من هم الأبدال؟
تعريف الأبدال
ورد ذكر الأبدال في عدّة أحاديث حكم عليها كثيرٌ من أهل الحديث بالضّعف -كما سيأتي بيانه-، وبناء على هذه الأحاديث التي لم تثبت صحّتها فالأبدال هم الذين يتّبعون كتاب الله -تعالى- وسنة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- في أقوالهم وأفعالهم وجميع أحوالهم.
ولا يمكن تعيينهم وتحديدهم أو حصرهم في عددٍ معيّن على اعتبار عدم صحّة ثبوت الأحاديث التي حدّدتهم في عددٍ معين أو التي ذكرت أنّهم من أهل الشام، فلم يثبت ذلك في النصوص الشرعية، والخوض في تفاصيل ذلك يعدّ من التقوّل على الله بغير علم.
ولا يصحّ الادّعاء بأنّ فلاناً ما من الأبدال، كما لا يصحّ صرف شيءٍ من الاستغاثة والدعاء إليه، أو الاعتقاد بقدرته على قضاء الحاجات، وشفاء الأمراض، أو اتّباعه فيما يخالف القرآن والسنّة لحجّة كونه من الأبدال، فقد جعل الله -سبحانه- الوصول إليه من خلال وحيه الذي أوحاه إلى نبيّه الكريم، ومن خلال اتّباع سنة نبيّه -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
الأحاديث الواردة في الأبدال
وردت بعض الآثار التي أشارت إلى الأبدال، غير أنه يجدر التنبيه إلى أنّ هذه الروايات والآثار حكم عليها أكثر أهل الحديث بالضّعف أو البطلان، وقال ابن حجر: " الأبدال وردت في عدة أخبار منها ما يصح وما لا يصح"، ومن هذه الآثار ما يأتي:
- عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: (الأَبْدالُ في هذه الأُمَّةِ ثلاثونَ، مِثلُ إبراهيمَ خليلِ الرَّحمنِ، كلَّما مات رجُلٌ، أبدَلَ اللهُ مكانَه رجُلًا).
- (ذُكِرَ أهلُ الشَّامِ عندَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وهو بالعِراقِ، فقالوا: الْعَنْهم يا أميرَ المُؤمِنينَ. قال: لا، إنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: الأَبْدالُ يكونونَ بالشَّامِ، وهم أربعونَ رجُلًا، كُلَّما مات رجُلٌ أَبدَل اللهُ مكانَه رجُلًا، يُسْقى بهمُ الغَيثُ، ويُنتَصَرُ بهم على الأعداءِ، ويُصرَفُ عن أهلِ الشَّامِ بهمُ العذابُ).
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (لا يَزالُ أربعون رَجلًا مِن أُمَّتي، قُلوبُهم عَلى قلْبِ إبراهيمَ -عليهِ السَّلامُ-، يَدفَعُ اللهُ بِهِم عنْ أهلِ الأَرضِ، يُقالُ لَهم: الأَبْدالُ؛ إنَّهم لَن يُدرِكوها بِصَلاةٍ وَلا صومٍ ولا صَدقةٍ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، فبِمَ أَدرَكوها؟ قال: بِالسَّخاءِ وَالنَّصيحةِ لِلمُسلِمينَ).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال-: (البُدَلاءُ أربَعونَ اثنانِ وَعِشْرونَ بالشَّامِ وثَمانيةَ عشرَ بالعراقِ، كلَّما ماتَ منهم واحدٌ بدَّلَ اللَّهُ مَكانَهُ آخرَ فإذا جاءَ الأمرُ قُبِضوا كلُّهم فعندَ ذلِكَ تقومُ السَّاعةُ).
صحة أحاديث الأبدال
ضعّفَ الأئمة وعلماء الحديث أحاديث الأبدال؛ فمنهم من قال أنها منقطعة، ومنها من قال إنها منكرة، ومنهم من قال أنها شديدة الضعف ولا تصحّ مُطلقاً، فهي غير ثابتة وباطلة لا يصحّ الاستناد عليها، كما قيل إنّ أحاديث الأبدال جميعها لم تُروَ من رواة الكتب الستة سوى حديث واحد رواه أبو داود في السنن وهو لا يصحّ.
وقال ابن تيمية معلِّقاً على صحة أحاديث الأبدال: "والحديث المروي في الأبدال أربعون رجلاً حديث ضعيف، فإن أولياء الله المتقين يزيدون وينقصون بحسب كثرة الإيمان والتقوى، وبحسب قلة ذلك، كانوا في أول الإسلام أقل من أربعين، فلما انتشر الإسلام كانوا أكثر من ذلك".
كما قال إن جميع أحاديث الأبدال وتحديد أعدادهم ليس فيها ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يتكلّم به أحد من السّلف، سوى حديث علي بن أبي طالب وهو حديث منقطع .
ومما قاله ابن القيم في ذلك أيضاً: "ومن ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب، والأغواث والنقباء، والنجباء والأوتاد، كلها باطلة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقرب ما فيها: (لا تسبوا أهل الشام، فإن فيهم البدلاء كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلاً آخر)، ذكره أحمد، ولا يصح أيضاً، فإنه منقطع".