مقدمة إنشاء عن التسامح
التسامح زينة الأخلاق
التسامح خلقٌ رفيع يجعل القلب نقيًا خفيفًا خاليًا من أيّة ترسبات للحقد، وخاليًا من أيّ سوء، فالتسامح يسمو بالإنسان ويجعله يعفو عمّن ظلمه ويتجاوز عن الإساءة، وهو خلق الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- والصالحين من بعدهم، لهذا من أراد أن يكون قدوةً حسنةً في التسامح فعليه أن يتبع السلف الصالح ويكون مثلهم ويمشي على خطاهم ولا يُفكر في أن يكون لديه نزعة انتقامٍ أو حقد.
التسامح يُزين القلب؛ لأنّه زينة الأخلاق، فهو سلّم لبلوغ المجد و عزة النفس وكرامتها؛ لأنّه يزيد من ثقة المتسامح بنفسه ويجعله محبوبًا بين الناس، ويرفع من قدره وقيمته كما لو أنه وسامٌ يزين القلب.
فالتسامح حديقة من ورد يزرعها المتسامح في قلوب الآخرين، فيفوح عطرها الأخّاذ، فيشعر المتسامح بأنه نبعٌ متدفقٌ بالأخلاق الطيبة التي لا تقبل بالحقد أو الثأر أو أيّ شيءٍ يُسبب العداوة بين الناس.
فضائل التسامح
المتسامح إنسانٌ طيبٌ بالفطرة، قرّر أن يُبعد قلبه عن الحقد والضغائن ، وأخذ عهدًا على نفسه ألّا يحمل روحه فوق طاقتها، لهذا زرع المحبة فحصد الخير كله، وأصبح أنموذجّا للخير والأمان بين الجميع.
كما أنّ التسامح يمحو الذنوب ويجعلها وكأنها لم تكن؛ لأنّه سببٌ في نيل رضا الله تعالى وبلوغ جنته واكتساب محبته، والتسامح نورٌ في القلب لا يبلغه إلا من كانت نيته خالصةً لله تعالى.
التسامح رسول سلام ينثر المحبة بين الناس ويُساعدهم على تخطي أيّة مشكلة تقع بينهم، كما يزيد من العطاء ويجعل الحياة أكثر جمالًا؛ لأنّه يُلونها بالمحبة الصافية التي تبتغي وجه الله تعالى الذي نهى عباده عن الحقد والحسد والضغينة وأمرهم بالتسامح، فالتسامح يملأ القلب بالسرور الجميل المبهر، فهو ثمرة طيبة تنزل إلى أعماق القلب فتُحييه وتنزع عنه السواد.
التسامح لا يهتمّ بالمواقف أبدًا بقدر اهتمامه بكسب محبة الله تعالى والعفو عن عباده، فالتسامح يُحقق الأمن والأمان و الطمأنينة والسعادة ويزيد فيها إلى أعظم درجة، ويسند القلب كما لو أنّه جبلٌ عظيم يجعل القلب يشعر بالأمان؛ لأنّه مثل النافذة التي تطلّ على منظرٍ جميل، فتتجاهل كلّ شيء فيه سواد، وتطلّ على الخير والفرح فقط.
التسامح يحيي القلوب
ما أجمل التسامح عندما يكون نابعًا من قلبٍ صادق، فالأخلاق كلّها في كفة والتسامح في كفة؛ لأنّه يجعل الأخلاق كلها فاضلة، فمن يكن متسامحًا لا يُمكن أن يُفكر بالغدر أو الخيانة، بل يُحافظ على الوفاء والإخلاص والأمل، والمتسامح ينبذ العنصرية ولا يُميز بين الناس على أسسٍ بالية، بل يتسامح مع الناس بحسب ما يشعر من روحانية عظيمة تتجلى في أعماق روحه النقية.
التسامح شمس تشرق على القلب، والتسامح مثل الغيث الذي يهطل على القلوب في عزّ المطر؛ لأنّه يكسر كلّ قواعد الرغبة بالانتقام، ويمتنع عن المشاركة في أيّ مخططٍ فيه إيذاءٌ للآخرين، ويكتفي بالجمال والنقاء والحب الدائم الذي يسكن القلب ويُحيي فيه الأمل.