من استطاع منكم الباءة فليتزوج
حديث من استطاع منكم الباءة فليتزوج
لهذا الحديث روايات وفيما يلي عرض لروايات الحديث:
- كُنَّا مع -النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: (مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).
- دعا عبد الله بن مسعود علقمة فحدّث أن -النبي صَلى الله عَليه وسَلم- قال: (من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم وجاؤه، أو وجاء له).
- كنا مع رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم شبًابًا ليس لنا شيء فقال: (يا معشر الشبًاب من استطاع منكم البًاءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بًالصوم فإن الصوم له وجاء).
معنى الباءة
الباءة لغة: قال النووي: "اختَلَف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين، وكلاهما يرجعان إلى معنى واحد: أصحهما: أن المراد معناها اللغويّ، وهو الجماع، والقول الثاني: أن المراد هنا بالباءة مُؤَن النكاح". والباءة اصطلاحًا: "هي الإنفاق على الزوجة وأبنائها، والقدرة على إتيان النساء، وليس لأهل العلم تفسير أكثر من ذلك".
شرح موضوعات الحديث
نص الحديث على شرط الباءة في الزواج وتشمل أموراً كثيرة منها: وجود النفقة، والكسوة والمسكن، والقدرة على الجماع، ومن لم تتوفر فيه مقومات الباءة فلا يقدم على الزواج ويؤمر بكسر شهوته بالصيام وهذا التوجيه النبوي في الحث على الزواج أمر ندب واستحباب لا أمر إيجاب عند أكثر العلماء، وقال داود الظاهري : إنه أمرُ إيجاب، وأمر الإيجاب لمن غلبت شهوتُه، فإن لم تغلب شهوته، فيستحبُّ له النكاح، ومن لم تتق نفسه إلا بالنكاح.
أهداف الزواج الواردة في الحديث
ورد بالحديث أهداف للزواج، ومنها ما يأتي:
- غض البصر
حث الإسلام على غض البصر وحذّر من النظر إلى الحرام فالعين تزني فقد صح أنّ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أدْرَكَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، والنَّفْسُ تَمَنَّى وتَشْتَهِي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ أوْ يُكَذِّبُهُ).
- حفظ الفرج
جعل الله -تعالى- للإنسان شهوات و لكن الإسلام ضبط الشهوات وفق مسارها الصحيح فقد جعل الزواج لتفريغ الشهوة وحفظ الفرج، وجعل أجراً على الزواج فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ، أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ).
وننقل لكم قول ابن دقيق العيد - رحمه الله -: "إن التقوى سبب لغضّ البصر، وتحصين الفرج، وفي معارضتها الشهوية الداعية، وبعد حصول التزويج يضعف هذا العارض، فيكون أغضّ وأحصن مما لم يكن؛ لأن وقوع الفعل مع ضعف الداعي أندر من وقوعه مع وجود الداعي".