مفهوم الفضاء السيبراني
مفهوم الفضاء السيبراني
يُعرّف الفضاء السيبراني (بالإنجليزية: Cyperspace)، بأنه عالم الحاسوب الافتراضي، أو الوسيلة الإلكترونية المُستخدمة لتسهيل التواصل عبر شبكة الإنترنت، ويشمل الفضاء السيبراني شبكة حاسوب كبيرة مكونة من عدّة شبكات حاسوب فرعية منتشرة في جميع أنحاء العالم.
يعتمد الفضاء السيبراني على بروتوكول TCP /IP؛ لتسهيل تبادل البيانات والملفات، والتواصل بفاعلية بين مجموعة كبيرة من المستخدمين، وتتيح لهم تبادل المعلومات والأفكار؛ والمشاركة في مُختلف المناقشات؛ أو المنتديات الاجتماعية؛ وممارسة الألعاب؛ من خلال وسائط سهلة الاستخدام، وغيرها الكثير من الخدمات.
الفرق بين الفضاء السيبراني والإنترنت
قد يخلط البعض بين مفهومي الفضاء السيبراني والإنترنت، ويعتقدون أنّهما يعبّران عن نفس المفهوم، وهو أمر غير صحيح؛ ف الإنترنت إحدى الشبكات العالمية التي تنشأ من خلال ربط شبكات أصغر من الحواسيب والخوادم، بينما الفضاء السيبراني حيّز رمزي أو افتراضي يوجد ضمن نطاق الإنترنت.
ومرّة أخرى، قد يخطئ البعض في الاعتقاد أنّ كلًا منهما نظام مختلف تمامًا في عالم التكنولوجيا، وأنه لا يوجد ترابط بينهما، بينما الحقيقة وجود ترابط وثيق بينهما؛ نظرًا لوجود الفضاء السيبراني داخل نطاق شبكة الإنترنت، وإنجاز جميع العمليات داخل حيّزه عن طريق شبكة الإنترنت، مثل: إرسال البريد الإلكتروني، أو فتح مواقع الويب.
نشأة وتطور الفضاء السيبراني
ظهر مصطلح الفضاء السيبراني لأول مرّة في عام 1982م، من قِبَل المؤلف الأمريكي الكندي ويليام جيبسون، في رواية الخيال العلمي (نيورومانسر)، وبالتالي فإنّ نشأته تعود لفترة التسعينيات من القرن الماضي، بعد ظهور شبكة الإنترنت؛ لدعم عمليات التواصل والتفاعل بين الأفراد، خاصةً بعد انتشار غرف الدردشة، والمحادثات الجماعية.
كما يعد الفضاء السيبراني داعمًا أساسيًا للمراسلات عبر البريد الإلكتروني، والوصول إلى الألعاب الإلكترونية، واستمرارية استخدام شبكات الإنترنت وتطورها أثّر على تطوّر الفضاء السيبراني ليواكب التحديثات القائمة على طرق التواصل، من خلال تسهيل إقامة مدونات، وغرف للدردشة، والمدونات الشخصية، دون الحاجة لتعلّم برمجة البرامج.
وقد أدى ذلك لإتاحة الفرص لمزيد من الأفراد الراغبين بإنشاء مواقع مناقشات عامة في الفضاء السيبراني عبر شبكة الإنترنت، لكن في أولى مراحل تطوّر الإنترنت في منتصف التسعينيات، عبّر الكثير من المستخدمين عن ضرورة إلغاء تحكّم الجهات الحكومية الوطنية في الفضاء السيبراني؛ كنوع من حرية التعبير للمستخدمين.
إلّا أن الحكومات الوطنية أظهرت ضرورة وجود لوائح وطنية، واتفاقات دولية خاصة بالفضاء السيبراني؛ لحماية حقوق المستخدمين، والوصول لجميع الهويات التي تسعى لتنفيذ الجرائم الإلكترونية، ومنع انتهاك خصوصية جميع المستخدمين، لذا لا بُد من وضع بعض القيود، وتحديث بنية الفضاء السيبراني باستمرار حتى هذا اليوم.
