مفهوم العقيدة والشريعة والسلوك
مفهوم العقيدة والشريعة والسلوك
مفهوم العقيدة
تُطلق العقيدة في اللّغة: على الربط والشدّ بإحكام، وفي الاصطلاح الشرعي: معناها الإيمان اليقيني الخالي من الشكّ، الذي يَعقد الإنسان قلبه عليه، ويسير عليه كدينٍ ومبدأٍ ونهجٍ، فإن كان ذلك صحيحاً كانت العقيدة صحيحة، وإن كان خاطئاً كانت العقيدة خاطئة، كمّا عُرفت بأنّها مجموعة الأسس والمبادئ والقواعد التي تتعلّق بالخالق -سبحانه وتعالى-، والأمور الغيبية؛ كالجنة والنار وغيره ذلك مما أرسل الله -تعالى- به أنبيائه ورسله وأمرهم بتبليغه للنّاس، والإيمان بما قام الأنبياء والرسل بإلإخبار عنه، وللعقيدة معنيان: معنى عام يُطلق على كل عقيدةٍ سواء كانت صحيحة أم باطلة، ومعنى خاص وهي العقيدة الإسلامية، وهي الإيمان الجازم الذي لا يعتريه أيّ شكّ بالله -تعالى- وما يجب له من التوحيد والعبادة، ثم الإيمان بأركان الإسلام وباقي القَطْعيّات.
مفهوم الشريعة
تُطلق الشريعة في اللّغة على شِرعة الماء؛ أي مورده، وهي كذلك ما شرع الله لعباده من الدين وسَنَّه لهم، وفي الاصطلاح الشرعي لها معنيان: عام يشمل كل ما شرعه الله من العقائد والأحكام، قال -تعالى-: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)، والذي أوصى به نوح هو توحيد الله -تعالى- وأصول الشرائع، وقد عرّف الدكتور محمد عثمان العقيدة بأنّها: "النّظم التي شرعها الله -تعالى-، أو شرع أصولها، ليأخذ الإنسان بها نفسه في علاقته بربه، وعلاقته بأخيه المسلم، وعلاقته بالحياة"، وتشمل الشريعة جميع مناحي الحياة.
أمّا المعنى الخاص للشريعة: فهي القواعد والأحكام والأوامر والنواهي التي شرعها الله -تعالى-، قال -تعالى-: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)، فالمقصود من الآية الشرائع؛ لأن العقيدة واحدة لجميع الأُمم، أمّا الشريعة فلكلّ أمّة شريعة تخصّها وتختلف بها عن الأمة الأخرى، وقد عرّفها بهذا المعنى القرطبي فقال: "الأحكام التي شرعها الله لعباده، سواء أجاء هذا التشريع بالقرآن الكريم، أم بالسنة النبوية من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقرير"، وتشمل الشريعة ما أرسل الله به أنبيائه ورسله من الأوامر والنواهي سواء كانت بالقول، أم بالقول والفعل معاً؛ لتكون هذه الأوامر منهجاً للعباد يسيرون عليه ويتّبعونه في حياتهم.
مفهوم السلوك
يعود مصطلح السلوك إلى الفعل: سَلَك؛ مِن سَلَك الطريق يسلكه، وفي الاصطلاح الشرعي: هو سيرة الإنسان وما يسير عليه في مذهبه واتّجاهه، ويعدُّ السلوك الصورة الفعليّة والتطبيقية للأخلاق الباطنة عند الإنسان، ويقوم الإنسان به وفق إرادته مع علمه بنتيجته، إن كان خيراً فمصيره خير، وإن كان شرّاً فمصيره شرّ.
الصلة بين العقيدة والشريعة
تعتبر العقيدة المقوّم والأساس الذي ترتكز عليه الشريعة، حيث إنّ جميع قواعد الشريعة في مختلف مناحي الحياة تعود في أصلها إلى العقيدة والإيمان، ولا يمكن لأي شريعةٍ أن تقوم دون أن يكون أساسها عقيدةً تُقوّمها، وعليه فإن العقيدة والشريعة تتّحدان معاً لتكوّنا الدين، ولو تمّت مقارنة أحدهما بالآخر لكانت العقيدة أهمّ، وهي التي أعطاها الإسلام منزلةً كُبرى سواء في بداية الدعوة في مكة المكرمة ، أم لاحقاً في المدينة المنورة.
ثمّ إن العلماء أطلقوا مصطلح العقيدة على الجانب العِلمي، والشريعة على الجانب العملي، ويسير النّاس على الشريعة من أجل تنظيم علاقتهم بربّهم أولاً، وهي ما تُعرف بالعبادات، فيتقرّب بها الإنسان من الله -تعالى-، ويحقّق وحدانية الله والعبوديّة له، ويستشعر مراقبته له، فالعقيدة هي توحيد الله -تعالى-، والشريعة هي طاعته وتنفيذ أوامره.
الصلة بين الشريعة والسلوك
يُحتكم في السلوكات الإنسانية إلى معايير الشريعة الإسلامية ليُعرف مدى قبولها أو رفضها والأجر المترتّب عليها، وجزاؤها في الدنيا والآخرة ، فإذا وضع الإنسان ذلك الأمر نصب عينيه كان سبباً في صلاح سلوكه، ومن ثمّ صلاح المجتمع، فينبغي أن يكون العمل متوافقاً مع ما شرعه الله، وأن تكون منافعه أكبر من مضارّه، وأن يحقّق العدالة دون أن يكون في ذلك اعتداء على الآخرين، وهذه هي معايير السلوك الإسلامي الصحيح، فإن حقّقها العمل كان صحيحاً وعلى صاحبه القيام به وله الأجر والثواب على ما قام به، وإن اختلّ أحد هذه المعايير أو جميعها فعلى المسلم أن يتراجع عنه؛ لأنّ العمل في هذه الحالة قد يكون مكروهاً أو مُحرّماً مما يترتب عليه العقاب في الدُّنيا والآخرة، والجانب التشريعي من الإسلام هو المُختصّ بهذا الجانب في حياة المسلم، فهو الذي يضع معايير السلوكات الإنسانية وينظّمها من أجل أن تكون متوافقة مع الشريعة الإسلامية.