من رواد الغزل العذري في العصر الأموي؟
رواد الغزل العذري في العصر الأموي
الغزل العذريّ هو الغزل العفيف، يصفُ فيه الشاعرُ معاناته وبعده عن محبوبته، ويُعنى بوصف المشاعر من حزنٍ وألمٍ ومعاناة وأرق، وقد كَثُرَ في العصر الأمويّ الشعراء الذين تناولوا موضوع الغزل العذري في بيئات مختلفة فمنهم مَن كان في بيئة الحجاز وبيئة مجد والعراق والشام، وأشهرهم ما يأتي.
قيس بن الملوح
قيس بن الملوح الشاعر الذي مجنون ليلى ، وهو من بيئة نجد؛ إذ تعلّق بابنة عمه ليلى العامرية التي نشأت معه منذ الصغر، وأحبها وتيّم بها، ولكن أهلها رفضوا أن يزوجوه إياها فجنّ وهام على وجهه بالصحراء ينظم بها شعرًا وغزلًا، وتجدر الإشارة إلى أن قصائد ابن الملوح في غزل ليلى كانت مقطوعات شعرية متوسطة الطول تمتاز باللغة الشعرية بألفاظ رقيقة مشبعة بالعاطفة، ومن شعر قيس في ليلى :
وَقالوا لَو تَشاءُ سَلَوتَ عَنها
:::فَقُلتَ لَهُم فَإِنّي لا أَشاءُ
وَكَيفَ وَحُبُّها عَلِقٌ بِقَلبي
:::كَما عَلِقَت بِأَرشِيَةٍ دِلاءُ
لَها حُبٌّ تَنَشَّأَ في فُؤادي
:::فَلَيسَ لَهُ وَإِن زُجِرَ اِنتِهاءُ
وَعاذِلَةٍ تُقَطِّعُني مَلاماً
:::وَفي زَجرِ العَواذِلِ لي بَلاءُ
جميل بن معمر
جميل بن معمر جميل بثينة؛ إذ ارتبط اسمه بها لشدّة حبه وتعلقه بها، وكان من أهل المدينة، وبثينة هي ابنة عمه التي أحبها منذ الصغر؛ إذ كانا يلتقيان عند سقي الإبل، وعندما ذاع أمرهما واشتهر بين قبائل العرب، رفض أهلها تزويجه بها عندما جاءها خاطبًا؛ خشية أن يلحقهم العار، وزوجوها لأول رجلٍ جاءها خاطبًا.
هذا الزواج لم يكن ليحول بينهما؛ فقد زاد نار المحبة استعارًا، فكانا يلتقيان حتى بعد زواجها، مما أثار نار الضغينة والحقد في قلوب القوم، فأصبحوا يهجونه في أشعارهم، وقد امتاز شعره لها بالعفوية والبعد عن التكلف وغريب اللفظ، ومن شعر جميل في بثينة:
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
:::وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ
:::بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا
بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي
:::بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً
:::بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت
:::بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا
كثير عزة
هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسو د من قبيلة خزاعى من أهل المدينة، ارتبط اسمه بعزة التي هام بها حُبًا، ولكن أهلها زوجوها وسافرت إلى مصر، وبقي كثيّر ينظم فيها شعرًا واصفًا ألمَه وعذابه في بعدها عنه، وقد امتاز شعره لها بالعذوبة والرقة مفعمًا بالعاطفة لا صنعة ولا تكلف فيه، وكان مَزجًا بين الإنسان وبين البيئة المحيطة به، كما تميز شعره الغزلي بالرقة والعذوبة، ومن شعر كثيّر في عزّة:
أَيادي سبا يا عَزَّ ما كُنتُ بَعدَكُم
فَلَم يَحلُ لِلعَينَينِ بَعدَكِ منظَرُ
وَقَد زَعَمَت أَني تَغَيَّرتُ بَعدَها
وَمَن ذا الَّذي يا عَزَّ لا يَتَغَيَّرُ
تَغيّرَ جِسمي وَالخَلِيقَةُ كالَّذي
عَهِدتِ وَلَم يُخبَر بِسرِّكِ مُخبَرُ
أَبعِد اِبنِ لَيلى يَأَمَلُ الخُلدَ واحِدٌ
مِنَ الناسِ أَو يَرجو الثَراءَ مُثمِرُ