مفهوم الإسلام
مفهوم الإسلام
يُعرّف الإسلام بأنّه: الإقرار بالتوحيد مع التصديق، والعمل بشريعة الله تعالى، وقد عرّفهُ بعض علماء الإسلام بأنّه: التعبّد لله -تعالى- بالتزام شريعته التي أنزلها على رسله، منذ خلق الكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ويشمل ذلك الاستسلام لله -تعالى- ظاهراً وباطناً، فالإسلام عقيدةٌ، وعملٌ، وقولٌ، ومن الجدير بالذكر أنّ الأنبياء كلّهم، ومنهم: نوح، وموسى، وعيسى، وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام، جاءوا بالدعوة إلى الإسلام، وقد دلّت على ذلك الكثير من آيات القرآن الكريم، ويُعرّف الإسلام بالمعنى الخاص بأنّه: شريعة الله -تعالى- التي أنزلها على نبيه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ليختم بها رسالته، وينسخ بها الأديان السابقة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)،، وقوله: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ)، فمن اتبع رسالة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- يُسمّى مسلماً، ومن رفضها يسمى كافراً، لأنّه لم يستسلم لله وإنّما اتبع هواه، وفي الحقيقة إنّ اليهود الذين اتبعوا شريعة موسى -عليه السلام- في زمانه كانوا مسلمين، والنصارى الذين اتبعوا شريعة عيسى-عليه السلام- في زمانه كانوا مسلمين أيضاً، ولكن بعد أن بعث الله -تعالى- محمد -صلّى الله عليه وسلّم- نُسخت الشرائع السابقة، فمن اتبعه منهم فهو مسلم، ومن لم يتّبعه فليس بمسلمٍ، ولذلك لا يجوز مقارنة اليهودية ، أو النصرانية بالإسلام، أو الاعتقاد بأنّها دياناتٌ مقبولةٌ عند الله -تعالى- كالإسلام، ومن اعتقد ذلك فقد كفر وخرج عن الملة الإسلامية.
أركان الإسلام
لتحقيق الإسلام لا بُدّ من الالتزام بأركانه الخمسة : وهي شهادة أنّ لا إله إلّا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت ، وصوم رمضان، وفيما يأتي بيان كلّ ركنٍ منها:
- الشهادتان: ويمكن القول أنّ معنى لا إله إلّا الله: أنّه لا معبود بحقّ إلّا الله، فلا شريك له، وهي كلمة التوحيد، وقد دلّ على ذلك المعنى سورة الإخلاص، ومن الجدير بالذكر أنّ شهادة لا إله إلّا الله تقتضي إفراد الله -تعالى- وحده بالعبادة، ونفيها عمّا سواه، ولا تُقبل كلمة التوحيد إلّا بتوفر العلم، واليقين ، والمحبة، والتصديق، والكفر بما يُعبد من دون الله من شجرٍ، أو بشرٍ، أو حجرٍ، وشهادة أنّ محمداً رسول الله، تعني الإيمان بأنّ محمداً رسول الله، وتصديقه بما أخبر، وطاعته بما أمر، واجتناب ما نهى عنه، والاعتقاد بأنّه بُعث للنّاس كافةً، وأنّه المُبلغ لشريعة ربّ العالمين في كافة المجالات، والأحكام المبيّنة بالسنة المطهرة.
- إقامة الصلاة: والصلاة عبادةٌ عظيمةٌ أوجبها الله -تعالى- على المسلمين في خمس أوقاتٍ في اليوم والليلة، حيث إنّها صلةٌ بين العبد وربه عزّ وجلّ، وهي عبادةٌ تشتمل على الركوع، والسجود، والذكر، والتكبير، والتحميد، وقراءة القرآن ، ويُشترط لأدائها طهارة القلب، والبدن، والثياب، والمكان، والتوجّه إلى القبلة، وهي الكعبة المشرفة.
