الماء والحياة
الماء والحياة
يُعدّ الماء العنصر الرئيسي في حياة جميع الكائنات الحيّة ، فوِفقاً لدراسة أجراها بريان جليزر عالم المحيطات في جامعة هاواي في مانوا تنمو الميكروبات أينما وُجد الماء لاعتمادها بشكلٍ أساسيّ عليه في حياتها، إذ يُسهّل الماء عمل الخليّة الحيويّةِ من خلال عمله كوسط لنقلِ المواد المغذيّة للخلية، ونقل فضلاتها للتخلّص منها، بالإضافة إلى دوره كناقل للآلات الجُزيئيّةِ (بالإنجليزية: Molecular machine) في أجسام الكائناتِ الحية، وتسهيل التفاعلات الكيميائيّة الضروريّة لاستمرارِ الحياة، كما يمثّلُ الماء أساس بقاء النباتاتِ على قيد الحياة؛ حيث يُعتبر العنصر الرئيسيّ الذي يُساهم في نموّها. اتُخد من الماء وسيلةً للسفر بين دول العالم، كما استُخدم كمصدرٍ مولّدٍ للطاقة في المصانع، ويبرز دور المحيطات في تنظيم مناخ الكرةِ الأرضيّةِ من خلال امتصاص الحرارة صيفاً وإطلاقها شتاءً، كما يُعزّز الماء أشكال الحياة الأخرى الضروريّةِ من ناحية زراعة المحاصيل، وتربية الماشية، وتنظيف الأطعمة، والعناية الشخصية، وغيرها.
الماء كمحيط للحياة
يُمثّل الماء بيئةً نموذجيّةً لعيش الكائنات الحيّةِ، إذ تُعدّ المحيطات والمُسطّحات المائيّة المختلفة موطناً للعديد من أشكالِ الحياةِ إمّا بصورةٍ مباشرةٍ من خلال عيش الكثير من الكائنات الحية فيها أو بصورةٍ غير مباشرةٍ لكونها عنصر أساسي لبقائها على قيد الحياة؛ كبعض أنواع الثدييات، والأسماك، والطيور، والحشرات، والأشجار، والنباتات، والطحالب، وغيرها، أمّا الديدان الجليديّة الصغيرة، ومجذافيّات الأرجل، والدياتومات فتسكن في أنفاق صغيرة في الجبال الجليدية ولى جوانبها السفليّة، ممّا يوفّر الغذاء لأنواع الحيتان والأسماك المهاجرة إلى القطبين للحصول على طعامها.
أبرز خصائص الماء الداعمة للحياة
خاصية الذائبية
تُعدّ خاصية الذائبية أبرز ما يُميّز الماء؛ حيث يُطلق عليه المُذيب العالميّ أو الشامل لما يتميّز به من خاصية إذابة جزيئات المواد أكثر من أيّ سائلٍ أو مادّةٍ أخرى، وتظهر أهميّة هذه الخاصيّة في أجسام الكائنات الحية من خلال حمل الماء لذرّات الأكسجين الضروريّة للتنفس وجزيئات المواد المُغذية المعدنيّة والكيميائيّة من مكانٍ إلى آخر في خلايا جسمها.
يُشكّلُ الماء أساس المُذيباتِ المهمّة في الجسم كالدم الذي ينقل الجزيئات المختلفة إلى مواقعها الضروريّة؛ كنقل الأدوية المتناولة إلى جزء محدد من الجسم، وترتبط خاصية الذائبية بالماء لامتلاكه صفة مميزة وهي قُطبيّة جزيئات الماء (H2O)؛ أيّ أنّ كلّ ذرة هيدروجين في جزيء الماء تمتلك شحنةً كهربائيّةً موجبةً طفيفة، في حين تحمل كلّ ذرة أكسجين شحنةً كهربائيّةً سالبةً طفيفة.
خاصية ضغط الماء
تُمثّل خاصّية امتلاك الماء للضغط دوراً مهمّاً في علمِ الأحياءِ؛ إذ يُساهم الماء الذي يملأ الخلايا الحيّة في تكوين ضغطٍ داخليٍّ لمقاومة القوى الخارجيّة التي تتعرّضُ لها خلايا الكائنات الحيّة، وبالتالي فإنّه يُساعد على المحافظة على شكل هذه الخلايا وبُنيتها.
خاصية التعادل الحمضي
يُعدّ الماء وسطاً متعادلاً حمضيّاً؛ إذ يُطلق الهيدورجين في الأوساطِ الحمضيّة، ويأخذ ذرات الهيدروجين الزائدة في الأوساط القاعديّة، وتحمي هذه الخاصيّة الخلايا الحيّة من التأثيرات الخطيرة التي قد تتسبّب بها الأحماض والقواعد، إذ تُشّكل المواد شديدة الحموضة أو القاعديّة وسطاً يُسبّب تآكل المواد المتينة، ويُعدّ حمض الهيدروكلوريك أحد المواد شديدة الحموضة أمّا مواد التبييض فتُعتبر قاعدية، وهنا يأتي دور الماء بتشكيله وسط متعادل للخلايا، إذ لا تتمكّن الخلايا من القيام بهذه العمليّة بذاتها لأنّ ذلك يتسبّب بتعطيل بُنية جزيئاتها.
وسط مناسب للتفاعلات الكيميائية
يعدّ الماء وسطاً مناسباً لإتمام العديد من التفاعلات الكيميائيّة الضروريّة لبناء وتفكيك المكوّنات المهمّة لحياة الخلايا الحيّةِ، ومن أبرزِ الأمثلةِ على هذه الخاصيّة عملية التركيب الضوئيّ في النباتات؛ إذ يُشارك الماء في هذه العمليّة لإنتاج السكريّات التي تحتاجها النباتات للنموّ.
يبرز دور الماء الرئيسي في بناء جزيئات الحمضِ النووي والبروتينات في الخلايا من وحدات مُتكررة من جزيئات أصغر حجماً، حيث يأتي دور الماء في هذه العمليّة بكونه أحد نواتجها الأساسيّة أو بكونه عنصر أساسي لإتمام التفاعل العكسي في هذه العمليّة؛ أيّ عمليّة تكسير جزئيات البروتينات الكبيرة للحصول على وحداتها الصغيرة لإمداد الخلايا بالعناصر الغذائيّةِ، أو لإعادةِ استعمال جزيئات البروتينات الكبيرة في عمليّات أخرى داخل الخليّة.