مقاصد سورة النساء
التعريف بسورة النساء
تُعد سورة النساء من السور المدنية الطِوَال، التي نزلت بعد هجرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، ويبلغ عدد آياتها مئة وستة وسبعون آية، وهي السورة الرابعة من ترتيب سور القرآن الكريم.
ونزلت سورة النساء بعد سورة الممتحنة، وسميت سورة النساء بهذا الاسم لأنها طرحت أحكام خاصة في النساء لم تطرحها السور القرآنية الأخرى ولهذا أطلق عليها "سورة النساء الكبرى"، ويقابل سورة النساء سورة الطلاق التي عرفت كذلك باسم "سورة النساء الصغرى".
مقاصد سورة النساء
تعددت مقاصد سورة النساء لكثرة الأحكام الشريعة التي وردت فيها، بالإضافة إلى احتوائها على عدد كبير من الآيات، ولعل من أبرز هذه المقاصد ما يلي:
- الهدف الأساسي التي قامت عليه سورة النساء هو توحيد الله -عز وجل- وحده لا شريك له، ويتحقق هذا من خلال إفراده -عز وجل- بالألوهية، والربوبية، والعبودية.
- أكدت سورة النساء على ضرورة وأهمية تقوى الله -سبحانه وتعالى-، لأن التقوى هي أساس قبول الأعمال.
- بينت سورة النساء أن الأساس الذي يقوم عليه المجتمع السليم القوي هو الاعتناء ببناء الأسرة، ويكون ذلك من خلال تنظيم المجتمع المسلم والفرد المسلم، وكذلك تطهير المجتمعات من الفواحش، وإبعاد عنصر الفساد والإفساد، فإذا كانت الأسرة تقوم على بناء سليم فإن المجتمع يقوم كذلك على هذا البناء القوي السليم.
- الأساس القوي الذي يتم بناء الدولة الإسلامية عليه يستند إلى رد الأمانات إلى أصحابها، وإقامة العدل بين جميع الناس، وذلك باللجوء إلى شرع الله -عز وجل- في تحديد الأحكام، وتيسير شؤون الناس في كافة مجالات الحياة، فقد قال الله - سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
- حذرت سورة النساء من فئة من الناس تقوم على زعزعة وهز كيان المجتمعات الإسلامية، مثل: المنافقين وغيرهم من الذين يسعون في النخر كالسوس في المجتمع الإسلامي بهدف هدم كيانه.
- حذرت سورة النساء المسلمين من التساهل في حقوق الأرحام، ويتمثل ذلك بالتساهل في حقوق اليتامى من الرجال والنساء، وكذلك أكل أموال النساء بالباطل، وعدم العدل بين الناس.
- بينت سورة النساء أن القصد من أحكام الشرع ليس المشقة على المسلمين، ولكن الهدف هو إرشادهم إلى الطريق والنهج الصحيح، وكذلك التخفيف عنهم بعض الأحكام الشاقة التي كانت عبئًا على الأمم السابقة.
- وضحت سورة النساء أهمية الجهاد في سبيل الله -عز وجل-، كالدفاع عن الدين الإسلامي، وكذلك تبليغ هذا الدين لجميع الناس، وقد ذمت بعض آيات سورة النساء كل من يتقاعس عن القيام بواجب الجهاد ما دامت لديه القدرة على أن يقوم به، بالإضافة لامتلاكه لمستلزمات الجهاد.
- هدفت سورة النساء لتصحيح العقيدة في الله -عز وجل-، من خلال إنقاذها من الانحراف ومن أي اختلال أو غلو أو تفريط، وبينت كذلك حقيقة النبي عيسى ابن مريم، وأكدت أنه رسول الله وأقامت الحجة على النصارى.
- بينت سورة النساء أن النجاة في الآخرة هو أمر مرتبط بالإيمان والعمل الذي يقوم به الإنسان، ولا تتحقق هذه النجاة بالأماني والانتساب والانضمام إلى الدين فقط، فقد قال الله -عز وجل-: (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
- بينت سورة النساء ما يؤكد صحة نبوة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين من خلال إقامة الحجة.
فضل سورة النساء في السنة النبوية
ورد كثير من الأحاديث التي تدل على فضل سورة النساء، وأشهرها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ في النساءِ لخَمْسُ آياتٍ ما يَسُرُّنِي بها الدنيا وما فيها وقدْ علِمْتُ أنَّ العلماءَ إذا مرُّوا بها يعرِفُونَها إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا وقولُه إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا وإِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ الآيةَ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمً".