين الآتي بعضاً من أهم الطرق التي قد تساعد الأسرة في منع ظاهرة العنف المدرسي لأبنائها من الطلاب:
- المدح: يتمثل ذلك بالإطراء على الطفل بين كلِّ حينٍ وحين وإشعاره بالأهمية، ويمكن اتِّباع الآتي في سبيل تحيق ذلك:
- تشجيع الطفل عند صدور سلوكٍ جيدٍ منه ومدحه عليه.
- إبراز إنجازات الطفل والجانب الإيجابي منه والافتخار به.
- مساعدة الطفل على تحديد أهدافٍ إيجابية ومكافئته عند تحقيق إحداها.
- تعزيز احترام الطفل لذاته؛ إذ إن الأطفال الذين يشعرون بالرضا عن أنفسهم يكونون أكثر قدرةً على الدفاع عن أنفسهم في المواقف الصعبة.
- تحديد السلوك العنيف في وقت مبكر: يجب عدم إغفال أي إشاراتٍ تدلُّ على أن الطفل يتبنى سلوكاً عدوانياً، ويتمثل ذلك من خلال الآتي:
- متابعة ظهور أي علامة تدل على العنف لدى الطفل أو أي تغييرٍ جذري في سلوك الطفل الطبيعي.
- اكتشاف سبب ظهور السلوك العدواني أو العنيف من الطفل وتقديم حلول مناسبة للتخلص منه.
- اللجوء إلى مستشار خاص بالأطفال في حال زادت العلامات التي تدل على اكتساب السلوك العدوانيّ.
- مراقبة استخدام الأطفال للتلفزيون، والإنترنت، وألعاب الفيديو، والكمبيوتر.
- إظهار الحب: يساعد شعور الطفل بحبِّ والديه له وباهتمامهم به في معالجة أي صدماتٍ عاطفية تعرّض لها في الماضي، ويمكن اتِّباع الآتي لتحقيق ذلك:
- إظهار ثقة الوالدين بالطفل والاهتمام المستمر به.
- تقديم الدعم كلّما احتاج الطفل لذلك.
- قضاء الوقت معه بشكلٍ منتظم
- الاهتمام بصداقات الطفل: يعدُّ أمراً مهماً معرفة أقران الطفل وأصدقاؤه؛ الذين يقضي معهم معظم وقته، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الآتي:
- التعرّف أكثر على أصدقاء الطفل واهتماماتهم.
- تشجيع الطفل على تكوين صداقات من خلال المناسبات؛ كإقامة حفلة منزلية.
- سؤال الطفل عن أصدقائه المفضلين، والأشياء التي يحبها في أصدقائه والأشياء التي يكرهها فيهم.
- الاهتمام بالأنشطة اللامنهجية: وذلك من خلال الآتي:
- تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة التي يحبُّها ويميل إلى ممارستها.
- محاولة التعرّف على الأنشطة التي يفضّلها الطفل وإتاحة الفرصة له لممارستها.
- متابعة الطفل والتأكد من طبيعة هذه الأنشطة ومن أنّه يمارسها بشكلٍ صحيح ويستمتع بها.
- القدوة الحسنة: ينبغي على الوالدين تقديم مثالٍ جيدٍ للطفل في كيفية التعامل السليم مع مختلف المواقف.
- غرس الصفات الحسنة: مثل التسامح وتمالك النفس عند الغضب، والنباهة واليقظة، واحترام الآخرين.
- حل المشاكل باستخدام الكلمات: يجب تشجيع الأطفال على الاستعانة بالكلمات لحل ما يواجهونه من مشاكل بدلاً من اللّجوء إلى العنف .
- تطوير الوالدين لأنفسهما: يتمثل ذلك من خلال التواصل مع المعلمين والمختصّين من أجل تعلّم وسائل تساعد في التقليل من العنف المدرسي.
دور المعلمين في علاج العنف المدرسي
يوجد للمعلمين دورٌ مهم في علاج العنف المدرسي، ويبين الآتي بعض الأمور التي من الممكن أن تساهم في ذلك:
- توسيع مسؤولية المعلم خارج الغرفة الصفية: يشعر بعض المعلمين أنّ مسؤوليتهم تقتصر على ما يجري داخل الغرفة الصفية، ولا يحاولون إشراك أنفسهم بما يحصل خارجها؛ إلّا أنّ هذا السلوك قد يساهم في حدوث العنف المدرسي، وخاصّةً أنّ البعض منهم قد يتجاهلون المشاكل التي تحصل بين الطلاب ولا يحاولون حلّها؛ ممّا يزيد من مشاكل العنف؛ فعلى المعلم توسيع مسؤوليته من خلال مراقبة القاعات باستمرار، ومتابعة حركة الطلاب وكلامهم مع بعضهم؛ ممّا يساعد في التعرّف أكثر على صفات الطلاب، وضرورة التدخّل في حال تمّ شتم أحد الطلاب أو ضربه من أحد زملائه.
- منع الحديث غير اللائق: يجب تنبيه الطلاب منذ بداية العام الدراسي حول الحديث غير اللائق، أو الاستهزاء بأحد الطلاب وبشكلٍ حازمٍ، والتوضيح لهم بأنّ الغرفة الصفية تُعدُّ مكاناً آمناً لهم ولأفكارهم ومناقشاتهم، كما يجب تشجيعهم على اكتساب السلوكيات الطيبة وممارستها معاً.
