مفهوم الإنسان في الفلسفة اليونانية
مفهوم الإنسان في الفلسفة اليونانية
تطور مفهوم الإنسان في الفلسفة عبر العصور، واعتمدت الفلسفة في ذلك على توظيف مبادئها الأخلاقية والمنطقية والموضوعية في الحكم على الإنسان، ويعتبر الفلاسفة الإغريق من مؤسسي علم الفلسفة والأكثر تأثيرًا في وضع المفاهيم في جميع المجالات ومن بينها معنى الإنسان، ومنهم ما يأتي:
أفلاطون
يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون الإنسان على أنه كائن صالح خلق في السماء ونزل إلى الأرض وهو مستوى لا يناسب الوجود الإنساني باعتبار العالم أقل شأنًا بالمقارنة مع أجزاء الكون الأخرى، ويفترض أن أفعال الإنسان نابعة من طبيعته الإلهية فهو يفعل ما يتذكر من هذه الطبيعة ليس ما يتعلم، وهو ما يفسر انجذاب البشر نحو طريق الخير بإعمال العقل وتفضيله على العاطفة.
وأشار أفلاطون لحقيقة هامة وهي عودة الإنسان مرة أخرى للسماء بعد موته وهي عودة لطبيعته الأبدية، ومن هذه الفرضيات أسس فرويد نظرية تقسيم النفس إلى الأنا والأنا العليا، كما تأثر بآرائه كلًا من مارتن لوثر والقديس أوغسطين التي اعتمدت على اعتبار الإنسان مكوناً من مستويات منفصلة كما رسم أفلاطون صورة للمجتمع المثالي الشجاع الذي يتغلب فيه الأفراد على مشاعرهم.
أرسطو
اعتقد أرسطو أن مفهوم الإنسان يتمثل في قدرته على أن يكون بأفضل صورة ممكنة من نفسه، ولا يقتصر ذلك على امتلاكه النوايا الجيدة بل توظيفها في الأفعال الصائبة، كما اعتبر أرسطو الإنسان المثالي هو الإنسان الذي يسعى جاهدًا لتوظيف قدراته إذ أنه يفترض أن وظيفة الإنسان الطبيعية هي ممارسة الفضيلة.
سقراط
عرّف الفيلسوف اليوناني سقراط الإنسان على أنه النوع القادر على التفكير ، فالإنسان يعيش بذكائه وليس بقوته وأنّ أفعال الإنسان محايدة في طبيعتها، ومن الأمثلة على ذلك الشعور بالرضى عند مساعدة الآخرين، وأن المعرفة هي الأساس في تكوين نظرته عن العالم، وأن شخصية الإنسان الفاضلة تتكون باستمرار البحث عن المعرفة.
المدارس الفلسفية ومفهوم الإنسان
ساهم الفلاسفة اليونانيين في وضع مفاهيم عديدة للإنسان وطبيعته والمسائل الأخلاقية التي تواجهه، كما اعتقدوا أن الإنسان مخلوق من مادة واحدة قد تكون الماء أو الهواء أو أي مادة أخرى ومن الأمثلة على ذلك عالم الرياضيات فيثاغورس الذي تبنى هذه الفرضية ويصنف ضمن الفلاسفة ما قبل سقراط.
ركزت المدارس الفلسفية الأربعة التي ظهرت بعد سقراط على دراسة الإنسان كفرد بدلًا من دراسة المجتمع، مثل المدرسة الرواقية التي بينت ارتباط فضائل الإنسان كالحكمة والشجاعة والعدالة في فهم طبيعة الحياة وتحسينها، ولا تزال هذه الطرق الفلسفية مستخدمة حتى وقتنا الحاضر في دراسة علم النفس .
مفهوم حقوق الإنسان في الفلسفة اليونانية
يختلف مفهوم حقوق الإنسان في فلسفة الحضارة الإغريقية عن وقتنا الحاضر من حيث صياغته بطريقة واضحة أو وضع قوانين تضمن حصول الإنسان على حقوقه، إلا أنها ظهرت كمبادئ مؤسِسَّة لهذه الحقوق كالرغبة الدائمة بالتحرر والانفصال، وقد صاغ الفلاسفة اليونانيون معنى الإرادة الحرة وطبيعة الإنسان الرافضة للعبودية وفرض القيود عليه وظهر ذلك في رغبة الفلاسفة في التحرر من الآلهة والطبيعة ليصبح القانون البشري هو الشكل الرئيسي للقانون.