مفهوم المدرسة التجريدية التعبيرية
مفهوم المدرسة التجريدية التعبيرية
المدرسة التجريدية التعبيرية (بالإنجليزية: Abstract Expressionism)؛ هو مصطلح يُطلَق على أنواع جديدة من الفنون التجريدية بدأت في أمريكا، وتحديداً في نيويورك؛ في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، ويتميز هذا النوع من الفنون برسومه العفوية، وخطوط الفرشاة التعبيرية أو المجازية، ويُعدّ الفنانون مراك روثكو، وبيرنيت نيومان، وويليام دي كونينغ، وكليفورد ستيل، وجاكسون بولوك، وفرانز كلين؛ من الفنانين الرائدين في المدرسة التجريدية التعبيرية.
مراحل المدرسة التجريدية التعبيرية
قبل بدء المدرسة التجريدية التعبيرية قامت بالمرور بعدة تطورات حتى وصلت لشكلها الحالي كمدرسة أصيلة للفن، ويمكننا ذكر مراحل التطور والتأثر على النحو التالي:
- تأثرها بقادة السرياليين:
في ثلاثينيات القرن العشرين؛ انتقل العديد من قادة السرياليين من أوروبا إلى نيويورك نتيجة لعدم الاستقرار السياسي في بلدانهم، والذين كانوا يتميزون بتركيزهم على استنباط اللاوعي، وقد كان لهذه الأفكار أثرٌ واضحٌ في الفنانين الذين تبعوا المدرسة التجريدية التعبيرية، فقد حفزت اهتمامهم بالخرافات والرموز الأصلية، وشكلت فهمهم للرسم على أنّه صراعٌ بين التعبير عن الذات وفوضى اللاوعي.
- تأثرها بحقبة السياسة اليسارية:
تأثر معظم الرسامين الذين تبعوا المدرسة التجريدية التعبيرية في ثلاثينيات القرن العشرين بالسياسة اليسارية التي كانت منتشرة في تلك الحقبة، وأصبحوا يقدرون الفن المعتمد على التجارب الشخصية، ولكن احتفظ بعضهم بمعتقداتهم السياسية السابقة.
- تقبل المجتمع الفني:
في بدايات نضوج المدرسة التجريدية التعبيرية خلال فترة المعاناة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية؛ كان الفنانون التابعون لهذه المدرسة منبوذين، ولكن بعد فترة؛ أصبحت هذه المدرسة تُعتبر أول فن أمريكي أصيل وضخم؛ يحمل الروح الأمريكية؛ وذا طابع رومانسي، ويعبر عن الحرية الشخصية .
- ضمها لفنانات إناث:
على الرغم من أنّ التاريخ المسجل للمدرسة التجريدية التعبيرية ركز على الفنانين الذكور؛ إلّا أنّ هذه المدرسة ضمت عدة فنانات في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، واللاتي اكتسبن في الوقت الحاضر اهتماماً وتقديراً كعضوات مهمات في هذه المدرسة.
أنواع الفنانين في المدرسة التجريدية التعبيرية
هناك مجموعتان من الفنانين رئيسيتان مهمتان تابعتان للمدرسة التجريدية التعبيرية، نذكرهما فيما يأتي:
- التصوير الانفعالي (بالإنجليزية: Action Painting):
وقد عُرف أنّ المصورين الانفعاليين يستخدمون ضربات فرشاة معبرة في لوحاتهم، ويعملون بشكلٍ عفوي وارتجالي، باستخدام فراشٍ كبيرة الحجم، وقد كان الفنان جاكسون بولوك من أوائل أولئك الذين استخدموا هذه الطريقة في الرسم، ومن لوحاته الشهيرة؛ لوحة وضعها على الأرض، ورقص حولها وهو يصب عليها الألوان من العلبة مباشرة، أو يلقيها باستخدام فرشاة أو عود، وهذه هي الطريقة التي يستخدمها المصورون الانفعاليون للتعبير عن ذاتهم الداخلية في رسوماتهم.
- رسم مجال اللون (بالإنجليزية: Color field painting)
كان الفنانون التابعون لهذا المجال مهتمين بشكلٍ كبير في الدين والخرافات، وعادةً ما كانوا يرسمون لوحات بسيطة تحتوي أجزاء كبيرة منها على لون واحد، وتهدف هذه الرسومات إلى استحضار مشاعر التأمل أو التصوف لدى الناظرين إليها، ومن الفنانين الذين استخدموا هذه الطريقة: مارك روثكو، وكليفورد ستيل، بالإضافة إلى بارنيت نيومان.
أعمال مهمة تابعة للمدرسة التجريدية التعبيرية
نذكر فيما يأتي بعضاً من أهمّ الأعمال لفنانين يتبعون المدرسة التجريدية التعبيرية:
- لوحة (1957-D-No. 1) للفنان كليفورد ستيل:
(عام 1950) وتُعدّ واحدة من أعماله الكبيرة التي تعتمد على الأشكال والظواهر الطبيعية، وقد تذكر المُشاهد بشكل الكهوف وبعض العناصر الغامضة المتوارية خلف الوعي والمعتاد، ويُلاحّظ أنّ العناصر المكونة لهذه اللوحة تشابه تقارب النور مع الظلام، أو الحياة والموت.
- لوحة (Autumn Rhythm Number 30) للفنان جاكسون بولوك:
(عام 1950) تُعدّ هذه اللوحة واحدةً من الأمثلة على أعمال بولوك التي يستخدم فيها طريقة سكب الألوان، أو رشها على لوحة موضوعة على الأرض، وتعبر هذه الطريقة في الرسم عن الاضطرابات العاطفية عن طريق الخطوط، وبنية الرسم وتركيبه، وهي التي ساعدت بولوك على ازدهاره كفنان، وساهمت في إشهار فناني المدرسة التجريدية التعبيرية.
- لوحة (Excavation) للفنان ويليام دي كونينغ:
(عام 1950)؛ وهي من أهمّ أعمال كونينغ وأكثرها شهرة، وتُعدّ من اللوحات التي تصور أسلوبه التعبيري التجريدي، وهي تحتوي على العديد من الأشكال المحددة التجريدية التي قد تكون أسماكاً، أو طيوراً، كما أنّ بعض الأشكال تشبه العينين، والأسنان، والفك، ويقول الفنان كونينغ في تعليقه على لوحاته؛ أنّه يرسمها بهدف التعبير عن الحب ، والألم، وغيرها من الأمور الكثيرة؛ كالفضاء، والأشكال المختلفة، وبعد إضافة جميع هذه الرسومات المختلفة يبدأ كونينغ بإزالة الألوان وكشطها عن اللوحة، حتى يكتشف ما يريده منها.