مفهوم الطيبة في الإسلام
مفهوم الطيبة في الإسلام
لقد علَّمنا الصادق المصدوق سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأمور التي تجعل الإنسان صاحب طبيعة وفطرة سليمة، ومن هذه الأخلاق: (الطيبة)، حيث تعتبر الطيبة من الأخلاق الحميدة التي تعكس صورة صاحبها أمام الناس.
والتي تجعل من الإنسان أنموذجًا عمليًا للشخص المصلح في مجتمعه، والذي يسعى إلى إعمار الأرض بعيداً عن كل الصفات الخبيثة التي تجعله من المفسدين في الأرض، كما يقول تعالى: (وَلا تُفسِدوا فِي الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِها ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ) .
ويقصد بالطيبة سلامة الصدر، ونقاء القلب، وينعكس على ذلك صدور الأعمال الصالحة من الإنسان وما يقدِّمهُ من عون وخير للآخرين لكبيرهم وصغيرهم، دون انتظار منهم لردِّ المعروف أو الجميل، ويتميز صاحب الطيبة بأنه بعيد عن الخيانة أو الغدر، وعن الحسد والمكيدة.
بعض صور الطيبة
إن للطيبة عدّة صور ومظاهر، منها:
- تقديم العون للآخرين: حيث إن هناك الكثير من الناس يحتاجون لمن يُعينهم وهذه من الطيبة، كالرجل الكبير المُسِن الذي لا يقوى على حمل متاعه، وإرشاد النّاس إلى الخير، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ).
- التصدُّق على الفقير من الكسب الطيب: حيث إنّ أفضل ما يتصدَّق به الرجل على الفقراء إذا كان من عمله وكسب يده الحلال الطَّيب، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ).
- قراءة القرآن: حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبّه قارئ القرآن بالأترجة؛ وهي نوع من أنواع الفاكهة ريحها طيب وطعمها طيب، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ كالأُتْرُجَّةِ: طَعْمُها طَيِّبٌ، ورِيحُها طَيِّبٌ).
- الكلمة الطيبة: يُعتبر الكلام الطيب مفتاح لقلوب الناس وسبيل للإصلاح بينهم والتقرُّب منهم، وقد أخبرنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- أن الكلمة الطيبة صدقة، وشبّه الله تعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة التي تعلو في السماء وتؤتي أُكلها في كل وقت.
قال تعالى: (أَلَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُها ثابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ* تُؤتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بِإِذنِ رَبِّها)، فقد قال جمهور المفسرين في تفسير معنى الكلمة الطيبة: إنها كلمة التوحيد، وهي قول "لا إله إلا الله"، وهذا معنى الإيمان، وأما فروعها فهي الأعمال الصالحة.
هل يجوز للشخص أن ينسب الخبث إلى نفسه
نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينسب الرجل الخبث إلى نفسه، لما في ذلك من إساءة لطبيعته وفطرته السليمة، فقد قال ابن حجر: "إن المرء يطلب الخير حتى بالفأل الحسن، ويضيف الخير إلى نفسه ولو بنسبة ما، ويدفع الشر عن نفسه إن أمكن، ويقطع الوصلة بينه وبين أهل الشر حتى ولو في الألفاظ المشتركة".