مفهوم العفة والقناعة
مفهوم القناعة
يمكن توضيح مفهوم القناعة من خلال التطرق للمعنى اللغوي والاصطلاحي للكلمة؛ نبينهما كما يأتي:
- القناعة لغةً
من المصدر قَنِع، يقنع قُنوعاً، وقناعةً عند الرضا، والقُنوع يعني الرضا باليسير من العطاء، وسبب تسميتها بالقناعة هو إقبال الشخص على الأمر بنفسٍ راضيةٍ.
- القناعة اصطلاحاً
هي رضا الشخص بما أعطاه الله -تعالى-، وعدم الاهتمام بما عند الناس ممّا يزيد عنه، وتختلف القناعة عن الزهد؛ بأنّ الزهد هو الاقتصار على الزهيد والقليل، وهي قريبةٌ من معنى القناعة إلّا أنّ القناعة تظهر برضا النفس.
آثار القناعة
تعود القناعة بالآثار العظيمة على صاحبها؛ ومن ذلك ما يأتي:
- امتلاء القلب بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، وتمكين الإيمان بالقدر خيره وشره.
- الشخص الذي يتخلّق بخلق القناعة يعد أغنى الناس؛ فالغنى هو غنى النفس.
- يحصل القنوع على المجد والعزة في الدنيا
فلا ينزِل نفسه ويرخصها؛ ليسأل الناس عما عندهم ويطلب منهم حاجته، على عكس الشخص غير القنوع؛ الذي يذلّ نفسه ويهينها بين الناس ليحصل عما لديهم.
- يشعر الشخص القنوع بالسعادة في الدنيا
وعدم الخوف أو القلق، بينما الشخص غير القنوع يجلس دائماً مهموماً ومتكدراً.
- التحصن من الوقوع بأمراض القلوب؛ كالحقد، والغيرة، والحسد.
مفهوم العفة
يمكن توضيح مفهوم العفة بما يأتي:
- العفة لغةً
من الفعل عفّ؛ وتعني التنزّه عن كل ما هو قبيحٌ، والابتعاد عنه، وهي عكس الدناءة والخسة.
- العفة اصطلاحاً
الكفّ عن سؤال الناس، وكفّ النفس عن المحرمات؛ وعن كلّ ما لا يُجمل على الإنسان؛ أي: عما يكون قبيحاً في أعراف الناس الصحيحة، وضبط النفس ومنعها من الانسياق وراء الشهوات.
آثار العفة
إن تحلي المسلم بصفة العفة يعود عليه بعدد من الآثار الخيّرة، نذكر منها:
- النجاة من النار
قال -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة أعين لا تمسهم النار؛ عين باتت تحرس في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين عفت عن محارم الله).
- النجاة من الابتلاءات
فقد ثبت في قصة الثلاثة الذين أُطبقت عليهم الصخرة في الغار؛ أنه توسل بعفته فقال: (اللَّهُمَّ كَانَتْ لي بنْتُ عَمٍّ، كَانَتْ أحَبَّ النَّاسِ إلَيَّ، فأرَدْتُهَا عن نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حتَّى ألَمَّتْ بهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فأعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ ومِئَةَ دِينَارٍ علَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ.
حتَّى إذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قالَتْ: لا أُحِلُّ لكَ أنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلَّا بحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وهي أحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، وتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذي أعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا ما نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ).
- ينال العفيف الظل يوم القيامة
وقد بشر النبي بذلك في الحديث النبوي الثابت في الصحيحين؛ حيث قال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: ورَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ، فَقَالَ: إنِّي أخَافُ اللَّهَ).
- وقاية المجتمع من الفواحش.
الأخلاق الفاضلة
لقد جاء الإسلام منادياً بالالتزام بالأخلاق الفاضلة، ووضعها في إطارٍ شرعي؛ بحيث ينال العبد الفائدة العظيمة في الدنيا، والأجر والثواب في الآخرة عند اتصافه بها، وقد أشار إلى ذلك سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم- عندما قال: (إنَّما بُعِثْتُ لأُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).