مقومات السياحة العلاجية في مصر
مقومات السياحة العلاجية في مصر
مقومات طبيعية
يلعب الموقع الجغرافي لدولة مصر دوراً مهمّاً في استقطاب السياح إليها؛ حيث يمكن للزوار استخدام أكثر من وسيلةٍ للسفر إليها؛ مما يُساهم في خفض تكاليف السفر والتنقل؛ حيث يَحد مصر من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب الشرقي البحر الأحمر ، وتقع في وسط الوطن العربي، وهي إحدى أهم الوجهات السياحية العلاجية للعرب من الدول المجاورة لها، بالإضافة إلى مختلف السياح القادمين من أوروبا؛ فهي مكانٌ مناسب للتمتع بمعايير الإقامة والخدمات العالية، وتحتوي مصر على العديد من المميزات الطبيعية التي تجعلها المكان المناسب للاستشفاء وتلقي العلاج من الطبيعة، ومن هذه الميزات ما يأتي:
- تحتوي مصر على مئات العيون والآبار الطبيعية الغنية بالمواد المعدنية وعنصر الكبريت وهي ذات سعاتٍ وأعماقٍ مختلفة ودرجات حرارة متفاوتة تتراوح بين 30 وأكثر من 70 درجة مئوية، كما أنها تحتوي على أغنى الينابيع بعنصر الكبريت على مستوى العالم، بالإضافة لاحتوائها على معادن شفائية أخرى مثل كربونات الصوديوم وبعض العناصر الفلزية؛ كالماغنسيوم والحديد.
- تتسم الموارد المائية ذات الأغراض الاستشفائية باحتوائها على نسبة ملوحة ملائمة لعمليات الاستشفاء، كما تنتشر في مصر الآبار الطبيعية ذات المياه العذبة والصالحة للشرب، وقد قامت الدولة باستثمارها واستخدامها لأغراض اقتصادية بوجود رقابة مُحكمة على المواصفات والمقاييس؛ لضمان جودة ونقاء المياه من الشوائب والجراثيم ودرجة عسر الماء وتركيبها الكيميائي.
- تحتوي مصر على كثبان رملية توازي أهميتها العلاجية أهمية المياه المعدنية؛ حيث تحتوي الرمال فيها على مجموعةٍ من العناصر المشعة ذات الفائدة العلاجية للأمراض الروماتيزمية والأمراض الناتجة عن أمراض العمود الفقري وغيرها من الأمراض ذات الآلام الحادة؛ حيث يتم الاستفادة من هذه الكثبان عبر طمر الجسم فيها أو طمر الجزء المصاب بالألم الحاد وذلك لفترات زمنية محددة ومدروسة.
مقومات طبية
تحتوي مصر على العديد من المقومات على الصعيد الطبي والعلاجي؛ حيث تتوفر فيها العديد من المستشفيات ومراكز الفحوصات والمؤسسات الطبية؛ التي تحتوي على كافة الإمكانات؛ مما يجعلها مصدراً جيداً للدخل، كما أنها تمتلك الإمكانات التي تؤهلها لإعداد المرضى للعمليات الجراحية ومساعدتهم للتعافي بعدها وإصلاح آثارها التي تليها.
مقومات أخرى
يبين الآتي العوامل الأخرى التي تجعل من مصر وجهةً مرغوبةً للسياح بغرض العلاج:
- الأسعار المنخفضة: تُعد مصر من أقل الوجهات السياحية العلاجية كلفةً؛ حيث تقدم العيادات والمستشفيات وطواقمها خدماتٍ تشبه الخدمات المقدمة في الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية لكن بتكاليف أقل، ويُعزى ذلك لتقديم وكالات السياحة العلاجية المحلية أسعار مدعومة للمرضى الزائرين، والتي تشتمل على جولاتٍ كاملة ومجموعةٍ من الفحوصات الطبية والخدمات المتعددة؛ حيث تقدم الحكومة المصرية الدعم لهذه الوكالات وتوافق على إعلاناتها بهدف تشجيع السياح وجذبهم للاشتراك بهذه الحزم، كما تقوم هذه الوكالات بتقديم خطة تأمين صحي للسياح تشمل فترة إقامة المريض كاملة في الدولة.
