مفهوم الإنثروبولوجيا
الإنثروبولوجيا
يبذل الإنسان منذ قديم الزمان جهوداً في محاولة الكشف عما يحيط به وعما يوجد داخل نفسه، فبدأ بدراسة المجتمعات الإنسانية والعلاقات الإنسانية منذ الأزل، حتى تم الوصول إلى الإنثروبولوجيا في القرن الثامن عشر ولكنها لم تنتشر ولم تأخذ صداها الذي تستحقه، بسبب ظهور علم الاجتماع المشابه لها، وبسبب كونها علماً جديداً تم اضطهاده، والإنثروبولوجيا كلمة إنجليزية مشتقة من أصل لفظٍ يوناني، وتعني العلم الذي يدرس سلوك الإنسان، من حيث إنه يعيش في مجتمع له ثقافة اجتماعية معينة، وهذا الإنسان له سلوك محدد ويمارس نشاطاتٍ محددة، أيضاً يقوم هذا العلم على دراسة الحياة البدائية والحياة المعاصرة الحديثة للإنسان والتنبؤ بمستقبله القادم، بالاعتماد على تطور الإنسان عبر التاريخ، كما يوجد هناك تعريف شامل لها، وهو علم دراسة الإنسان حضارياً واجتماعياً وطبيعياً.
طبيعة الإنثروبولوجيا
طبيعة علم الإنثروبولوجيا تركز في دراستها على الإنسان وعلى سلوكه، وتحديد أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين الحيوانات الأخرى وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وهنا يكون كل اهتمام الإنثروبولوجيا بدراسة الإنسان الذي يعيش في مجتمعٍ وفي جماعاتٍ، وليس بدراسة الإنسان منفرداً، كما يهتم هذا العلم بدراسة أفكار ومعتقدات الإنسان ومستوى ثقافته وتطورها، بالاعتماد على نظريات التطور عبر الزمن.
أقسام الإنثروبولوجيا
يقسم علم الانثربولوجيا الى أربعة أقسام، وهي:
- الإنثروبولوجيا الطبيعية: يرتبط هذا القسم بدراسة العلوم الطبيعية مثل علم التشريح وعلم الأعضاء، يدرس في كليات الطب والعلوم وأيضاً العلوم الاجتماعية، ويتناول هذا النوع من الإنثروبولوجيا دراسة الإنسان كمخلوقٍ مميز، يتميز بصفاتٍ جمسية وطبيعية تختلف عن غيره، مثل المشي منصباً، والقدرة على الكلام وكبر حجم الدماغ، كما يدرس عصر الإنسان وتطوره منذ أن انتشر على الأرض وحتى الوقت المعاصر، كما يدرس التنوع البشري وتوزيعه في القارات والصفات الجسمية والجسدية لكل نوعٍ وسلالة.
- الإنثروبولوجيا الاجتماعية: تتركز الدراسات هنا على العصر البدائي للإنسان، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، كيف أصبح المجتمع مقسماً إلى الريف والحضر والبادية، فأخذ يدرس هذا الفرع العلاقات الاجتماعية والبناء الاجتماعي لكل واحدٍ منهم، مثل العائلة والزواج والقرابة، والنظم الاقتصادية مثل الإنتاج، والسياسية مثل القوانين، أي أن كل اهتمام هذا النوع يقوم على دراسة النظم الاجتماعية والعلاقات السائدة والصفات في كل نوع.
- الإنثروبولوجيا الحضارية: هنا يقوم التركيز في الدراسة على مخترعات الشعوب البدائية، وطريقة لباسهم، وأدوات الزينة عندهم، والفن السائد عندهم، وآدابهم وقصصهم، وكذلك الاتصال الحضاري بين الشعوب.
- الإنثروبولوجيا التطبيقية: هو الوجه التطبيقي للفروع الأخرى، ويركز على كيفية إدارة الشعوب البدائية وتطويرها، وكيفية الاتصال معها وفهما، وقد شمل على عدة مجالات، مثل؛ التربية والتعليم، والتنمية الاجتماعية والسياسية والتحضر، والصحة والإعلام والاتصال.
نشأة علم الأنثربولوجيا ومراحل تطوره
يعتبر هذا العلم من أقدم العلوم على وجه الأرض، وابتدأ عن طريق النظر والتأمل. على سبيل المثال يقال إنّ المؤرخ الإغريقي هيرودوتس هو "أبو الأنثربولوجيا" لدقته العالية في وصف أجساد (السينيين) وتكوينها، وكذلك وصفه لقدماء المصريين وغيرهم. أمّا الروماني "تاكيتس" فقد كتب دراسة مشهورة عن (القبائل الجرمانيّة). علم الأنثربولوجيا كعلم مدرّس هو حديثٌ نسبيّاً، بدأ التدريس به منذ قرنٍ ونيّف، وتعدّ نهاية القرن الثامن عشر نقطة البداية لهذا العلم، وفي القرن التاسع عشر بدأت كتب الأنثربولوجيا القديمة في الظهور في أمريكا وأوروبا، كما ظهرت في الوقت ذاته المدارس التي تعنى بهذا العلم، كـ المدرسةِ التطوريّة" ومدرسة القانون المقارن، ومن الأسماء الضخمة والتي ساهمت بإثراء هذا العلم و تدريسه جيمس فريزر، وراد كلف براون، ومالينوفسكي، والبوت سميث وغيرهم من عباقرة الأنثربولوجيا، بالإضافة لمؤلفات ضخمة بهذا الشأن ومدارس مهمة أثرَتْ هذا العلم وجعلته من أهم العلوم التي تدرّس.