مكونات الفضاء السيبراني
يوجد الفضاء السيبراني كما وُضّح سابقًا داخل نطاق شبكة الإنترنت، ويتكوّن من عدة شبكات اتصال، ومعالجات، ووحدات تحكّم مدمجة، وأنظمة حاسوب، وينقسم هذا الفضاء إلى ثلاث طبقات يمكن تلخيص كل منها من خلال ما يأتي:
الطبقة المادية
تحتوي الطبقة المادية على المكوّن الجغرافي، ومكوّن الشبكة الملموسة أي المادية، ويُعرَف المكوّن الجغرافي بأنه الموقع الملموس لعناصر الشبكة، وتُسهّل هذه الطبقة عبور الحدود الجيوسياسية في الفضاء السيبراني بسرعة مشابهة لسرعة الضوء، بالإضافة إلى ارتباطها بعدة مجالات أخرى.
وتحتوي الشبكة المادية في هذه الطبقة على جميع الأجهزة، والبنية التحتية؛ السلكية، واللاسلكية، والبصرية، الداعمة للشبكة، وقطع التوصيل المادية التي تشمل الأسلاك، وتردد الراديو، والكابلات، والخوادم، والموجات، وأجهزة الكمبيوتر.
الطبقة المنطقية
تحتوي الطبقة المنطقية على مكوّن الشبكة المنطقي، وهو مبرمج تقنيًا، ويتكوّن من الاتصالات المنطقية التي توجد بين عُقد الشبكة، ويُقصد بالعُقد الأجهزة المتصلة بشبكة الكمبيوتر، وتوجد هذه العُقَد في عدة أماكن، مثل: أجهزة الكمبيوتر، أو أجهزة المساعدة الرقمية الشخصية، أو الهواتف المحمولة، وأي أجهزة أخرى لشبكات متنوعة.
الطبقة الاجتماعية
تشمل الطبقة الاجتماعية الجوانب المعرفية والبشرية، وتحتوي على مكوّن الشخصية السيبرانية أي التعريف الخاص بها، أو الهوية الخاصة بالشخص، أو الشخصية المُستخدِمة للشبكة مثل عنوان البريد الإلكتروني، والعنوان الشخصي للكمبيوتر، ورقم الهاتف الخلوي، وبذلك فإنّ مكوّن الشخصية يتكوّن من الأفراد الحقيقين المستخدمين للشبكة.
ويستطيع الفرد امتلاك عدة شخصيات سيبرانية على الشبكة، مثل امتلاك حسابات بريد إلكتروني مختلفة على أجهزة حواسيب مختلفة، كما بالإمكان امتلاك نفس الفرد عدة هويّات على شبكة الإنترنت.
خصائص الفضاء السيبراني
يتمتّع الفضاء السيبراني داخل شبكة الإنترنت بعدّة خصائص وميّزات تُحسّن عمليات التواصل وتبادل المعلومات، ويمكن التعرّف على هذه الخصائص من خلال الآتي:
- مرونة التعريف عن هوية المستخدم
يتيح الفضاء السيبراني العديد من الخيارات فيما يتعلق بالتعريف عن المستخدم، كما يأتي:
- إمكانية التعريف بهوية المستخدم بأفضل الطرق، والمشابهة، للتفاعل على أرض الواقع.
- إمكانية إخفاء الهوية.
- إمكانية إنشاء هوية وهمية مزيّفة.
- التواصل للجميع
يوفّر الفضاء السيبراني فرص التواصل بجميع الخدمات لكل المستخدمين، دون تمييز أي مستخدم عن غيره من المستخدمين.
- التواصل في كل مكان وأي وقت
يُمكّن الفضاء السيبراني جميع المستخدمين من التواصل في أي مكان وأي وقت، وبالرغم من أي مسافات طويلة؛ إذ يمكن تواصل الأشخاص مع بعضهم بعضًا في عدة بلدان مختلفة، على مساحات جغرافية شاسعة.
- تسهيل التفاعل
يوفّر الفضاء السيبراني استمرارية التواصل طوال الوقت، سواء مع شخص، أو مجموعة، عبر أجهزة الحاسوب دون انقطاع، كما يتيح للمستخدم أخذ المدة الكافية للتفكير في إجابته، فليس هناك وقت محدد للرد على أي استفسار، أو سؤال.
