مفهوم الخطاب الديني
مفهوم الخطاب الديني
الخطاب الدينيّ أو الإسلاميّ هو الخطاب المقترن بالحكمة والذي يستند إلى مصادر التشريع الإسلامي؛ وهي القرآن الكريم، والسنة النبويّة، و مصادر التشريع الإسلامية الأخرى، سواءً كان هذا الخطاب صادراً من جهة أو مؤسسة دعوية إسلامية رسمية، أو غير رسمية، أو أفراد جمعهم الاستناد إلى الدين الإسلامي وأصوله كمصدر لأطروحاتهم.
ويتميّز الخطاب الدينيّ الأصيل بالتجديد ضمن إطار عقيدة الإسلام وشريعته، والتجديد المقصود هنا هو التجديد في أسلوب الدعوة لا في محتواها وثوابتها، ويرتبط مضمونه بما يحتاجه المسلمون، ويكون المقصد منه هو حل ومعالجة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر.
ويسعى الخطاب الدينيّ لنشر الدين الإسلامي عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً ومعاملات، لغايات تعليم الناس كل ما هو نافع لهم في الدنيا والآخرة، وبذل كل الجهود في سبيل خدمة هذا الدين؛ امتثالاً لأمر الله -سبحانه وتعالى- وأمر الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
شروط مُقدِّم الخطاب الديني
ينبغي لمقدّم الخطاب أن يكون خطابه معتدلاً ومنضبطاً بضوابط الشرع الإسلامي الحنيف، فلا يجنح فيه إلى الغلوّ والتشدّد، ولا إلى التساهل والميوعة، ومن أهمّ الشروط التي ينبغي أن تتوفّر في مقدّم الخطاب الديني أن يكون مختصَّاً شرعياً، وأن يمتلك الأدوات التي تمكّنه من إلقاء هذه الخطابات، ولعلّ من أبرزها على وجه العموم:
- أن يكون مخلصاً يبتغي في ذلك الأجر والثواب من الله -سبحانه وتعالى-.
- أن يكون عالماً بالدين وأصوله.
- أن يمتلك الأسلوب المناسب و الحكمة والموعظة الحسنة .
- أن يتحلى بالصبر والتحمل لما قد يواجهه من مشاكل وعقبات.
- أن يكون رحيماً بالناس.
- أن يكون قدوة حسنة لغيره.
أبرز سمات وركائز الخطاب الديني
يتميّز الخطاب الديني بالعديد من السِّمات، ونذكر أبرزها فيما يأتي:
- وسطي معتدل
وهذا مستمد من وسطية الدين الإسلامي ، قال الله -سبحانه-: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، فالخطاب الدينيّ الأصيل ليس فيه غلوّ ولا تمييع، بل هو وسط بين الإفراط والتفريط.
- سهل على الناس
حيث يُرجّح الخطاب الإسلامي التيسير على التعسير، والتبشير على التنفير، اقتداء بالرسول الأمين حيث قال: (يسِّروا ولا تعسِّروا وبشِّروا ولا تنفِّروا).
- عالمي وعام
حيث إنه لا بدّ أن يكون للناس كافةً، وليس لفئة معينة من الناس، ودون تفريقٍ على أساس الجنس أو اللون أو غيره، ولا يكون الخطاب خاصاً إلى في بعض الحالات المحدودة جداً ولضرورة اقتضتها المصلحة.
- منوع ومتجدد
حيث إن الناس مختلفون، وكل منهم له مذهب مختلف، لذلك لا بد أن يكون الخطاب مناسباً للجميع؛ من مفكرين ومثقفين ورياضيين وعلماء ومتعلّمين وأغنياء وفقراء ونحو ذلك.
- التدرّج بغاية التربية
يتدرّج الخطاب الديني بالمستمعين بلا مللٍ وسآمة، ويعتمد منهج التخلية والتحلية، فلا يُثقل على المستمعين حتى ينفضّوا وينفروا منه، بل يترقّى بهم في مدارج الكمال شيئاً فشيئاً، لِذا كان ابن مسعود يعظ الناس كل خميس، فقيل له: (يا أبا عبدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنا كُلَّ يَومٍ؟ قالَ: أما إنَّه يَمْنَعُنِي مِن ذلكَ أنِّي أكْرَهُ أنْ أُمِلَّكُمْ، وإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بالمَوْعِظَةِ، كما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَخَوَّلُنا بها، مَخافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنا).
- الواقعية والجمالية
الخطاب الديني خطابٌ واقعيّ غير متكلّف فيه، ولا يهدف إلى تكليف الناس ما لا يُطيقون، ويسعى إلى بثّ العمل والحركة والتفعيل، كما يتميّز بجمال أسلوبه وعباراته، فهو يجذب القلوب للإنصات إليه، ويفيض بالتحنّن والرحمة ورغبة الخير لهداية الناس إلى طريق الحق والرّشاد.
- ربانيّ المصدر والمنشأ
حيث إنّ الخطاب الديني -كما أسلفنا- يستمدّ قيمه ومبادئه من التعاليم الإسلامية التي أمر بها الله ورسوله.
- بثّ الوعي وإيجاد الحلول
الخطاب الديني خطابٌ واعٍ يسعى إلى مساعدة أفراد الأمة بإيجاد الحلول الشرعية التي تُناسب مشكلات واقعهم، ويُركّز على إبراز القيم الأخلاقية المهمّة التي يحتاج إليها جميع النّاس، ويبثّ الوعي في نفوس المستمعين.