مقال حول التسامح
مفهوم التسامح في الإسلام
لا شك أنّ الإسلام هو دين التسامح، واليسر، ورفع الحرج والمشقة عن العباد، وهو دين الرفق واللين والبعد عن العنف والتشدد في الواجبات، وهو دين العدل، والإنصاف، ورفع الظلم عن العباد، وهو دين الاعتدال والوسطية في الأمور كلها.
قال -تعالى-: ( كَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) ، والإسلام مشتق السماحة، والتي هي من الأخلاق الكريمة التي اتصف بها المسلمون، فقد كانت معاملاتهم قائمة على السماحة سواءً مع بعضهم أو مع أصحاب الديانات الأخرى .
أنواع التسامح
للتسامح أنواع عديدة نذكر منها ما يأتي:
- التسامح العرقي
ويتمثل في تقبّل الآخر رغم اختلاف العرف، أو اللون، أو الجنس، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .
- التسامح الديني
ويتمثل في التعايش بين جميع أتباع الأديان السماويّة، دون تعصب ديني ، قال -تعالى-: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) .
- التسامح الفكري
ويتمثل في الابتعاد عن التعصب للأفكار، واحترام آراء الآخرين، والتأدب في الحوار والخطاب، قال -تعالى-: (وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَ) .
- التسامح السياسي
ويتمثل في ضمان حرية العمل السياسي، والحزبي الفردي، والجماعي؛ تحقيقاً لمنهج الديمقراطيّة في الحياة، وحرية الكلمة، قال -تعالى-: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
مجالات التسامح
لا شك أن مجالات التسامح تتعدد وتتنوع لتشمل مناحي الحياة جميعها، وقد حث رسول الله الأمين على التسامح في البيع والشراء والتقايض، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)، كما تتسع مجالات التسامح، لتشمل التسامح في إقامة الحدود.
أهمية التسامح
حث الإسلام على التحلي بالتسامح والعفو، فهما سبب في الحصول على ثواب عظيم وأجر وافرٍ من الله -تعالى-، ويحظى بمكانة عظيمة عند الناس، ويسهم في نهضة المجتمع، وتطوره، كما وعد الله -تعالى- من يتحلّى بالتسامح والعفو في الجنة في قوله: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
والمتسامح الذي ليس في قلبه غلّ ولا حقد لأحد من الناس، يحبه الله ويرضى عنه ويغفر له؛ لأنه لا يعامل الناس كما يعاملوه، فيزداد حب الناس له، وبالتالي يزداد شعور الناس تجاهه بالراحة، والطمأنينة، والثقة، وبالتالي تستقر العلاقات الاجتماعية بين الناس، وتترسخ ثقافة التسامح، ونبذ العنف في المجتمع .