مفهوم العقيدة الصحيحة
العقيدة الإسلاميّة
بَعَث الله سبحانه وتعالى الرّسل والأنبياء ليكونوا سببًا لتحقيق مَقاصد وغايات سامية، ومن بين تلك الغايات والمقاصد تصحيح عقيدة النّاس بالدّعوة إلى الإيمان بالله تعالى وحده، وتوحيده سبحانه، وعبادته العبادة الصّحيحة الخالية من الشّرك الظّاهر أو الخفيّ، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).
ولا شكّ أنّ توضيح مفهوم العقيدة الإسلاميّة الصّحيحة للنّاس ضرورةٌ حتميّةٌ؛ لأنّ الشّيطان قد أخذ على نفسه عهدًا لإضلال بني آدم، وإبعادهم عن عقيدة التّوحيد؛ فقد خلق الله سبحانه وتعالى النّاس حُنَفاء مُوحّدين لله تعالى بالفطرة حتّى جاءت الشّياطين فمالت بهم عن عقيدة التّوحيد، وصرفتهم عن عِبادة الله تعالى إلى عبادة غيره، فاقتضت مشيئةُ الله تعالى أن يبعث الرّسل والأنبياء لبيان العقيدة الصّحيحة للنّاس، وإقامة الحُجّة عليهم يوم القيامة، فالعقيدة الإسلامية هي أصل الإيمان وأساس الدين، فالأقوال والأفعال إنما تصحّ وتقبل إذا كانت مبنية وصادرة عن عقيدة صحيحة، وإلا بطل العمل والقول، قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
مفهوم العقيدة الصّحيحة
مفهوم العقيدة الصّحيحة في الإسلام يتضمّن مجموعة من الأمور يُمكن إيجازها كما يلي:
الإيمان
الإيمان هو ذلك الاعتقاد القلبي الجازم بالله تعالى، وما يستوجبه هذا الاعتقاد في حياة المسلم من قولٍ أو عمل، وهذا الإيمان له أركان ستّة بيّنها النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الحديث الشّريف؛ وهي أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، فمن حقّق معاني وأركان الإيمان هذه فقد استكمل الإيمان، حيث قال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ).
التّوحيد الصّحيح الخالص لله تعالى
توحيد الله تعالى هو من أعظم الغايات التي جاء لتحقيقها الرّسل والأنبياء، ويتضمّن هذا المفهوم ثلاثةَ مراتب وأنواع؛ وهي توحيد الرّبوبيّة، وهو توحيد الله تعالى بأفعاله سبحانه من خَلقٍ، وتدبيرٍ، ورزقٍ، وإحياءٍ، وإماتة، وتوحيدُ الألوهيّة؛ وهو توحيده سبحانه بأفعال العِباد وما تتعلّق بها من صلاةٍ، وعبادةٍ، ودعاءٍ، وتوسّل، ورجاءٍ، وقصد، وأخيرًا توحيد الأسماء والصّفات؛ وهو أن يُؤمن المُسلم بصفات الله تعالى وأسمائه جميعها، وأن يُثبِتها له سُبحانه، وينفيها عن غيره من المخلوقات والأنداد.
ترك الأفعال والأقوال التي تخدش العقيدة الإسلاميّة
قد تكون عقيدةُ المسلمِ صحيحة؛ حيث يؤمن بالله تعالى ويُوحّده، ولكن يتخلّل أعماله أو أقواله شركٌ خفيٌّ غير ظاهرٍ بيّنه النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الأحاديث الشّريفة، وهو أخفى في هذه الأمّة من دبيب النّمل، ومن هذا الشّرك الخفيِّ :الرّياء؛ حيث يُمارس أعماله وهو مهتم بنظر النّاس إليه، أو يزور قبور الصّالحين مُتبرّكًا بها، مُتوسّلاً بها؛ لتكون شفيعةً له عند الله تعالى، وهذا يُنافي العقيدة الصّحيحة في ديننا، حيث جاء في الحديث الشريف: (يا أبا بكرٍ ، لَلشِّركُ فيكم أخْفى من دبيبِ النَّملِ والذي نفسي بيدِه ، لَلشِّركُ أخْفى من دَبيبِ النَّملِ ، ألا أدُلُّك على شيءٍ إذا فعلتَه ذهب عنك قليلهُ و كثيرهُ ؟ قل : اللهم إني أعوذُ بك أن أشرِكَ بك و أنا أعلمُ ، و أستغفِرُك لما لا أَعلمُ).