من أول داعية في الإسلام
من أول داعية في الإسلام؟
لا شكّ أنّ أوّل من كُلِّف بالدعوة ودعا إلى الله -سبحانه وتعالى- في الإسلام هو النبيّ محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ إنّ الدعوة مهمَّة الأنبياء والرسل -عليهم السلام-، قال تعالى مخاطبًا رسول الله: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر* قُمْ فَأَنذِرْ)، وقد بدأ النبيّ بالدعوة أوّل ما بدأ في دائرة المقرّبين، حيث أمره الله -تعالى- بقوله: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، واستمرّت الدعوة سرًّا لثلاث سنواتٍ، ثمّ أمر الله -تعالى النبيّ بالجهر بالدعوة بقوله: (فَاصدَع بِما تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكينَ).
أمّا عن أوّل من أرسل في مهمَّةٍ دعويَّةٍ، وخرج سفيرًا حاملًا للإسلام ودعوته، فهو مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، وفيما يأتي تفصيل عن حياته ودعوته.
أوّل سفيرٍ في الإسلام: مصعب بن عمير
نسبه ونشأته
هو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة القرشي العبدري، وكنيته: أبو عبد الله، وكان من أغنى أغنياء مكة وفضلائها، يصفه المؤرخون فيقولون: " كان أعطرَ أهل مكة"، وحديثَ أهلها وشبابها وحِسانها.
إسلام مصعب بن عمير
كان مصعب بن عمير يستمع إلى ما يقوله أهل مكة عن النبي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وأنّ الله -تعالى- أرسله مبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى عبادة الله الواحد الأحد، وعلم أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجتمع مع أصحابه بعيدًا عن أعين أهل قريش في دار الأرقم بن أبي الأرقم، فلم يطل به الأمر حتى ذهب إليهم؛ فسمع من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وشرح الله صدره للإسلام؛ فأسلم وكان من السابقين إليه.
وبقي أمر إسلام مصعب سراً عن أهل قريش وعن أمه بإسلامه، فلمّا علمت أمّه، حاربته وأمرته بترك الإسلام؛ فرفض مصعب -رضي الله عنه- ترك الإسلام، ممّا دفع أمّه وأهله إلى حبسه، وظل حبيساً حتى سمع بخبر الهجرة إلى الحبشة فاحتال على أمه وحراسه وهرب وهاجر إلى الحبشة مع المهاجرين.
مصعب سفير الرسول إلى المدينة
بالرغم من صغر سنّ مصعب -رضي الله عنه- إلّا أنه أظهر من الحكمة ورجاحة العقل ما يفوق ضِعْفَ سنِّه، ومن التصميم وقوة العزيمة ما يغير سير الزمان، فاختاره الرسول صلى الله عليه وسلم لأعظم مهمة في ذلك الوقت: أن يكون سفيرَ الرسول إلى المدينة المنورة يُفَقِّهُ الأنصار الذين بايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عند العقبة، ويدعو من لم يسلم إلى الإسلام، ويُعِدَُ المدينة إلى يوم الهجرة العظيم.
مضى مصعب إلى المدينة المنورة ليدعو أهلها إلى الإسلام، ويعلّم من أسلم في بيعة العقبة القرآن الكريم، وعندما وصل إليها لم يكن فيها سوى اثني عشر مسلمً، هم الذين بايعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قبل، وما لبث أن مكث فيها بضعة أشهرٍ؛ حتى استجاب أهل المدينة له، وفي موسم الحج الثاني أرسل مسلمو المدينة وفدًا يمثلهم وينوب عنهم أمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنًا ومؤمنةً بقيادة أول سفيرٍ في الإسلام مصعب بن عمير.