- إيتاء الزكاة: والزكاة عبادة ٌماليةٌ أوجبها الله -تعالى- على أغنياء المسلمين، حيث فرض على الغني إخراج ما مقداره ربع العُشر من ماله، لتُدفع إلى طائفةٍ مخصوصةٍ من الناس، ومنهم الفقراء والمساكين، وفي الحقيقة إنّ في الزكاة تطهيراً للأنفس من البخل والشحّ، مصداقاً لقول الله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)، وفيها رحمة بالفقراء والمساكين، ممّا يساهم في نشر مشاعر المحبة، والألفة، والمودة، والتكافل، والتعاضد بين طبقات المجتمع، وأبنائه.
- صوم رمضان: وهي عبادةٌ مخصوصةٌ في وقتٍ مخصوصٍ، وهو شهر رمضان ، حيث يجب على كلّ مسلمٍ الامتناع عن الطعام، والشراب، والجِماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولا يجب الصوم على المسلم في حالاتٍ معينةٍ تُبيح له الأخذ بالرخصة والإفطار، منها: السفر، والمرض، والحيض، والنفاس، وللصوم آثار تعود بالنفع على المسلم وعلى الأمة الأسلامية جميعها، منها: استشعار عظمة الله ، ومراقبته، والصبر على المعاصي ، ومجاهدة النفس، وغرس روح التكافل، والتعاضد بين أبناء الأمة الإسلامية.
- حج البيت: والحج هو قصد بيت الله الحرام في مكة المكرمة ؛ لأداء مناسك معينة، وقد أوجبه الله -تعالى- مرةً واحدةً في العمر على كلّ مسلمٍ، ولكن بشروطٍ معينةٍ، كالعقل، والبلوغ، والاستطاعة البدنية والمادية، وأمن الطريق.
نواقض الإسلام
ثمة نواقض للإسلام ينبغي لكلّ مسلم الحذر من الوقوع فيها، وهي:
- الشرك بالله تعالى: وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حقيقة الشرك، حيث قال: (وأصل الشرك أن تعدل بالله -تعالى- مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده، فإنّه لم يعدل أحد بالله شيئاً من المخلوقات في جميع الأمور، فمن عبد غيره أو توكّل عليه فهو مشركٌ به)، فمن صور الشرك: الاستغاثة بالأموات، ودعائهم، والذبح لهم، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الأدلة على نقض الشرك للإسلام كثيرة في القرآن الكريم، ومنها قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ).
- عدم تكفير المشركين، أو الشكّ في كفرهم، أو تصحيح مذهبهم، والمشركين هم الكفار الأصليين، أو الذين تلبّسوا بردةٍ قطعيةٍ، كمن أنكر معلوم من الدين بالضرورة.
- اتخاذ وسائط بين الإنسان وربه عزّ وجلّ، ومنهم: الأنبياء، والملائكة ، لدعائهم وسؤالهم الشفاعة، والتوكّل عليهم، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَيَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَضُرُّهُم وَلا يَنفَعُهُم وَيَقولونَ هـؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللَّـهِ)، فقد كفر بإجماع المسلمين.
- الاعتقاد أنّ هدي غير النبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل من هديه، أو الاعتقاد بأنّ حكم غيره أفضل من حكمه، والمثال على ذلك الذين يُفضّلون حكم الطواغيت على حكم الرسول.
- بغض أي شيءٍ ممّا جاء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى وإن عمل به.
- الاستهزاء بالدين: وقد وضح الشيخ ابن باز -رحمه الله- هذا الناقض في فتاوى نور على الدرب، حيث قال: (وقد أجمع العلماء قاطبة على أنّ المسلم متى سبّ الدين، أو انتقصه، أو سبّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو انتقصه، أو استهزأ به؛ فإنّه يكون مرتداً كافراً حلال الدم والمال).
- موالاة الكفار ومناصرتهم على المسلمين.
- السحر بأنواعه، وقد اختلف العلماء في حكم تكفير الساحر، وخروجه من ملة الإسلام؛ فإذا فعل أفعالاً توجب الكفر، مثل: إهانة القرآن الكريم فقد كفر بإجماع المسلمين.
- معاونة المشركين والكفار على قتال المسلمين، ونصرتهم على الباطل.
- ترك العلم والعمل بالإسلام جملةً، بالإعراض عن القرآن، والسنة النبوية المطهرة ، وترك العمل بهما.