مقدمة قصيرة عن الصبر
الصبر صفة الأنبياء والمرسلين
الصبر ثمرة طيبة طعمها حلو لذيذ أطيب من الشهد المصفى، على الرغم من أنّ ظاهره مرّ وصعب، لكن من يتقن صفة الصبر يستطيع أن يُتقن كلّ شيء، فالصبر هو طريق النجاة وسط عالمٍ متزاحمٍ بالأحداث الصعبة والمحن، وهو زوّادة الإنسان المؤمن الذي يجد في الصبر انتظارًا للفرج.
لهذا فإنّ الصبر عبادة يُؤجر صاحبها، خاصة إن كان مفعمًا بالرضا الذي يسكن القلب، وهو الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، فليس أجمل من الصبر ولا أعظم منه، فهو من أعظم الأخلاق وأكثرها فائدة ونفعًا للقلوب لأنّه يدربها على مهارات الحياة بكلّ ما فيها من مشكلات ومصاعب وتحديات.
الصبر صفة الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، ويفوح عطره الطيب على القلب والروح فتهدأ وتشعر بالأمان؛ لأنّ القلب الصابر لا يُصاب بالجزع ولا الخوف، وإنما يكون همُّه الأول والأخير أن يكون راضيًا بقدر الله تعالى وكلّ ما فيه، والصبر يروض القلب على أن يتقبل كلّ الاحتمالات دون أن يُصيبه أيّ رفضٍ للحدث، وهذا هو الصبر الجميل.
الصبر شجرة باسقة تمدّ جذورها العميقة في تربةٍ طيبةٍ، وترفع رأسها لتطاول عنان السماء، وما من شخصٍ يضع الصبر في نفسه إلّا وكان له عونًا له في الطريق، فالصبر مفتاحٌ من مفاتيح الفرج ، كما أنّ الله -تعالى- يعطي للصابرين المحتسبين أجرهم بغير حساب، ولهم مكانة عالية في الدنيا والآخرة، لهذا فإنّ الصبر عظيمٌ جدًا.
الصبر مثل شجرة زيتونٍ مباركة لا يزيدها الزمن إلا عطاءً وإصرارًا، والإنسان الصابر يرى في المحن منحًا، لهذا علينا أن نتحرى الصبر في جميع شؤون حياتنا؛ لأنه من الصفات النبيلة التي تزرع في القلب راحة عظيمة وتسليمًا لا حدود له، فالصبر يمنح الشعور بالسلام الداخلي الراقي الذي لا يصله إلّا من عرف قدره وقيمته، لهذا علينا جميعًا أن نتعلم إتقانه بكلّ قوتنا.
الصبر أرضٌ خضراء ليس لها حدود، ولا يمكن أن يخذل صاحبه أبدًا، فهو الرابح في جميع الأحوال، فإنّ الصابرين ينالون أجرًا عظيمًا أو فوزًا عظيمًا، ويجدون نفسهم في نهاية الأمر وقد بلغوا مراتب عليا لم يكونوا يتوقعونها، وهذه ميزة رائعة يمنحها الصبر لأصحابه دون أن ينظروها حتى.
طوبى للصبر والصابرين، وطوبى لكلّ إنسان تمسك به رغم الظروف الصعبة التي ترافقه، ورغم الحزن الكبير الذي قد يشعر به الإنسان الصابر وهو يرى الفرج قد وصل لغيره ولم يصله بعد، لكنّه لم يكلّ ولم يملّ من صبره أبدًا، فنهاية الصبر دائمًا جميلة، ودائمًا تؤدي إلى الخير والفلاح.
من أراد أن يدرك قيمة الصبر فعليه أن يقرأ في سيرة الأنبياء والرسل والسلف الصالح والتابعين ليعرف جزاء الصبر الذي أدركوه جميعًا، وكيف أنّ الله تعالى نصرهم بصبرهم ووصلوا إلى ما يريدون دون حولٍ لهم أو قوةٍ.