من هم جند الله
جند الله
إنَّ لله -تبارك وتعالى- جنودٌ لا يعلمهم إلا هو -سبحانه-، يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)، فيطيعونه وينفذون أوامره -سبحانه- وينصرون أولياءه، فالله -تبارك وتعالى- يقول: (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)، وقال ابن عباس -رحمه الله-: "المقصود بجنود السموات والأرض: الملائكة والجن والشياطين والإنس". ومن جنود الله -تعالى- على سبيل المثال لا الحصر:
الملائكة
الملائكة الكرام من أكثر جنود الله -تبارك وتعالى- عدداً، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أطَّتِ السماءُ و يحقُّ لها أن تَئِطَّ، والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، ما فيها موضعُ شبرٍ إلا وفيه جبهةُ ملَكٍ ساجدٍ يُسبِّحُ اللهَ بحمدِه).
وعن مالك بن صعصة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه مسلم- قال: (... فَرُفِعَ لي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقالَ: هذا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فيه كُلَّ يَومٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ، إذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إلَيْهِ آخِرَ ما عليهم...).
ومن وظائف الملائكة -رضوان الله عليهم- أن يثبِّتوا المؤمنين؛ فالله تبارك وتعالى- يقول: (إذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)، وفي هذا دليل صريح صحيح على أنَّ الملائكة جنود الله يفعلون ما يأمرهم، وينصرون أولياء الله -تبارك وتعالى-.
وعن عبدالله بن عبّاس -رضي الله عنهما- قالَ: (...بيْنَما رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَومَئذٍ يَشْتَدُّ في أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الفَارِسِ يقولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إلى المُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إلَيْهِ فَإِذَا هو قدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذلكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الأنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ بذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: صَدَقْتَ، ذلكَ مِن مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَقَتَلُوا يَومَئذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ...).
عباد الله المخلصين
يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)، والمقصود بجنود الله في هذه الآية أولياؤه المؤمنون الصالحون فهم يطيعون الله فلا يعصوه أبداً، ويفعلون ما يؤمرون، وهم عابدون لله كما أمر، ملتزمون شريعته -سبحانه وتعالى- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- دون رِياءٍ أو مباهاة.
الجراد والقمل والضفادع
يقول الله -تبارك وتعالى-: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ)، فالجراد، والقمّل، والضفادع؛ كلُّها جنود لله -تبارك وتعالى-.
الظواهر الطبيعية
إنَّ الظواهر الطبيعية جند من جنود الله -تعالى- يُسيّرها -سبحانه- بأمره، ومن هذه الظواهر:
- الريح والمطر
حيث أخرج ابن عبّاس -رضي الله عنه- فقال: (الماء والريح جندان من جنود الله، والريح جند الله الأعظم)، وقد عذّب الله -تبارك وتعالى- قوم عاد بالرياح، يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)، وقال الله -تبارك وتعالى- في عذاب قوم نوح -عليه السلام-: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ* فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ* فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ).
- الطوفان
وهو فيضان المياه؛ لقول الله -تبارك وتعالى-: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ)، فقد أخذ الله -تبارك وتعالى- قوم فرعون بالطوفان.
- الزلازل
يقول الله -تبارك وتعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، والمقصود بالرجَّة: الزلزال الشديد.
- الخسف، أو الانهيارات الأرضية
حيث قال الله -تبارك وتعالى- في معرض الحديث عن هلاك قارون : (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ).
- الصواعق
يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ* فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ).
الأمراض
إنّ مِن جنود الله -تبارك وتعالى- الأمراض ومُسبباتها، فالميكروبات والفايروسات التي انتشرت في الآونة الأخيرة جندٌ لله -تبارك وتعالى-، وفي هذا إشارة ودليل على عظيم جنود الله -سبحانه-، فالفايروسات مثلا كائنات دقيقة جداً لا يمكن رؤيتها بالعين المجرَّدة، بل تحتاج إلى الميكروسكوبات الإلكترونية التي تكبِّرها ملايين المرات حتى نتمكن من رؤيتها، وهذا يعني أنّها كثيرة جداً في العدد، وقوية في التأثير بحيث لا يمكن التحرُّز منها بسهولة.