من ماذا يصنع ورق النقود
ما هي المادة التي تصنع منها النقود الورقية؟
يختلف نسيج الأوراق النقدية عن الأوراق العادية التي تُستخدم في الحياة اليومية، فالنقود الورقية مصنوعة من مزيج خاص من ألياف القطن والكتان؛ لجعل عملية تزويرها أصعب، وعادة ما يُطلق على هذا النوع من الأوراق اسم الورق القطني أو ورق الخرقة.
أما الحبر الذي يستخدم للطباعة عليها فيُصنع خصيصًا من قِبل مكتب النقش والطباعة، وتُعتبر هذه التركيبة متينة جداً للاستخدام اليومي، ويجدر الذكر بأن الأوراق النقدية يصعب استخدامها في المتاجرة غير الشرعية في النقد وغسيل الأموال نظراً لصناعتها المعقدة التي يصعب تقليدها تمامًا، وهذا ما يسهّل اكتشافها في حال تم تزويرها.
ما هي مراحل صناعة ورق النقود؟
تمر عملية صناعة النقود الورقية بعدة مراحل، وكل عملية من عمليات الإنتاج مؤمنة ومراقبة بدقة، وكل ورقة نقدية تُصنّع يدخل حسابها في الإنتاج الكلي للأوراق المطبوعة، حتى تلك التالفة منها أثناء عملية الصنع. وفيما يأتي المراحل التي تمر بها الأوراق النقدية أثناء التصنيع:
اختيار الورق والحبر الخاص
إن اختيار المواد الأولية التي تصنع الأوراق النقدية منها لا تقل أهمية عن عملية تصنيعها، فالمزيج الخاص للورق المكوّن بنسبة 75% من القطن و25% من الكتان يمنح الأوراق الملمس المناسب لها، والمحتوي على أجزاء صغيرة من الألياف الحمراء والزرقاء.
أما فيما يتعلق بالأحبار المستخدمة في تلوين وطباعة الأوراق النقدية فهي مكونة من أصباغ ملونة وجافة ممزوجة بالزيوت والمواد الكيميائية التي تستخدم لإنتاج أحبار طباعة سميكة، ويُذكر أن الحبر الأسود يُستخدم لطباعة الجزء الأمامي من الأوراق النقدية، بينما يُستخدم اللون الأخضر لطباعة الجزء الخلفي منها، ومن هنا جاءت تسمية الأوراق النقدية بـ (العملة الخضراء).
بالإضافة إلى العديد من عمليات الفحص التي تحدث أثناء عملية الطباعة، تخضع المواد الخام أيضًا لعمليات تفتيش صارمة قبل استخدامها، فتُختبر الأحبار من حيث اللون واللزوجة وخصائص أخرى، ويُنتَج الورق من قبل جهة تصنيع واحدة في عملية سرية ومراقبة بإحكام تختبر الورق من حيث تركيبته الكيميائية وسمكه وخصائص أخرى.
طباعة الألوان
تُعرف عملية الطباعة الرئيسية باسم الطباعة الغائرة، وتُستخدم هذه العملية نظرًا لقدرتها على إنتاج تفاصيل دقيقة للغاية تظل مقروءة في ظل المعالجة المتكررة للأوراق، ويمكن تحميل رزمة من 10,000 ورقة في آلة طباعة النقش الغائر الدوارة عالية السرعة في وقت واحد، وتكون لوحة الطباعة الرئيسية الدوارة مطلية بالحبر فتزيل الممسحة الحبر من سطح اللوحة، تاركة فقط الحبر العالق في تجاويف التصميم المحفورة على الأوراق النقدية، ثم تدخل الورقة في الطابعة لتمر بين أسطوانة اللوحة الرئيسية وأسطوانة طباعة صلبة وناعمة تحت ضغط يصل إلى 15,000 رطل / بوصة مربعة (1034 بار).
وبعد ذلك، تدفع أسطوانة الطباعة الورق إلى الخطوط الدقيقة المحفورة على لوحة الطباعة لالتقاط الحبر تاركةً صورة بارزة يبلغ ارتفاعها حوالي 0.0008 بوصة (0.02 مم) فوق الورق، وتتكرر هذه العملية بمعدل 10,000 ورقة في الساعة، ثم تكدس الأوراق المطبوعة فوق بعضها البعض، ويُطبَع ظهر الورقة النقدية بالحبر الأخضر أولاً، ويُترك حتى يجف لمدة تتراوح بين 24-48 ساعة قبل طباعة الجهة الأمامية بالحبر الأسود.
