مفهوم الوعي واللاوعي
الوعي
تختلف المدلولات في الوعي من مجالٍ لآخر وأيضاً من فيلسوفٍ لآخر، فالبعض منهم يقرن الوعي باليقظة التي تقابل النوم أو الغيبوبة، ومنهم من يجد علاقة بين الوعي والشعور فيشير إلى جميع عملياته بالعمليّات السيكولوجيّة الشعورية، وبالإمكان إجمال الدلالة بشكلٍ عام للوعي على أنه ممارسة نشاطٍ معيّن سواء كان تخيّليّاً أو فكرياً أو يدوياً وغيره، والإدراك لتلك الممارسة.
تصنيف الوعي
يصنّف الوعي أو الإدراك إلى أربعة أصناف هي:
- العفوي التلقائي : وهو نوعٌ من الوعي الذي يكون الأساس في القيام بنشاطاتٍ معينة، دون أن يتطلّب هذا الأمر مجهوداً ذهنيّاً عالياً، ولا يعيق مزاولة نشاطاتٍ أخرى.
- تأملي: وهو الوعي الذي يتطلّب حضوراً ذهنيّاً قويّاً، ويرتكز في هذا الأمر على القدرات العقليّة كالإدراك أو الذكاء أو الذاكرة.
- الحدسي: أي الوعي المباشر والفجائي الذي يجعل الفرد مدركاً للعلاقات أو الأشياء أو المعرفة، دون القدرة منه على الإدلاء باستدلالٍ أو دليل.
- المعياري الأخلاقي: وهو الذي يُتيح للفرد إصدار الأحكام القيّمة على السلوكيّات والأشياء؛ بحيث يتمّ رفضها أو قبولها بناءً على عددٍ من القناعات الأخلاقيّة، ويرتبط هذا النوع من الوعي غالباً بمدى الشعور بالمسؤوليّة تجاه النفس والآخرين.
ومن خلال هذه التصنيفات نستطيع أن نقول بأنّ الوعي هو الإدراك للأمور والواقع، ودون هذا الإدراك يستحيل معرفة أيّ أمر، ومن هذا المنطلق يمكن وصف الوعي بأنه الحدس الذي يحدث للفكر بخصوص أفعاله وحالاته، فهو الضوء أو النور الذي يظهر للذات بواطنها.
اللاوعي
يدل اللاوعي إلى حدٍ ما على ما يقابل الوعي كاللاشعور الذي يعتبر سلوكاً لا واعياً، واللاوعي بحسب مدرسة التحليل النفسي هو من أهمّ المناطق السيكولوجيّة، والتي يستطيع الفرد بموجبها تفهّم طبيعة سلوكياته سواء كانت طبيعيّة أو شاذة. ميّزت نظريّة فرويد في اللاوعي بين حقيقة السلوك للفرد وفعليّة السلوك؛ حيث إنّ فعليّة السلوك تعني الأعمال والأفعال التي يقوم بها الشخص، وتكون طبيعة تلك الأفعال ظاهرةً وخام، أما حقيقة السلوك فالمراد بها هو المعنى أو المدلول الحقيقي له، أي العقدة الخفيّة وغير الظاهرة. على سبيل المثال أن يسرق الفرد كتاباً من على رف المكتبة فإنّ هذا الفعل يعود على الفرد دون أدنى شك وهذا هو سلوكه، إلا أنّ حقيقة التفسير لهذا العمل الذي قام به ليست الظاهرة، بل هناك أمرٌ آخر أهمّ وأكثر فاعليّة وهو (الهو)؛ فهو الذي بلا شك من قام بسرقة الكتاب، فعند مراجعة الفرد لذاته يتبيّن بأن هناك صورة متفرعة من معاقبة الذات، ولهذا فإنّ نظريّة فرويد تظهر بأنّ الذات ليست وعياً فقط، وإنما هي عبارة عن وعي وهو، أي بمعنى آخر إنّ للذات وعيان: وعيٌ أوّل، ووعيٌ آخر، حيث إنّ الوعي الأوّل يكون غير واعٍ بالوعي الآخر على الرغم من أنه الأصل في وجوده.