مفهوم علم النفس السيبراني
تعريف علم النفس السيبراني
يعرّف علم النفس السيبراني (بالإنجليزية: Cyberpsychology) على أنه العلم الذي يهتم بدراسة العقل في سياق التفاعل بين الإنسان والحاسوب، إذ أصبحت الكيفية التي تؤثر بها التكنولوجيا على سلوك وأفكار البشر محل اهتمام الباحثين، نظرًا لأن الأفراد أصبحوا ينجزون معظم مهامهم اليومية عبر الإنترنت.
فمع زيادة التداخل بين الإنسان والآلة، أصبح من الضروري تطوير تخصص علم النفس السيبراني، الذي يهدف إلى تمكين البشر من تطويع الشبكة العنكبوتية، وجعلها مكان أفضل، وأكثر أمانًا.
ويمكن القول أنّ علم النفس السيبراني يهدف لما يلي:
- تنمية شخصية الفرد في ضوء استخدامه للفضاء الإلكتروني في الكثير من جوانب حياته.
- دراسة العلاقات التي يطورها الفرد على شبكة الإنترنت.
- تقديم الحلول لمشكلة إدمان التكنولوجيا لدى شريحة كبيرة من مستخدميها.
- التصدّي للتنمّر الإلكتروني، باعتباره آفة اجتماعية مقيتة ، ومدمّرة للشخصية.
ظهور علم النفس السيبراني
على الرغم من أن مصطلح علم النفس السيبراني قد يبدو غير مألوف بعض الشيء للكثيرين، إلا أنه جذوره تعود لأكثر من عقدين مضوا، إذ ظهر هذا المصطلح في منتصف التسعينيات بين الباحثين الذين كانوا يدرسون السلوك البشري عبر الإنترنت.
وقد أُطلقت أول مجلة تهتم بهذا الموضوع في الولايات المتحدة عام 1998م، تحت اسم (مجلة علم النفس السيبراني والسلوك)، وتغير اسمها فيما بعد ليصبح (مجلة علم النفس السيبراني والسلوك والشبكات الاجتماعية) وذلك عام 2010م.
وبعدها أطلقت التشيك مجلة تختص بعلم النفس السيبراني اسمها (مجلة البحوث النفسية الاجتماعية حول الفضاء الإلكتروني) عام 2007م، وبعدها أصبح هذا المصطلح نوعًا مألوفًا لمن يختصون بهذا المجال، ويقرأون عنه باستمرار.
تجدر الإشارة هنا إلى أن علم النفس السيبراني يعد أحد فروع علم النفس التطبيقي، الذي تطبق فيه نفس النظريات النفسية التي تطبق في مجال علم النفس عمومًا، ونال علم النفس السيبراني اهتمام الباحثين المتخصصين في علم النفس الاجتماعي والتطبيقي في الولايات المتحدة حاليًا.
تعزيز الأمن السيبراني في علم النفس
يجد الكثير من الأشخاص صعوبة، وعدم تقبل للتعامل مع الجرائم الإلكترونية، حتى لو كانوا على دراية بالأمن السيبراني، لأنه عند مواجهة الواقع وما يحدث فيه من سيناريوهات غير متوقعة، يفشل هؤلاء الأشخاص في تحديد العلامات التي تشير إلى احتمالية حدوث هجمة إلكترونية، وبالتالي يقومون بتقييم غير صحيح للمخاطر التي يتعرضون لها على المستوى الشخصي والعملي.
لذا اقترح الباحثون عدد من الإجراءات التي يمكن أن يتخذها علماء النفس، من أجل تعزيز الأمن السيبراني وزيادة الوعي به، وهي كالتالي:
- تحديد المواقف الاجتماعية التي قد يحتاج فيها الشخص لمشاركة معلوماته الشخصية الخاصة مع جهة أو شخص ما، مثل الكشف عن معلومات حساسة في سياق محادثة عبر الإنترنت سواء رسمية، أو غير رسمية.
- البحث عن أنماط النشاط الضار والسيئ.
- زيادة الوعي العام للأشخاص.
- فهم مدى تأثير الجرائم الإلكترونية على الأشخاص.
- تعزيز التعاون مع مشرّعي القوانين.
وبالتالي يمكن للخبراء تحديد علامات السلوك غير الطبيعي، والتعاون مع مختصي تكنولوجيا المعلومات لتطوير أنظمة أمان قادرة على اكتشاف أي أنشطة ضارة ومسيئة، وتدريب هؤلاء الأشخاص على فهم التأثير الاجتماعي والنفسي للجرائم الإلكترونية، ووضع قوانين وتشريعات للجرائم الإلكترونية بشكل مشابه للجرائم الواقعية.
وهنا تكمن أهمية تعاون علماء النفس السيبراني مع الأفراد، لتكوين وعي لديهم بمخاطر الأمن السيبراني المنتشرة حاليًا، لكي يتبنوا سلوكًا أكثر خصوصية، إذ يدرك علماء النفس تمامًا الدور الحيوي الذي يلعبونه في منع الهجمات الإلكترونية.
أهمية علم النفس السيبراني
مع تقدم التكنولوجيا ودورها في التأثير على أنماط تفكير الأفراد، أصبح من الضروري ظهور علم يهتم بدراسة تفاعل الإنسان مع التكنولوجيا الرقمية، فجاء علم النفس السيبراني لتلبية مثل هذه الحاجة، إذ تتمثّل أهميته في الجوانب التالية:
- تسليط الضوء على بعض السلوكيات الاجتماعية
فقد حل الفضاء الإلكتروني محل الكثير من السلوكيات الاجتماعية، فأصبح التعرف على أصدقاء جدد على الإنترنت أكثر من الواقع، وكذلك ممارسة بعض الآفات الاجتماعية بكثرة على الإنترنت، مثل؛ التنمر الإلكتروني، وتضخيم الأنا من خلال الكذب، وانتحال الشخصيات، وغيرها من الممارسات الرجعية، التي يهتم بمعالجتها علم النفس السيبراني.
- فهم العلاقة بين علم النفس والتكنولوجيا
تحسين التجربة الإنسانية من خلال بحث الصلة بين علم النفس والتكنولوجيا، عن طريق طرح أسئلة بحثية تتناول الصلة الوثيقة بين التكنولوجيا وعلم النفس.
- تحسين التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا
من خلال خلق تقنيات تعزز السلوك البشري، وتسهّل إنجاز المهام اليومية سواء العملية أو الوظيفية، بدلاً من أن تحل التكنولوجيا محل الإنسان، أو تجعله يعتمد عليها دون تفكير، وبالتالي جعل التكنولوجيا أكثر فائدة وأقل ضرر للبشرية.
- تحسين طرق التعلم
تسخير قوة التكنولوجيا لتحسين الطريقة التي يتعلم بها الطلاب، من خلال تطوير تقنيات التعلم الافتراضي، التي تساعد في تحسين فهم الطالب لجزء معين في الرياضيات، أو العلوم أو غيرها من المواد، بالإضافة إلى دور التعلم الافتراضي في زيادة القدرة على اكتساب مهارات معينة كتعلم لغة جديدة.
- فهم مشكلة إدمان التكنولوجيا وعلاجها
فهم الآليات الكامنة وراء إدمان التكنولوجيا، ومحاولة تطوير علاجات لتلك المشكلة.
- علاج بعض المشكلات النفسية
استخدام تقنيات الواقع الافتراضي لعلاج مشكلات نفسية، مثل؛ رهاب المرتفعات، أو الرهاب الاجتماعي.
- توفير العلاج النفسي للأشخاص في أي مكان
بفضل علماء النفس السيبراني أصبح علاج أي شخص يعاني من مشاكل عقلية ممكنًا عبر الإنترنت، في أي مكان وأي بلد دون قيود.