مفهوم الوقاية الصحية في الإسلام
تعريف الوقاية الصحية في الإسلام
لغةً: كل ما وقيَ شيئاً فهو وقاية، ووقيت الشيء إذا صنته وسترته عن الأذى، ووقاه الله وقاية أي؛ حفظه والتوقية هي الملاءة والحفظ، والوقاية تطلق على معان عدة: الصيانة،الستر التجنب والحماية وغير ذلك.
إذاً الوقاية في اللغة هي: صيانة الشيء وحمايته، والتحرز من الآفات، والتحذير من الوقوع في الأضرار، وحماية الشيء من التلف، ومفهوم الوقاية في الاصطلاح: هو العلم المتعلق بالوقاية من الأمراض العضوية والجرثومية والنفسية في الفرد والمجتمع، والوقاية من الأمراض السارية والوافدة قبل وقوعها ومنع انتشارها، وإطالة عمر الإنسان من خلال تحسين ظروف المعيشة، وإزالة أسباب التوتر ومنع الحوادث.
إذا فالوقاية بمفهومها الشامل:هي منهج متكامل لحماية الإنسان في الفرد والمجتمع، والمحافظه على جسده من العلل والأمراض ، ويتم ذلك بإتباع مجموعة من التعاليم والإرشادات.
الوقاية الصحية في ضوء القرآن الكريم
لقد عنيَ القرآن الكريم بحفظ حياة الإنسان وصون كرامته، والحفاظ على حياته، فقد أباح للإنسان ما ينفعه وحرم عليه ما يضره ومن الشواهد على ذلك:
• تحريم اكل الميته ودم لحم الخنزير.
قال تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ). ومعنى الميته: هو الحيوان الذي يموت حتف أنفه أي من تلقاء نفسه من غير تذكيته وذبحه.
وحرّم لحم الخنزير أيضاً لما يصاب به من أمراض مثل:أنواع من الديدان (دودة التنيا،الدودة الشريطية)، فالدودة الشريطة تكمل دورتها في جسم الشخص،مما يسبب خطورة في أنها تفصل التحوصل في الجهاز العصبي، وخطورة لحم الخنزير أيضاً أنه يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي، والتهاب السحايا.
• تحريم شرب الخمر والمخدرات
قال تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ )، وتكمن خطورة شرب الخمر والمخدرات في أنّها تتلف الخلايا العصبية في الدماغ وفي النخاع الشوكي، فهي تضر بالنفس والمال.
• تحريم الزنا
قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾، حرّم الله سبحانه وتعالى الزنا لما فيه من أمراض منها(السفلس،السيلان)، وحرّم الطرق المؤدية إليه فأمر المرأة بالاحتشام وعدم التزين والتعطر.
• حق المسلم في تخفيف الصوم
قال تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، هنا كان المسلم قادراً على الصوم ولكن يسبب له المشقه والضرر، فأباح الله سبحانه وتعالى له الفطر.
الوقاية الصحية في ضوء السنة النبوية
أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالطهور قال: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأان - أو تملأ - ما بين السماء والأرض، والصلاة نورٌ، والصدقة برهانٌ، والصبر ضياءٌ، والقرآن حجةٌ لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها)، فمعنى شطر هنا أي نصفه، والتخلي عن الإشراك؛ لأنّه نجاسه، وقيل الطهور للصلاة شطر الإيمان،لأنّ الصلاة إيمان، والإيمان لا يتم إلّا بالطهور.
طرق الوقاية الصحية في الإسلام
ومن أهم طرق الوقاية في الإسلام:
• البعد عن المعاصي؛ فالمعصية هي السبب في الأمراض ومثال ذلك: الزنا الذي حرمه الإسلام.
• اتخاذ القدوة والصحبة الصالحه،حتى يعينوهم على الخير،والابتعاد عن الشر.
• السؤال عن كل شبهه تطرح، حتى يعلم المسلم عن كل شيء ينفعه ويضره.
خصائص الوقاية الصحية في الإسلام
ومن خصائص الوقاية الصحية في الإسلام ما يأتي:
• المصداقية
إن الحقائق العلمية الصحيحة تطابق الحقائق الواردة في القرآن الكريم، والسنة المطهرة، فكلما تقدمنا في الزمن يكتشف العلم حقائق قد ذكرها القرآن منذ الالاف السنين، فهو صالح لكل زمان ومكان.
• البساطة واليسر
ممن يرى أساليب الوقاية في الإسلام، يرى أنّها لا تحتاج إلى تكاليف، فهي في غاية السهولة واليسر، لا تحتاج جهداً، ولا وقتاً، ولا مشقة.
• الديمومة
إنّ الإلتزام بقواعد الوقاية في الإسلام، ليس مرهوناً بمدة محددة، ولا بسن محدد، بل صالحة في أي وقت وأي زمان، فيبقى الإنسان ينفذها طول حياته بدون كلل أو ملل، وبهذه الديمومة يبقى المجتمع نظيفاً ومتماسكاً وقوياً وقادر على مواجهة التحديات بهذا الإسلام العظيم وديمومته.
حتى يلتزم المسلم بالأحكام الشرعية ، ليضمن ديمومة القواعد الوقائية في الإسلام؛ لأنها وحدة واحدة مترابطة، ونظام كامل ومتكامل يحقق القوة والنفع للفرد والمجتمع؛ لكي يرى الفرد ثمار إلتزامه في مجتمعه ويحقق الاستقرار النفسي والجسدي وغيرها من الأمور المهمة في حياتنا وفي سائر أيامنا.