- التعرّف على العلامات التحذيريّة: يوجد العديد من العلامات التحذيريّة؛ التي تصدر عن الطالب وتدل على إمكانية تحوّل سلوكياته إلى سلوكيات عدوانيّة وعنيفة، وقد تكون تلك السلوكيات ناتجة عن خللٍ في أداء الأسرة لوظيفتها التربوية؛ لِذا يجب الوقوف على تلك السلوكيات ومتابعتها، ولعلَّ أبرز هذه العلامات التحذيرية، هوس الطالب بالألعاب العنيفة، والعنف ضد الحيوانات، والاهتمام المبالغ بالأسلحة العنيفة وجلبها إلى المدرسة، وعدم الشعور بالندم بعد الخلاف مع الأقران، بالإضافة إلى عدم قدرة الطالب على إدارة الغضب لديه وتقلّبات المزاج، وميله إلى كتابة أشياء متعلقة بشعوره باليأس أو العُزلة أو الغضب.
- مناقشة منع العنف مع الطلاب: يمكن مناقشة العنف المدرسي كموضوعٍ مهمٍّ في الغرفة الصفية، والتحدُّث مع الطلاب حول مخاطره، وتوجيههم للتصرُّف الصحيح في حال تعرُّضهم للعنف أو ملاحظة تلك العلامات التحذيرية على أحد الطلاب كوجود طالب يُخطط لضرب زميله أو إحضاره لسلاح معين، ويُمكن للمدرسة تنظيم أنشطة لامنهجية لتعليم الاستخدام السليم للأسلحة وتوجيه الطلاب للأماكن المناسبة للتدريب على ذلك وبصورة سليمة، أو تدريب الطلاب على الطرق السليمة للتعامل بعيداً عن العنف عند التعرّض لإحدى المشاكل.
- تشجيع الطلاب على التحدُّث عن العنف بشكلٍ مناسب: ينبغي على المعلم بناء ثقة الطلاب به؛ من خلال إتاحة الفرص لهم بالتحدّث معه حول مخاوفهم بشأن العنف المدرسي، والاستماع إلى أسئلتهم ومناقشاتهم بصورة منفتحة؛ إذ إنّ التواصل المفتوح بين المعلم والطلاب يُساهم في منع العنف المدرسي.
- تعليم الطلاب مهارات حل النزاعات وإدارة الغضب: يمكن للمعلم استغلال الفرص المناسبة لتعليم الطلاب كيفية حل النزاعات فيما بينهم وحل مشاكلهم دون اللّجوء إلى العنف، ويمكن تنظيم مناقشات صفية للتحدّث حول تلك المهارات، كما يمكن للمعلم تعليم الطلاب طرق إدارة غضبهم بالاستعانة ببعض الطرق التدريسية كطريقتي المحاكاة ولعب الادوار، والاستعانة بالأنشطة المناسبة لذلك، ويجب عليه الاهتمام بتنمية الجانب العاطفي لدى الطلاب.
دور النظام المدرسي في علاج العنف المدرسي
تلعب المدرسة دوراً مهماً في حماية الأطفال من العنف، وتقع تلك المسؤولية على عاتق جميع العاملين فيها ابتداءً من إدارة المدرسة والطاقم التدريسي وغيرهم، ويبين الآتي بعض الأمور التي يجب الاهتمام بها من قِبل المدارس لتفادي حدوث ظاهرة العنف المدرسي:
- المراقبة المستمرّة للطلّاب ومنع إحضار إي وسيلة تساهم في العنف المدرسي أو تسبب ضرراً لأحد.
- وضع عقوبات واضحة لممارسي العنف ضمن السياسات المدرسية.
- الاهتمام بوضع برامج مدرسية مخصّصة لمعالجة العنف منذ ظهور العلامات التحذيريّة، والوقاية منه.
- تحديد الطلاب الذين تظهر عليهم بوادر العنف، والتعامل معهم بالشكل السليم.
- توجيه الطلاب المعرّضين للخطر وإرشادهم لما يجب فعله.
- التدخّل في حال نشوب نزاعات بين الطلاب وحلّها.
- توفير بيئات تضمن النمو السليم للأطفال وتحميهم ممَا قد يتعرّضون له من مشاكل.
- توفير بيئات داعمة للطفل وتُعزّز كرامته واحترامه لذاته.
- التزام جميع المعلمين والعاملين الآخرين في المدارس بتوفير الحماية للأطفال المسؤولين عنهم.
دور المجتمعات في علاج العنف المدرسي
يجب على كافّة مؤسسات المجتمع الحكومية وغير الحكومية بذل جهود مضاعفة من أجل معالجة قضايا العنف المدرسي بشكلٍ تام، فهو يُعدّ مشكلة اجتماعية ذات تأثير كبير، أي أنّ ممارسة احد أشكال العنف المدرسي قد ينتج عنها العديد من الآثار السلبية الأخرى، وعليه فإنه لا بدّ من اتّباع العديد من الإجراءات ومنها ما يأتي:
- إنشاء شراكة بين المدرسة والمجتمع لتعزيز تدابير السلامة للطلاب خارج أسوار المدرسة، والتأكيد على تعاون المجتمع ككل من أجل الوقاية من العنف المدرسي.
- تسليط الضوء على برامج الوقاية من العنف وتضمينها في المناهج التي يتم تدريسها في المدارس، إلى جانب التأكيد على المدرسة تعليم الطلاب بدائل العنف؛ بما في ذلك الحل السلمي للنزاع ومهارات التواصل الفعَّال.
- متابعة إحصائيات العنف المدرسي، وتحديث البيانات الإحصائية بشكلٍ مستمر من أجل زيادة توعية أفراد المجتمع حول تلك الظاهرة .