مقام النبي يونس
مقام النبي يونس عليه السلام
يُقال إنّ مقام النبي يونس -عليه السلام- يقع في شمال العراق في مدينة الموصل، أو في قرية كفركنه على قمة تلّ يحاذيها حيث بُنيت عليه صومعة جميلة فيه قبره -عليه السلام-، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّه لا يُعرف موضع قبور جميع الأنبياء -عليهم السلام- قطعاً باستثناء قبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الواقع في المدينة المنورة، وقبر نبي الله إبراهيم -عليه السلام- الواقع في مدينة الخليل في مغارة معروفة هناك.
النبي يونس عليه السلام
نسب النبي يونس عليه السلام ولقبه
هو يونس بن متى من ولد بنيامين بن يعقوب ، وقد ذُكر أنّ أباه توفّي وهو ما زال في بطن أمّه التي كانت من ولد هارون -عليه السلام-، وعندما أنجبته -عليه السلام- لم يكن لها لبن، فطلبته من الرعاء إلّا أنّهم منعوها إيّاه، فوضعته -عليه السلام- في غار، فسخّر الله -تعالى- له شاة كانت تأتيه كل يوم فيرضع منها، واستمر هذا الحال لأربع سنين، ثمّ أُكرم -عليه السلام- بالنبوّة.
وهو أحد أنبياء بني اسرائيل، بعثه الله -تعالى- إلى الآشوريين لدعوتهم لعبادة الله -تعالى- وتوحيده، بعد أن كان ملكهم قد غزا بني إسرائيل، وتجدر الإشارة إلى أمرين:
- أثنى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على نبي الله يونس -عليه السلام- بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما يَنْبَغِي لأحَدٍ أنْ يَكونَ خَيْرًا مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى).
- كان نبي الله يونس -عليه السلام- يُلقّب بذي النون ، أي صاحب الحوت، حيث قال الله -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: (دَعوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعا وهُوَ فِي بَطنِ الحوتِ {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ إلَّا استجابَ اللَّهُ لهُ).
قوم النبي يونس عليه السلام ودعوته
أُشير مُسبقاً إلى أنّ الله -تعالى- بعث يونس -عليه السلام- إلى الآشوريين الذين يقطنون في قرية نينوى الكائنة في الموصل، وكانوا قد أسسوا حضارة لهم تقوم على القوة، والحرب، وبسط النفوذ على العديد من الشعوب، كما كانوا يعبدون الأصنام والأوثان ويسمّونها بأسماء مدنهم، فدعاهم يونس -عليه السلام- إلى عبادة الله -تعالى- وتوحيده ومجانبة الصفات السيئة، والظلم، والتعدي على الآخرين، إلّا أنّهم أصرّوا على كفرهم وضلالهم.
فخرج -عليه السلام- من القرية إلى البحر ليركب سفينة تأخذه بعيداً عن قومه، وعندما أصبحت السفينة في عرض البحر توقفت لزيادة الثقل عليها، فما كان للركاب من خيار سوى إجراء القرعة فيما بينهم، فمَن تصيبه ألقوه في البحر، فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس -عليه السلام-، فلم يلقوه لصلاحه لحسن خلقه، فأعادوها ثانية وثالثة وفي كل مرة تصيبه القرعة، حتى لم يجدوا بُدًّا من إلقائه ففعلوا ذلك.
فأمر الله -تعالى- حوتاً من البحر الأخضر بالتقامه دون أن يكسر عظمه أو يهشم لحمه، ولَبِث -عليه السلام- في بطنه مقداراً من الوقت لا يعلمه سوى الله -تعالى-، وكان خلال تلك الفترة يسبح الله ويدعو قائلا: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "، معلناً بذلك توبته عمّا خالف فيه من ترك قومه ودعوتهم وعدم الصبر عليهم، فتاب الله عليه وأمر الحوت أن يقذفه على الساحل حيث قال الله -تعالى-: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ).