مفهوم العورة وحكمها في الإسلام
مفهوم العورة
سُميت العورة بالعورة لقبح بيانها وظهورها للآخرين، ويعود أصل العورة إلى العور، وهو النقص والعيب؛ ولذلك أمر الإسلام بامتناع النظر إليها، وتُطلق العورة على كل ما يؤدي إلى استحياء الإنسان منه، وعليه فإن الاصطلاح الشرعي للعورة؛ هي كل ما أمر الإسلام المسلم بستره، وقد جاء الأمر في الشريعة بستر العورة في العديد من النصوص.
وتنقسم العورة في الشريعة الإسلامية إلى قسمين:
- عورة مغلّظة؛ وهي القبل والدبر.
- عورة غير مغلّظة؛ وهي ما أمر الإسلام بتغطيته، فيما عدا القبل والدبر.
عورة الرجل والمرأة
يختلف حدّ عورة المرأة عن حدّ عورة الرجل، ويختلف وكذلك حدّ عورة كل منهما وفقاً للحالة إن كانت في الصلاة أم خارجها أم في الأحوال العادية، وذلك حسب ما يأتي:
- عورة الرجل في الصلاة
روى جرهد الأسلمي -رضي الله عنه- فقال: (إن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ على جَرْهَدٍ، وفَخِذُ جَرْهَدٍ مكشوفةٌ في المسجِدِ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا جَرْهَدُ، غَطِّ فَخِذَكَ؛ فإنَّ -يا جَرْهَدُ- الفَخِذَ عَوْرةٌ).
وقد روى عبد الله بن جعفر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ عورَةٌ)،وقد اتفق العلماء على أنّ عورة الرجل ما بين السرة والركبة، فلا يجوز له كشفها، ولا يجوز لغيره النظر إليها.
- عورة الرجل خارج الصلاة
تعدّدت الأقوال بين الفقهاء في القول بعورة الرجل خارج الصلاة، فذهب الجمهور من قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد إلى أنّ العورة في الصلاة مثل العورة خارج الصلاة، وهي ما بين السرة والركبة.
أما قول الإمام مالك، فمنهم من قال أنّ انكشاف ما بين الركبة والسرة خارج الصلاة مُحرّم، ويتبعه الحكم داخل الصلاة، ومنهم من قال أنّ العورة في الصلاة هي السوءتين من القبل والدبر فقط، فإذا انكشف غيرهما داخل الصلاة فالصلاة صحيحة.
- عورة المرأة في الصلاة
اتفق الفقهاء على أنّ عورة المرأة في الصلاة هي كل بدنها باستثناء الوجه والكفين، أمّا القدمين فقد قال الجمهور بوجوب سترهما، وقال أبو حنيفة وبعض أهل الرأي بصحة الصلاة حال كشف القدمين، ولا إثم في ذلك.
- عورة المرأة خارج الصلاة
تعتبر المرأة بكامل بدنها عورة، لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) ، فإن الإدناء ما يستر به كامل الجسم من الرأس إلى القدمين.
حكم العورة
أوجب الإسلام على المسلمين ستر العورة، وحرّم كشفها أو النظر إليها من غير حاجة، وقد نقل العلماء إجماعهم أن وجوب سترها، فقال الإمام النووي -رحمه الله-: "ستر العورة عن العيوب واجب بالإجماع"، وقد جاء هذا الإجماع بناءً على ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من النصوص الدالة على ذلك.
قال -تعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)، وروى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، ولا المَرْأَةُ إلى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، ولا يُفْضِي الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ولا تُفْضِي المَرْأَةُ إلى المَرْأَةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ).