مقال عن سماحة الدين الإسلامي
سماحة الدين الإسلامي
السّماحة؛ تحمِلُ كُلَّ معاني الّلين، واليُسر، والسُّهولة، وهي في اللغة دالَّةٌ على السّلاسة، وقد تميَّزَ الدِّينُ الإسلاميُّ باليُسر والسَّماحة؛ فقد شملَ بتلك المعاني كُلَّ الأحكام، والأوامر، والنَّواهي.
وبما أنَّ الإسلامَ دينٌ عالميٌّ يُخاطِبُ كُلَّ الألوانِ، والأعراقِ، والأديانِ، فقد ذَكَر لنا التَّاريخُ أنَّ الأمّمَ السالِفَة، لم تَعرِف مثلَ المُسلمينَ، فاتحينَ راحمينَ مُتسامِحين، فأخلاق الإسلام جميلةٌ طيّبة، وأحكامه من أعدل الأحكام وأقومِها.
سماحة الإسلام في الكتاب والسنة
وردت العديد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، التي تؤكد على أساس سماحة الإسلام، ومن الآيات القرآنية التي وردت في ذلك:
- يقول تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).
- يقول تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا).
- يقول تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
- يقول تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا).
نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث النبوية التي تبين مدى سماحة الإسلام ويسره، ومنها:
- يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ تؤتى رُخصُه كما يُحِبُّ أنْ تؤتى عزائمُه
- يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَهُ
- عن أبي موسى الأشعري أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بَعَثَ مُعَاذًا وأَبَا مُوسَى إلى اليَمَنِ قالَ: (يَسِّرَا ولَا تُعَسِّرَا، وبَشِّرَا ولَا تُنَفِّرَا، وتَطَاوَعَا ولَا تَخْتَلِفَا).
سماحة الإسلام ويسر أحكامه
حمَلَ الإسلامُ في طيّاتِهِ العديدَ من الأخلاقِ الحميدةِ التي يُمكِنُ وَصفُها بجسرٍ يُوصِلُ إلى السماحَةِ المرجوَّة، وكانت السماحة الصفة التي لازمت أحكامه في مختلف الأبواب، ومن أمثلة ذلك:
- السّماحة في العبادات؛ حيث خفَّف على المريضِ الصلاة قائمًا، وراعى حالةَ المُسافرِ وتعبه حين أباحَ له قَصرَ الصلاةِ وجمعِها، ومَنَحَ الصائمَ غير المقتدر صاحب الأعذارًا الفداء بدلًا عن صيامه.
- خطاب الدّائنين في القرآن الكريم، حيث دعاهم إلى التيسير على المدينين المعسرين؛ وذلك بالصّبر على عدم سدادهم لأموالهم التي استدانوها، وهو بذلك يُعلِّمُهم سماحةَ النّفسِ، وحُسنَ الصّبر على المعسرين.
- الدّعوة إلى حُسن التَّعامل في البيع والشراء؛ تفاديًا لنَزْعِ البَرَكَةِ في الرّزق، وذلك في قول النبي: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى).
- الدعوة إلى طلاقة الوجه، ولين الجانب، وإفشاء السلامِ.
سماحة الإسلام مع غير المسلمين
عمل الإسلام على إيواء من كانوا على غير الإسلام، ومنذ أن جاء الإسلامُ كان شعاره: لا إكراه في الدّين، حيث لم يُجبَر فردٌ على الدّخول في الإسلام.
فاحترمَت مبادئ الإسلامِ كُلَّ أصحابِ الدِّيانات الأخرى، وشَرَعَت الحقوق والواجباتِ من أجل تنظيمِ الحياة داخلَ المُجتمعِ الإسلاميّ وخارجَه، ونذكر من ذلك:
- تحريم إيذاءَ كلِّ مُعاهِدٍ أو مُستأمن دخل ديار الإسلام، وتغليظ عقوبةَ من يمارس ذلك الإيذاءِ سواءً كان بالفعل أو القول؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَن قَتَلَ مُعاهَدً لَمْ يَرِحْ رائِحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَها تُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عامًا)
- تحريم التعرُّضَ لدور عبادَةِ غير المُسلمين حال الحرب والسّلم، وتحريم قَتل الذين لم يتجهّزوا للمشاركة في الحرب، كالنّساء والأطفالِ والشيوخِ كبار السّن.
- وكان من وصايا أبي بكر الصّدّيق -رضي الله عنه- عند إرسال أُمَرائِهِ قوله: "يا يزيد: لا تقتل صبيًا ولا امرأةً ولا صغيراً ولا تخربنَّ عامراً، ولا تعقرنَّ شجرًا مثمرًا، ولا دابةً عجماءَ، ولا بقرةً، ولا شاةً إلا لمأكلة، ولا تحرقنَّ نخلًا، ولا تغرقنَّه، ولا تغلُل ولا تُجبِن".