مفهوم التفسير الإجمالي
تعريف التفسير الإجمالي وبيان طريقته
هو الكشف عن المراد من كلام القرآن عن طريق بيان المعنى العامِّ للآيات باختصارٍ، ويكون المفسر سائرًا في تفسيره مع الآيات حسب ترتيبها في المصحف، ولكنه يقتبس كلّ فترةٍ -مضيفًا لتفسيره العام بلغته- بلفظٍ من ألفاظ القرآن الكريم؛ حتى يشعر السامع أنّه لم يكن بعيدًا في تعبيره عن سياق القرآن، ويبقى رابطًا نفسه بنظم القرآن؛ لأنّ التفسير الإجمالي يكون موجَّهًا لعامة الناس غالبًا.
وتكون طريقة التفسير الإجمالي: بتقسيم السورة الطويلة إلى مجموعاتٍ من الآيات، يتناول المفسر كل مجموعةٍ بتفسيرِ معانيها إجمالًا، مبرزاً مقاصدها، موضحاً معانيها، فيعمد المفسر بهذه الطريقة إلى بيان المعنى العام لمجموعة الآيات، دون التعرض للتفاصيل الدقيقة؛ كالإعراب واختلاف القراءات ، وآراء الصحابة والتابعين، وخلافات اللغة بين والبلاغيين وغيرها.
والتفسير الإجمالي هو الذي يفسر به خطيب الجمعة بعض الآيات التي تحتاج توضيحًا في خطبته -غالبًا-، وهو التفسير الذي يعتمد عليه الذين يريدون ترجمة القرآن الكريم، فالمترجِم لآيات القرآن الكريم يفسرها إجماليًّا في البداية، ثمَّ يترجم النصّ التفسيريّ الخاص بالآية، فيخرج من الحرج الذي قد يقع فيه إذا قام بتفسير الآية حرفيًّا.
مثال على التفسير الإجمالي من تفاسير المتقدمين
يُقصد بالمفسّرين المتقدّمين: الذين كانت وفاتهم قبل سنة (1900م)، وفيما سيأتي عرضٌ مبسطٌ لنموذج من تفاسيرهم الإجمالية، وهو تفسير سورة الإخلاص من كتاب " تفسير الجلالين ":
- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ): سئل النبي الكريم عن ربّه العظيم؛ فنزلت الآيات لتخبرهم عن صفات الإله المعبود بحقٍّ، وما ينبغي أن يتميز به.
- (اللَّهُ الصَّمَدُ): أي هو المقصود من الخلائق في إعطائهم حوائجهم اليوميّة على الدوام.
- (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ): هذا الإله المعبود بحقٍّ لا يمكن أن يلد؛ لأنه سيلد شريكًا يجانسه، وهذا محالٌ ومخالفٌ للتوحيد، كما أنّه لم يولد؛ لانتفاء توقّع خلو العالم من وجوده قبل ولادته المزعومة.
- (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ): أي لا يمكن أن تجد مكافئًا ومماثلًا له، كما لن تجد زوجةً تصلح للاقتران به -وحاشاه جلّ جلاله-؛ لانعدام التكافؤ في الهيئة والنوع وهو شرطٌ مطلوبٌ بين كلّ زوجين.
مثال على التفسير الإجمالي من تفاسير المتأخرين
يُقصد بالمفسرين المتأخّرين: الذين كانت وفاتهم بعد سنة (1900م)، وفيما سيأتي عرضٌ مبسَّطٌ لنموذج من تفاسيرهم الإجماليّة، وهو تفسير سورة الفلق في كتاب "المختصر في تفسير القرآن الكريم":
- (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ): قل - يا أيها الرسول-: إنّي أعتصم بالربّ الذي خلق الصبح، وأستجير به سبحانه.
- (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ): أعتصم بربّ الصبح وأستجير به؛ من شرّ كلّ ما يؤذي من المخلوقات التي خلقها هو لحكمةٍ يعلمها.
- (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ): كما أعتصم به وأستجير من كلّ الشرور التي تظهر في الليل: مِن حشراتٍ وحيواناتٍ ولصوصٍ.
- (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ): كما وأعتصم به وأستجير من شرّ السواحر اللائي ينفثن في العقد.
- (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ): كما وأعتصم به وأستجير من شرّ كلّ حاسدٍ إذا عمل بما يدفعه إليه حسده الخبيث.