مقاصد سورة الأنبياء
التعريف بسورة الأنبياء
أخرج البخاري في صحيحه وذكر أنَّ سورة الأنبياء من السور التي نزلت بمكة المكرمة، وعليه فإنَّ السورة من السور المكيّة ، وبالتحديد فإنها قد نزلت في الفترة التي سبقت فترة هجرة المسلمون من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في السنة الثانية عشر من البعثة، هذه الفترة التي وصلت فيها قريش إلى أكثر ما وصلت إليه من العناد والكفر والتجبّر.
ويبلغ عدد آياتها مئة واثنتا عشرة آية، ويعود سبب تسميتها إلى ما ذكره الله -عزّ وجلّ- فيها من قصص الأنبياء، وتعدّ سورة الأنبياء من سور المِئين التي أوتيها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مكان الزبور، فقد روى واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله فقال: (أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثاني ، وفُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ).
مقاصد سورة الأنبياء
شأن سورة الأنبياء شأن غيرها من السور المكية؛ التي جاءت لتنذر الكفار من عذاب يوم القيامة، كما جاءت سورة الأنبياء تحذّر الكافرين من اقتراب يوم القيامة، فقال -تعالى-: (اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُعرِضونَ) ، ثمّ ذكرت الآيات في السورة الكريمة مجموعة من الأدلة القاطعة، والبراهين الدالة على صحّة عقيدة التوحيد ورسالة الأنبياء والبعث يوم القيامة.
وقد اعتمدت الآيات على عرض مجموعة من السنن الكونية التي تظهر صحة عقيدة التوحيد، وجعلت هذه السنن من خلق السماء والأرض والليل والنهار والجبال والوديان والشمس والقمر، هي الأمر الذي تقوم عليه دلائل صحة هذه العقيدة وإنّ هذه العقيدة قائمة في أساسها على الحق الذي قامت عليه السماء والأرض، وأنّ الخلق في هذا الكون كان حقاً لا لهواً ولا لعباً ولا باطلاً.
قال -تعالى-: (وَما خَلَقنَا السَّماءَ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما لاعِبينَ) ، وكل ما في الكون يتحرّك بأمر الله -تعالى- وإرادته وقدرته، والنهاية لجميع هذه المخلوقات واحدة وهي الموت،وفي الآخرة ينجّي الله المؤمنين، ويُحل العذاب الذي حذّر منه في بداية الآيات بالكافرين، وذلك كما حلّ بالأقوام السابقة، ويُذكر في سياق الآيات أنّ دعوة الرسل جميعاً كانت واحدة، وتبين مجموعة من مشاهد يوم القيامة وأهواله.
الأنبياء الذين ذكروا في السورة
ذكرت سورة الأنبياء ضمن سياق آياتها مجموعة من الأنبياء يبلغ عددهم أربعة عشر نبياً وهم: إبراهيم، إسحاق، يعقوب، لوط، ونوح، داود، سليمان، أيوب، إسماعيل، إدريس، ذو الكفل، ذو النون، زكريا، و عيسى بن مريم -عليهم السلام جميعاً-.
وقد كان الهدف من ذكر الأنبياء في سورة الأنبياء من باب الإشارة إلى ذكرهم لا الدخول في تفاصيل دعوتهم وأقوامهم، وإنما كان ذلك الذكر من باب تكريم الله لهم وتفضيلهم، ولكن في المقابل من ذلك فإنَّ الآيات في سورة الأنبياء، ذكرت قصة نبي الله داود وقصة سليمان و قصة أيوب -عليهم السلام-.
ثمّ قال الله -تعالى- في نهاية الآيات: (إِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) ، وميّز إبراهيم على غيرهم من الأنبياء بأن جعل ذكره أول نبي، كونه أبو أكثر الأنبياء وليس جميعهم، فإنّ لوط ليس من ذريته بل ممن تبعه، أمّا داود وسليمان وأيوب فهم من ذريته، لقول الله -تعالى-: (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيّوبَ) .