- خاصية اللامركزية
يمكن للمؤسسات العامة والخاصة، وكذلك المؤسسة العسكرية التواصل مع مجموعة واسعة من الأطراف التابعة لها، عبر مساحات جغرافية شاسعة، للوصول للمعلومات الصحيحة والضرورية لاتخاذ القرارات الصائبة، ما يوفر الكثير من الوقت والجهد، وتقليل هامش الخطأ.
نشاطات الفضاء السيبراني
يوجد العديد من النشاطات والاستخدامات المتنوعة للفضاء السيبراني، سواء في الشؤون العملية والتجارية، أو الترفيهية، إذ يسهّل إنجاز المهام عبر الإنترنت، مثل: التعليم، والأمور المالية، والخدمات المصرفية، كما أنه يدخل في الأنظمة العسكرية والأمنية؛ بسبب قدرته على تخزين جميع البيانات ومعالجتها، وبالتالي تسهيل وتنظيم الخدمات.
فوائد الفضاء السيبراني
يوفّر الفضاء السيبراني العديد من الفوائد لمستخدميه، وفيما يأتي أبرز هذه الفوائد:
- تسهيل الوصول للمعلومات
يعد الفضاء السيبراني مكتبة افتراضية لمختلف أنواع المعلومات، ويُمكّن المستخدم من معرفة ما يريد حول أي موضوع، من خلال الاستعانة بمحركات البحث، مثل: google وyahoo المتاحان على شبكة الإنترنت، ويمكن استخدامهما طوال الوقت.
- تسهيل التواصل
يوفّر الفضاء السيبراني إمكانية التواصل من خلال عدة طرق؛ سواء اتصال صوتي، أو بصري، أو عبر البريد الإلكتروني، بشكل فوري وواضح في كل مكان وزمان.
- منصات التواصل الاجتماعي
يوفّر الفضاء السيبراني إمكانية إنشاء منصات للتواصل الاجتماعي ، وأيضًا التواصل عبرها من خلال شبكة الإنترنت، مثل: facebook وtwitter، اللذان يُعدّان من أشهر المنصات المستخدمة من قِبَل ملايين الأشخاص.
- الترفيه
يتيح الفضاء السيبراني إمكانية تحميل عدد غير محدود من الألعاب، والموسيقى، والأفلام، والمسرحيات، والكتب الإلكترونية، ومُعظمها مجانًا، وهي خاصيّة متاحة لجميع المستخدمين، وهو ما وفّر الكثير من الوقت والمال على الكثيرين، فبدلًا من الخروج لحضور مسرحية، أو فيلم، أو شراء كتاب، يمكن الوصول له بضغطة زر.
- تسهيل البحث
يسهّل الفضاء السيبراني على المستخدمين البحث عن وظائف شاغرة، بدلًا من شراء الصحف، أو التواصل مع مكاتب التوظيف، الأمر الذي يسهّل الكثير من الوقت والجهد، كذلك يسهّل على المؤسسات البحث عن الخبرات والكفاءات من بين الكثير من الموظفين، الذين يعرضون خدماتهم عبر الفضاء الإلكتروني.
مخاطر الفضاء السيبراني
على الرغم من فوائد الفضاء السيبراني، لا يخلو الأمر من بعض المخاطر، التي يمكن تسليط الضوء على بعضها فيما يأتي:
- الأمن
قد يتعرّض الفضاء السيبراني للاختراق أحيانًا عبر الإنترنت؛ مثلًا للوصول إلى الحسابات البنكية للمستخدمين، أو الشبكات الاجتماعية، وبالتالي تعرّض المستخدم لسرقة المعلومات الشخصية، أو المُدّخرات البنكية.
- الفيروسات
قد يتعرض مستخدمو الإنترنت إلى هجمات فيروسية على أنظمتهم ومنصاتهم، من خلال النقر على بعض الروابط المُرسلة، من جهة مجهولة أو مزيّفة، ما يُلحق الضرر بالحواسيب، واختراق الخصوصية.
- قراصنة الإنترنت
يستطيع قراصنة الإنترنت اختراق الحسابات الشخصية عبر رسائل البريد الإلكتروني أيضًا، وإرفاق ملفّات ضارّة، تُمكّنهم من التسلل إلى هذه الحسابات وابتزاز الأفراد، أو انتحال شخصيتهم وغيرها من أعمال السرقة والاحتيال غير القانونية.