من هم الأعراب
الأعراب في اللغة
أعربَ من يُعرب، والمفعول منها مُعرَب، ويقال أعرب كلامه: يعني أوضحه وبينه، وقاله حسب قواعد اللغة العربية، وإذا قيل: أعرب عن نفسه، فهذا يعني وضح وأبان مكنون نفسه، وفى الحديث "الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا" أي تفصح عن نفسها ورغبتها، وجمعها أعاريب، وهم من سكن البادية من العرب خاصة، والذين يتبعون أماكن تساقط المطر والأماكن التي ينمو بها العشب لرعي المواشي.
الأعراب في القرآن
وردت آياتٌ في كتاب الله عزّ وجلّ بيّنت بعض صفات الأعراب، والغالب أنّهم لا يُقيمون حدود ما أنزل الله على رسوله (الأَعرابُ أَشَدُّ كُفرًا وَنِفاقًا وَأَجدَرُ أَلّا يَعلَموا حُدودَ ما أَنزَلَ اللَّـهُ عَلى رَسولِهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ) .
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)، قال ابن زيد: "لم يصدّقوا إيمانهم بأعمالهم"، فالإسلام قول والإيمان عمل، لذلك نهاهم الله عزّ وجلّ أن يقولوا آمنا، وأمرهم أن يقولوا أسلمنا، لأنّه يجب أن يصدّق عملهم ما يقولون
وقوله تعالى: (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا* بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا).
وجاءت الآيات السابقة فى أعرابُ غِفارِ ومُزينةَ وجُهينةَ وأشجعَ وأسلمَ والدِّيلِ، تخلفُوا عن النّبي عليه السلام حين استنفرهم، ليخرجوا معه إلى مكة عام الحديبية، فلم يلبّوا النداء؛ لأنهم ظنّوا أنّ النبي وأصحابه لن يرجعوا، واحتجّوا بأنّه لا يوجد من يحرس أهلهم وأموالهم، فاضطروا للبقاء طالبين المغفرة من الله ولكنّ الله أعلم بما في قلوبهم.
وأخرج الطبري بسندٍ حسن عن قتادة أنّه قال: (ظنوا بنبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك، وأنهم سيهلكون، فذلك الذي خلفهم عن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).
الفرق بين العرب والأعراب في القرآن الكريم
قال الشعراوي رحمه الله: "العرب هم سكان القُرى المتوطنون في أماكن يذهبون منها أو فيها إلى مصالحهم ويأوون إليها وهذه مظهرها البيوت الثابتة والتأهيل المستقر، لكنّ الأعراب هم سكان البوادي، وليس لهم استقرار في مكان، إنّما يتتبعون مواضع الكلأ وليس لهم توطُّن، ولا أنس لهم بمقامٍ ولا بمكان".
صفات الأعراب وأخلاقهم
- من الأعراب من هم أشدُّ كفرًا ونفاقًا من غيرهم، قال تعالى: (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
- منهم مٌنافقون ينفقون أموالهم رياءاً؛ ليتقربوا من المسلمين ويُعدُّ ذلك مغرماً أي خسارة، وهم أيضاً رغم إنفاقهم الأموال ينتظرون بالمسلمين المصائب، قال تعالى: (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وإن من الأعراب من يؤمنون بالله ورسوله، وينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله ، قال تعالى: (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).، قال الله عزَّ وجلَّ فيهم: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا).