من صفات المسلم
الصدق
إنَّ خلق الصدق من مُتمِّمات الإيمان بالله -تعالى-، وقد أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحرِّي الصدق، وهو مطابقة الإخبار لما هو عليه في الواقع، فعلى المسلم أن يصدق بأقواله ويكون صادقاً بأفعاله، وأن يعامل الناس كلُّهم بصفة الصدق.
والكذب صفة من صفات المنافقين، وهو إخبار بما هو مخالف للواقع، وقد كان أهل مكة يلقّبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصادق الأمين قبل بعثته ونبوته، وقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).
الأمانة
الأمانة خلق حثَّ عليه الاسلام وهو ضدّ الخيانة، وهو من واجبات المسلم التي يجب أن يتَّصف بها، وعناصر الأمانة ثلاثة هي:
- أن يعفّ المسلم عما ليس له به حقّ.
- أن يؤدي حقوق الغير التي هي عنده.
- عدم تضييع الأمانات بإهماله، والتفريط بحفظها، وعدم المحافظة عليها.
وإنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير من حفظ الأمانة ، فكان الناس يضعون أماناتهم عنده؛ لأنَّه كان أميناً، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له، ولا دِينَ لِمَن لا عهدَ له).
الحياء
أفضل أنواع الحياء وأعلاها مرتبة هو الحياء من الله -تعالى-، وهو شعبة من شعب الإيمان، والحياء لا يرجع على صاحبه إلّا بالخير، وهو خلق يمنع صاحبه من فعل الأمر المُشين، وإنَّ العلاقة بين الحياء والإيمان علاقة اضطراد.
فكلّما زاد الإيمان في قلب المؤمن زاد حياؤه من الله -تعالى- وزاد حياؤه من الناس، والحياء من صفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان أشدّ حياء من العذراء في خدرها. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ).
الكرم
إن العطاء والكرم من صفات الإيمان، فالله كريم يحب الكرم، والكريم قريب من الله وقريب من الناس، أما الشّحّ والمنع فهو مرض قلبي، وهو من الموبقات والمهلكات، فالكرم يجذب قلوب الناس إلى الكريم المُنفق، والبخل ينفّر الناس من صاحبه.
وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جواداً ، وأجود ما يكون في رمضان، قال ابن عباس -رضي الله عنها-: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ).
العدل
لقد أمر الله -تعالى- بالعدل ، وهو إعطاء كلّ ذي حقِّ حقَّه، وما بعث نبياً إلا وأنزل معه الميزان؛ ليحكم بين الناس بالحقّ والعدل، قال الله -تعالى-: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)، وللعدل فوائد كثيرة منها:
- إن الله -تعالى- قد جعله الميزان الذي يقضي به بين الناس.
- من اتّصف بالعدل نال المحبَّة من الله.
- العدل سبب في الألفة بين الحاكم والمحكوم.
- العدل سبب لتماسك المجتمعات.
- أحد أسباب دخول غير المسلمين في الإسلام.
المروءة
المروءة: هي "استعمال كلّ خلق حسن، واجتناب كلّ خلق قبيح، واستعمال ما يجمِّل العبد ويزيِّنه، وترك ما يدنِّسه ويُشينه"، وللمروءة ثلاث مراتب هي:
- المروءة مع الحق
إصلاح السريرة بين العبد وربِّه، فإنَّ الله اشترى الأنفس، فلا بدّ من إصلاح المبيع.
- المروءة مع النفس
تكون المروءة مع النفس بتعويدها -ولو إجباراً- على كلّ خلق يُجمِّلها، والبعد بها عن كلّ ما يقبِّحها، حتى يصير ذلك من سجيتها.
- المروءة مع الخلق
أن تعامل الناس بالخُلق الذي تحبُّ أن يعاملك به غيرُك، وذلك بمكارم الأخلاق، والبعد عن الفواحش.
الإيثار
هو بذل ما تحبّ وما تحتاج وإعطائه للآخرين، فإن كان زائداً عن الحاجة فهو من السخاء والكرم، والإيثار درجة أعلى منها؛ لأنَّه عطاء يؤدي إلى حرمان النفس، فالمُعطي يحرم نفسه من أجل أن ينعم على غيره.
و كان الصحابة عامّة أهلاً للإيثار ، وكان الأشعريون خاصّة أسبق الناس إلى هذا الخلق، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ).
العفة
العِفَّة: منع النفس عما تحبّ لا عن تقصيرٍ ولا من أجل مكسب دنيوي ولا لعجزٍ، وإنَّما من أجل الله -تعالى- مع القدرة على الإتيان بها، فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: (اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى)، وهي أنواع منها:
- عفة اللسان
ويكون بحبسه عن فاحش القول وأرذله.
- عفة العين
بعدم النظر إلى عورات الناس.
- عفة اليد
باجتناب السرقة، والبطش، وغيرها.
- عفة البطن
بمنعه عن أكل الحرام وشربه.
- عفة الفرج
بترك الزنا وغيره من المحرمات.
الرفق واللين
الرفق هو عكس العنف، واللين عكس الخشونة، فينبغي على المسلم أن يكون رفيقاً ليِّن الجانب، لا يسرع إلى الغضب والانتقام، ويقدِّم الرحمة والمحبَّة، فيكون لطيفاً في قوله وفعله، وأن يأخذ الأمور بأيسرها، قال الله -تعالى-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
ولا يقتصر اللين والرفق بين الناس، بل يتعدَّى ذلك إلى الحيوان والبهائم والطيور، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلِّي، (فَجَاءَتْ بَهْمَةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا زَالَ يُدَارِئُهَا حَتَّى لَصَقَ بَطْنَهُ بِالْجِدَارِ، وَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ).
الحلم
الحُلم هو إمساك النفس عن الغضب، وأشرفه الحلم مع العلم، والعفو مع المقدرة، والحُلم يزيل الضغائن، ويجعل المخطئ يعتذر لمن أخطأ معه، ويصير صديقا له، عن أنس بن مالك قال: (كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ).
التواضع
قيل إنَّ التواضع هو: "أن لا ترى لأحد إلى نفسك حاجة، لا في الدين ولا في الدنيا"، وهو من أفضل العبادات، فيكون المسلم متواضعاً لين الجانب لطيفاً بدون تكبُّر ولا تجبُّر، ويقبل النقد ويرضى بالحقِّ على نفسه، ورحم الله من قال:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
- على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه
- إلى طبقات الجوّ وهو وضيع
الشجاعة
الشجاعة تكون بنزع الخوف من القلب والإقدام على المخاطر، وهي غريزة في الإنسان، فيكون عنده رباطة الجأش في نُصرة الحقّ قولاً وعملاً، مع عدم الخوف من أحدٍ إلا من الله -تعالى-، ومن الشجاعة امتلاك النفس ساعة الغضب، فلا يقع من الشجاع أيُّ تصرف سببه الغضب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ) .