مفهوم الصحة الاجتماعية
مفهوم الصحة الاجتماعية
إن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه؛ فمنذ يوم ولادته يبدأ باستكشاف الكون وتكوين العلاقات التي ستعزز من قدرته على البقاء والتطور، وتعد الصحة الاجتماعية (بالإنجليزية: Social Health) أحد الأعمدة الرئيسية للصحة العامة ، وتعرف بأنها قدرة الفرد على التعامل مع المتغيرات الاجتماعية المختلفة، ويتضمن ذلك زيادة شعوره بالسعادة والرضا، الانتماء للمجتمع، بالإضافة إلى قدرته على التعاطف مع الآخرين.
أهمية الصحة الاجتماعية
عندما تكون جزء من مجتمع تؤثر وتتأثر به بشكل فعال، حيث تبدأ بتكوين الروابط الاجتماعية مع من حولك لتشكل شبكتك الخاصة؛ ستزيد فرصتك بالنجاة وتحقيق ما يأتي:
- التقليل من الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، واللتان ارتفعتا بشكل كبير منذ بداية جائحة كورونا؛ نتيجة فرض قوانين الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي. حيث ثبت أن الوحدة تتسبب بحالات وفاة تعادل ما يسببه تدخين 15 سيجارة يومياً بناء على بعض الدراسات.
- خفض فرص الإصابة ببعض الأمراض النفسية الشائعة مثل: الاكتئاب والقلق، والتقليل من حالات الانتحار المرتبطة بها.
- التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب، الخرف، السكتات، والموت المبكر.
- تحسين نوعية الحياة.
- بناء نظام دعم اجتماعي قوي، مما يساعدك في الحفاظ على صحتك العقلية والجسدية.
- خفض معدل الإصابة بالأمراض المزمنة، وزيادة متوسط عمر الإنسان.
أبعاد الصحة الاجتماعية
بعيداً عن ما لديك من علاقات ومعارف، هناك العديد من الأبعاد التي يمكنك من خلالها قياس مقدار ما تتمتع به من صحة اجتماعية، ومن أهمها ما يأتي:
الاندماج الاجتماعي
يعبر عن مقدار شعورك بالانتماء لهذا المجتمع، بأن تكون جزء لا يتجزأ عنه، تثق بمن حولك وتعتمد عليهم؛ حتى لا تشعر بالغربة وأنت بين أهلك وأصحابك في أحضان وطنك.
المساهمة الاجتماعية
أن تشعر بقيمتك في المجتمع ومسؤوليتك اتجاهه، وأن كل ما تقوم به سينعكس على من حولك؛ فأنت خليفة الله في الأرض، لذلك عليك أن تضيف شيء للمجتمع حتى لا تصبح عبئاً عليه، وحينها ستشعر بأنك منفصل عن هذا المجتمع وبمعزل عن كل ما يحدث فيه.
الترابط الاجتماعي
قدرتك على التفاعل مع من حولك، وبناء روابط قوية، حيث تتبادلون الأفكار وتقدمون الدعم المعنوي لبعضكم البعض؛ حتى تكونوا قادرين على تجاوز مصاعب الحياة ومصائبها.
التجديد الاجتماعي
يصف مستوى انفتاحك على الآخرين وقدرتك على التعامل معهم بأريحية، وتقبل فكرة تطوير ذاتك من خلال الاستفادة من أفكارهم وتجاربهم، من أجل تحسين المجتمع باستمرار، حيث تدرك أن نمو المجتمع يضمن نموك على المستوى الفردي وتمتعك بجودة حياة أفضل.
القبول الاجتماعي
بداية عليك أن تصل إلى هدنة مع نفسك؛ فتتقبل ذاتك بإيجابياتها وسلبياتها، لأنك حينها فقط ستكون قادراً على تقبل المجتمع والآخرين، ممتنا لكل خير يقدم إليك ومسامحاً متجاوزاً عن كل إساءة تباغتك.
استراتيجيات لتحسين الصحة الاجتماعية
بعد قراءتك لما سبق، إذا كنت غير راض عن مستوى صحتك الاجتماعية، إليك مجموعة من الاستراتيجيات البسيطة التي تساهم في تعزيز ورفع مستوى صحتك الاجتماعية كما يأتي:
وسع نطاق علاقاتك ومعارفك
علاقاتك الاجتماعية هي خط دفاعك الأول الذي سيحافظ على صحتك ويحدد مدى راحتك ورفاهيتك، لذلك احرص على تكوين علاقات متينة وممتدة سواء مع أفراد عائلتك، أصدقائك، شركاءك، زملاءك في العمل، جيرانك، وغيرهم.
لا تنس نفسك أثناء عنايتك بالآخرين
العطاء هو جوهر الحياة، لكن يجب أن تدرك أن ما تمنحه للآخرين يستهلك طاقتك وجهدك وصحتك، لذلك كن حريصاً على أن تمنح نفسك فسحة وسط ضغط رعاية الآخرين؛ لتعتني بذاتك، تمارس هواياتك وكل ما يجلب الراحة والسعادة لك مما يحافظ على صحتك ويديم عطاءك.
شجع غيرك على النشاط
مقدار نشاطك البدني ورشاقتك تعتمد بشكل أساسي على طبيعة المكان الذي تسكن فيه، تعمل فيه، أو تدرس فيه. وبما أنك تقضي عمرك كله بين هذا وذاك، بادر في ابتكار طرق جديدة لممارسة الأنشطة الجماعية في كل مكان، حيث يتمكن الجميع من تشجيع بعضهم البعض لتحسين علاقاتهم وصحتهم في آن واحد.
ابنِ رابطة مقدسة مع أطفالك
تربية طفل هي المهمة الأصعب على الإطلاق؛ فالأبوين هما النافذة التي يطل منها أطفالهم على العالم، لذلك كن متواجداً دائما من أجل طفلك، اسمعه وافهمه وشاركه اهتماماته، قم باحتوائه وتوجيهه، حتى تبني هذه الرابطة القوية التي ستجعل منه إنساناً قويماً، مليئاً بالثقة، قادراً على التعبير عن نفسه، التحكم بمشاعره وتصرفاته، وتوجيهها من أجل مواجهة كافة مصاعب الحياة والتأقلم معها.
كون علاقات صحية
العلاقات العاطفية مهمة جداً للحفاظ على صحتك النفسية والجسدية، لكن فقط إذا كانت علاقة صحية وداعمة. للعلاقة الصحية عدة سمات منها: الاحترام، التواصل الفعال، الثقة، الصراحة، والمساواة. فإذا كنت في علاقة، يجب أن تشعر بأنك قادر على مناقشة شريكك في أي موضوع والمشاركة في اتخاذ القرارات للوصول إلى حل يرضي الطرفين.
كن قدوة جيدة لعائلتك
بالنسبة لأطفالك أنت قدوتهم وبطلهم الخارق، فأنت من يضع حجر الأساس الذي سيشكل أطباعهم وعاداتهم، قبل أن يخرجوا إلى المجتمع ويتأثروا بمن حولهم من أصدقاء ومعلمين وغيرهم؛ لذلك طبق على نفسك أولاً ما تريد أن تراه ينعكس على أفعالهم، واجعل لنفسك نمط حياة صحي بدءً بعاداتك الغذائية وحتى أنشطتك الرياضية لتراهم يحملونه معهم لما تبقى من حياتهم.