- وجهة مناسبة للعطلات: تحتوي مصر على عددٍ كبير من المواقع السياحية التي تساعد المرضى على التخلص من الاجهاد قبل وبعد العلاج، ومن هذه المواقع هرم الجيزة الأكبر؛ الذي يعدُّ من أكثر الوجهات السياحية شعبيةً في مصر، كما تحظى مدينة القاهرة بالأفضلية لدى المرضى؛ وذلك لوقوع أغلب المستشفيات الخاصة التي يقصدها الزائرين بهدف العلاج فيها، وأيضاً لقربها واتصالها بكثير من المواقع السياحية الأخرى، إلى جانب ذلك تحتوي مصر على وجهات شعبية أخرى ذات أهمية دينية وتاريخية مثل شرم الشيخ، والغردقة، والأقصر، ودهب، ومرسى علم.
- مراكز العلاج البديل: طوَّرت مصر العديد من تقنيات العلاج البديل؛ التي أصبحت منتشرةً في جميع أنحاء البلاد؛ حيث يوجد فيها العديد من المراكز الشفائية والمنتجعات الصحية التي يتوجه إليها السياح من أجل التقليل من التوتر من خلال استخدام تقنيات العلاج البديل مثل العلاج بالرمل الأسود، والينابيع الكبريتية، والعديد من تقنيات العلاج البديل الأخرى.
- معايير العلاج المرتفعة: يتم توظيف الأخصائيين الطبيين من الدرجة الأولى داخل المستشفيات والعيادات في مصر؛ مما يضمن تقديم أعلى معايير العلاج والرعاية الصحية بعد اجراء العمليات الجراحية، ويتم ذلك بكُلفة علاجية منخفضة، وقد أدت هذه الميزة إلى ترسيخ سمعة مصر في الوقت الحالي كوجهة سياحية علاجية رئيسية للمرضى.
- العناية الحكومية بالسياحة العلاجية: تُخصِّص الجهات الحكومية المصرية العديد من المؤسسات لتنمية السياحة بشكلٍ عام، بالإضافة لوجود مؤسسة مختصة بالعناية بالسياحة العلاجية، وهي المؤسسة المصرية للسياحة العلاجية والاستشفاء البيئي؛ التي تُعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط ، وهي مؤسسة مجتمع مدني تقوم بالإشراف عليها وزارة التضامن الاجتماعي.
أهمية السياحة العلاجية في مصر
تحتلُّ السياحة العلاجية مركزاً مهماً في اقتصاد مصر؛ فهي ذات تأثيرٍ مباشرٍ على القطاع الصحي، والاقتصادي، والاجتماعي، كما أن لها دورٌ واضح في زيادة الاستهلاك وأيضاً المساهمة في الدخل القومي ؛ وذلك من خلال زيادة نسبة النقد الأجنبي الوارد للدولة، بالإضافة لدورها في التقليل من مشكلة البطالة عن طريق توفير فرص العمل المختلفة في هذا المجال.
تاريخ السياحة العلاجية في مصر
يعود تاريخ بداية السياحة العلاجية في مصر إلى عصر الفراعنة ؛ حيث توافد إليهم المرضى من مختلف المناطق لتلقي العلاج على أيدي أطبائِهم، وقد استفادوا من عيون المياه المعدنية لهذه الأغراض، وقد تبع ذلك العصر الروماني؛ التي أصبحت فيه الحمامات منتشرةً في جميع انحاء مصر؛ حيث تعمق الرومانيون في هذا المجال، وبقيت الحمامات محل الاهتمام طوال فترة العصور المتوسطة إذ إن العرب أيضاً أنشأوا حمامات جديدة وبدأوا بالاهتمام بمدينة حلوان من الناحية العلاجية، وفي نهاية القرن التاسع عشر أصبحت السياحة في مصر تتخذ منحى علمي واقتصادي، وبذلت الحكومة جهودها لتنشيط السياحة العلاجية منذ ذلك الحين وما زالت حتى الوقت الحاضر.
مناطق السياحية العلاجية في مصر
يبين الآتي أبرز الأماكن السياحية الموجودة في مختلف مناطق مصر:
- الواحات البحرية: تعدُّ الواحات البحرية الوجهة المفضلة للقادمين من أوروبا وأكثرها زيارةً؛ حيث يأتون إليها للاستشفاء بمياهها الدافئة، التي تصل درجة حرارتها إلى 45 درجة مئوية، وهي تحتوي أيضاً على آبار رومانية قديمة؛ كبئر البشمو الموجود في الجيزة؛ الذي يعود سبب شهرته إلى كونه مصدر للمياه الساخنة والباردة.