طباعة النقش والصور والأرقام والحروف لكل فئة
تجري طباعة النقش والصور والأرقام باستخدام تقنية الطباعة الغائرة، فتُطبع كل منها في مرحلة منفصلة عن الأخرى وبالترتيب. فمثلاً، يُطبع النقش أولاً في طابعة غائرة ثم يُترك لبعض الوقت حتى يجف الحبر تمامًا، ثم تنتقل الورقة النقدية إلى طابعة أخرى فتُطبَع الصور ثم تترك لتجف أيضًا، وكذلك الأمر بالنسبة للحروف والأرقام.
طباعة الأرقام التسلسلية والأختام
يوجد على كل ورقة نقدية رقم تسلسلي، هذا الرقم لا يمكن أن يوجد على أي ورقة نقدية أخرى على الإطلاق، ويتكوّن الرقم التسلسلي من أحد عشر رقمًا وحرفًا، وتشتمل الأرقام التسلسلية على السنة التي تمت الموافقة فيها على إصدار هذه الورقة النقدية من قِبَل وزير المالية.
أما أختام الخزينة المطبوعة على الورقة النقدية فتكون ظاهرة بشكل حاد وواضح للغاية، وبحجم متساوٍ في جميع الأوراق النقدية، أما في الأوراق النقدية المزيفة، فتكون أطراف الأختام مسننة وتختلف في قياساتها.
قص الورق بالشكل المناسب
بمجرد أن تجف الأوراق النقدية تجمَّع في رزم، تتكون كل وحدة منها من 100 ورقة لتقص بواسطة قاطع مقصلة مصمم خصيصًا لذلك، وأي ورقة نقدية معيبة أو فيها خلل تُستبدل بملاحظة تحمل علامة النجمة.
التغليف والتسليم إلى الجهة المعنية
لا تقل هذه المرحلة أهمية وخطورة عمّا سبقها من مراحل، فهي خاتمة هذه العملية المعقدة لإنتاج الأوراق النقدية، فعلى سبيل المثال، تُغلّف كل رزمة جديدة من فئة 100 دولار مثلًا بشريط ورقي خاص، وتُجمّع عشرًا من هذه الحزم لتصبح 1,000 ورقة، وتعد آليًا ثم تُلفّ في رزمة واحدة، وبعد ذلك، تُجمّع أربع من هذه الرزم المغلفة معًا وتعطى ملصقًا يحتوي على رمز خاص، ثم تلف مرة أخرى لإنشاء رزمة من 4,000 ورقة نقدية، ليصبح مجموعها 80,000 دولار.
وفي الخطوة التالية تشحن الجهة المعنية بخزينة الدولة هذه الأوراق النقدية الجديدة إلى البنوك مقابل الأوراق القديمة البالية، والتي بدورها تدفعها لعملائها أثناء سحبهم للنقود، إما من خلال مكاتب الصرافة أو من خلال أجهزة الصراف الآلي.
تُختبَر الأوراق النقدية النهائية للتأكد من متانتها، فتوضع بعض الأوراق في الغسالة الخاصة بالنقود للتأكد من ثبات ألوان الحبر، بينما يلف بعضها الآخر ويوضع في أسطوانة وتُسحَق لتحديد مقاومتها للتداول، ومن الجدير بالذكر أن الورقة النقدية الواحدة تحتاج إلى 4,000 طية إلى الأمام وإلى الخلف قبل أن تتمزق.
وفي الخلاصة، فالنقود وسيلة تبادل متعارف عليها عالميًا، تستخدم للتبادلات التجارية بين الأفراد والشعوب، وتتم صناعتها من الكتان والقطن بنسَبٍ مدروسة عبر عدة مراحل في مصانع متخصصة تابعة لحكومات البلاد كافة، بالإضافة إلى أن هذه العملية تتم بمراحل معقدة مهمتها استحالة التلاعب في طباعة هذه الأوراق النقدية أو تزويرها، وتتلخص تلك المراحل باختيار الورق والحبر الخاص، ومن ثم طباعة الألوان والرموز والأرقام التسلسلية، وبعد ذلك قص تلك الأوراق بإحكام، ومن ثم تغليفها وتسليمها إلى الجهات المعنية بعد اختبار جودتها.