- آبار بولاق: تحتوي مياه هذه الآبار على العديد من الفوائد العلاجية؛ التي يعود سببها إلى عمق هذه الآبار الذي يصل إلى 1,000 متر تحت سطح الأرض ودرجة حرارة المياه التي تصل إلى 28 درجة مئوية، كما تتمتع كثبانها الرملية الموجودة على جوانب البئر بقدرة علاجية لأمراض الروماتيزم، والروماتويد ، والتهاب المفاصل، وآلام الغضاريف، وبعض أنواع التهابات العظم الداخلية، وقد تم بناء منتجعٍ سياحي قريب من منطقة الآبار؛ ليتم فيه تقديم كافة الخدمات للسياح، وتقع هذه الآبار بالقرب من الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة الخارجة بمدينة باريس والأقصر .
- محافظة الوادي الجديد: تتمتع هذه المحافظة بجوها الرائع وخلوها من الرطوبة ، وهي تحتوي على أنواعٍ عديدة من الأعشاب الطبية التي تُستخدم للعلاج، بالإضافة لاحتوائها على عيون المياه العلاجية التي تتمتع بالمعادن المفيدة للجسم والتي تصل درجة حرارتها إلى 34 درجة مئوية.
- العيون الساخنة: تقع هذه العيون في منطقة سيوة، وهي تتميز باحتوائها على معادن تفيد في علاج الأمراض الجلدية كالصدفية بالإضافة إلى أمراض الجهاز الهضمي ، ومن الأمثلة على هذه العيون عين كيجار؛ التي تعد غنيةً بعنصر الكبريت والتي تصل درجة حرارة المياه المتدفقة منها إلى حوالي 67 درجة مئوية.
- آبار نصر: تتكون آبار نصر من ثلاث آبار لها ثلاث أعماق مختلفة يحيط بها مجموعةٌ كبيرة من الحدائق الخلابة، ويتم تجميع المياه منها في حوض سباحة تبلغ درجة حرارة المياه فيه 28 درجة مئوية طوال السنة، ويأتي إليها السياح لعلاج الروماتيزم ، وآلام المفاصل، وأمراض التهاب الجلد، وحصى الكلى ، وبعض أمراض الجهاز الهضمي، وقد تم وضع خيمة ضخمة في هذه الآبار من أجل تلبية احتياجات السياح.
- واحة الفرافرة: تقع هذه الواحة على بُعد 6 كيلومترات إلى الغرب من منطقة الفرافرة وهي تتصل بالواحات الأخرى عبر الطريق الرئيسي، وتبلغ درجة حرارة مياهها 24 درجة مئوية طوال السنة، ويوجد داخل منطقة الواحة قرية سياحية ذات مرافق متعددة لتقديم الخدمات للسياح، وتحيط بالواحة صحراء رملية بيضاء، كما تحتوي على مجموعة من الأعشاب والنباتات المفيدة لعلاج الأمراض؛ كالنعناع البري الذي يستخدم لعلاج أمراض الجهاز الهضمي وخاصة آلام المعدة بالإضافة إلى نبتة الدمسيسة والكركدية ونخلة السكر؛ التي تُستخدم في علاج مرض السكري ، والحنظل المفيد في تخفيف آلام المفاصل.
- واحة سيوة: تعدُّ واحة سيوة من أشهر الواحات الموجودة في الصحراء الغربية، وهي تُعرف باسم جنة الفنانين وواحة الجمال والشعر، وتعتبر من أفضل الأماكن للسياحة العلاجية في مصر؛ وذلك لما يتمتع محيطها به من مناخ معتدل وهواءٍ نقي وسماء صافية، وهي تحتوي على مجموعة من الآبار والينابيع النقية التي تُحيط بها الكثبان الرملية وأشجار النخيل والزيتون، وهي تقع على بعد 300 كيلومتر غرب مدينة مرسى مطروح، ويقع بالقرب منها جبل الدكرور؛ الذي يحتوي على مرافق علاجية تساعد في علاج الروماتيزم وآلام المفاصل والضعف.
- يُمكن للسائح أيضاً استخدام رمال المنطقة عبر دفن أجزاء الجسم المريضة فيها خلال فترة النهار ولمدة زمنية معينة، كما تحتوي واحة سيوة على مجموعة من الينابيع الساخنة التي تساعد في علاج الصدفية والروماتيزم وبعض أمراض الجهاز الهضمي، ومن أشهر هذه الينابيع بئر كيغار الذي يبلغ درجة حرارة المياه فيه 67 درجة مئوية، والذي يحتوي على مجموعة من المعادن التي تشبه المعادن الموجودة في ينابيع كارلو فيفاري المشهورة في دولة التشيك .
تطوير السياحة العلاجية في مصر
يبين الآتي مجموعةً من الطرق؛ التي يمكنها المساهمة في تطوير قطاع السياحة العلاجية في مصر:
- وضع أسعار ثابتة ومعروفة للمرضى وكافة المتعاملين في القطاع الصحي، بالإضافة تفعيل نظام التنافس بين المستشفيات من حيث التجهيزات والاختصاص، إذ إن ذلك سيسهم في تشجيع المرضى للتردد عليها.
- تطوير ورفع مستوى الكفاءات العاملة في القطاع الصحي من ناحية العلاج البيئي عن طريق تدريبهم على هذا النوع من العلاج، وتوفير كوادر طبية وفنية تحرص على ضمان الجودة الصحية للمريض.
- تصميم قاعدة بيانات لأسماء المراكز الطبية المتخصصة وأخرى تخص المستشفيات؛ ليتمكن الشخص الراغب بالعلاج بالاطلاع عليها، على أن تتضمن هذه القاعدة المعايير العالمية للعلاج والأسواق المستهدفة؛ حيث إن لكل سوق معايير تختلف عن الآخر.
- استخدام وسائل الإعلان لتسويق السياحة العلاجية في مصر؛ وذلك عبر البرامج الإعلامية التي تركّز على مناطق السياحة العلاجية فيها، وأيضاً المشاركة في المؤتمرات الدولية التي تخص هذا الموضوع؛ مما سيُفيد مصر في عملية المنافسة مع الدول الأخرى ذات المجال نفسه.
- تشكيل هيئة مستقلة مسؤولة عن السياحة العلاجية تكون وظيفتها التنسيق بين الوزارات المختلفة؛ كوزارة السياحة، والصحة، والاستثمار والداخلية، والخارجية، وتمثيل سُبل للتعاون فيما بينها لضمان عدم دخول الاختصاصات فيما بينها، بالإضافة إلى ذلك يجب إنشاء عيادات طبية داخل المطارات والموانئ.
- تقديم مجموعةٍ من التسهيلات للاستثمارات الخارجية وتسهيل الاجراءات لها وإعطائها جميع الصلاحيات في سبيل جذب المستشفيات العالمية كونها ذات مصدر دخلٍ مهم.
- تقليل المُعيقات؛ التي من شأنها أن تؤثر على عملية السياحة العلاجية؛ وذلك عبر تسهيل اجراءات السفر والطيران والحصول على التأشيرات، وأيضاً عبر توفير خطوط طيران مباشرة للطائرات القادمة من مختلف الدول العربية والأوروبية وغيرها.
- التّوسع في مجال التداوي بالأعشاب والطب البديل المتخصص بأمور العلاج بالأعشاب؛ وذلك من خلال إنشاء المنتجعات في المناطق المهيأة لذلك، بالإضافة إلى إنشاء مصنع لاستخلاص وانتاج الدواء من هذه الأعشاب .
- التعاون مع الجمعيات والهيئات العالمية المختصّة بشؤون المرضى وعلاجهم ودعوة الأطباء المختصين والمسؤولين فيها لزيارة مصر، بالإضافة إلى أهمية الاشتراك في الجمعيات والاتحادات المتخصصة في مسار السياحة العلاجية.
السياحة العلاجية في مصر
تُعتبر مصر إحدى أفضل الوجهات السياحية حول العالم؛ حيث إنها تستقطب السياح إليها من كلِّ مكان على اعتبارها وجهةً للسياحة العلاجية المتميزة ضمن دول العالم؛ فهي مبتغى السياح في الاستمتاع بالمناخ الصحي وتلقي العلاج الطبي؛ إذ إن السياحة العلاجية في مصر تعدُّ من أنواع السياحة المعروفة دولياً، وهي تتصدر إلى جانب الأردن قائمة الدول التي تدعم وتقدم السياحة العلاجية في العالم العربي.
تجدر الإشارة إلى أن المقصود بالسياحة العلاجية هو السياحة القائمة على الرعاية الطبية والصحية؛ التي يقوم بها الأشخاص بهدف التخلص من الآلام والمشاكل الصحية المختلفة؛ حيث يتوجهون إلى المناطق التي تتوفر فيها المصادر الطبيعية للعلاجات الطبيعية مثل ينابيع المياه المعدنية، والحمامات الكبريتية، والطين والرمال الساخنة، وغيرها، وقد تم تصنيف مصر في المرتبة 28 للسياحة العلاجية على مستوى العالم بحسب مؤشر السياحة العلاجية؛ الذي يُعرف بالاختصار (MIT) لعام 2017م، كما احتلت المرتبة الثالثة على مستوى العالم العربي في نفس العام كأفضل مكانٍ للسياحة العلاجية.