معنى لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
معنى لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
تعني لا إله إلّا أنتَ سُبحانك إنّي كُنتُ من الظالمين؛ الاعتراف بِوحدانيّة الله -تعالى-، وتنزيههُ وتقديسهُ عمَّا لا يليق به وبعظمته، وتنزيهه عن كُلِّ العُيوبِ والنّقائص، وعن كُلِّ ما وُصف به -تعالى- من أعداءِ الإسلام، لِقولهِ -تعالى-: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ)، و"إنَّي كنتُ من الظالمين" أي: وإنِّي من الظالمين لأنفُسِهِم في حالِ المعصية، وفعلِ ما لا ينبغي لي فعلهُ، كما أنّها تشمل على الاعترافِ بِعُبوديّة الإنسان لله -تعالى-، وأنّهُ لا غِنى له عن الله -تعالى- لحظةً واحِدة، وفيما يأتي في المقال بيانٌ وتفصيلٌ لجوانب كُلِّ جُزءٍ من هذا الدعاء.
الإقرار بوحدانية الله
تعني لا إله إلّا الله؛ أي أنَّ الله -تعالى- مُستَغنٍ عن كُلِّ ما سِواه، وغيرهُ لا يستغني عنه، ومُحتاجٌ ومُفتقِرٌ إليه، وأنّ الله هو الوحيدُ المُستحقُّ للعِبادةِ، فلا إله إلّا الله تُذكِّر المسلم عند الكرب بأنّه خُلق للتّوحيدِ ، وإشغال وقته لأجلها، ولأجل الغاية التي خُلق لها، فتكونُ شُغله وهمّه واهتمامهِ، فلا يسأل إلّا الله، ولا يَستغيث إلّا به، ولا يلجأ إلّا إليه، وهيَ تُذكِّرهُ بِعظمة خالقه، وقوّتِه، وقُدرته، وهي دواءٌ لهمّ المسلم وغمّهِ، من خلال ذكرِ الله -تعالى-، وتوحيده، وتعظيمِه، وتنزيههِ، وومن معانيها: أنّهُ لا معبودَ بِحقٍ إلّا الله -تعالى-، فهو الوحيدُ المُستحقُّ للعبادةِ.
تنزيه الله تعالى وتقديسه
الأصلُ في التّسبيح هو تنزيه الله -تعالى- عما لا يليقُ به من النّقائص؛ كنَسْب الولد له، أو تشبيههُ بأحدٍ من خلقه، قال -تعالى-: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، وجاء التّسبيح في القُرآن الكريم بصيغةِ الماضي والمُستقبل والحاضر؛ أي أنّه -تعالى- المُستحقّ لذلك في جميع الأزمان، وهو مُستحقٌ له سواءً كان هُناكَ فاعلٌ له أو لم يكُن، فيشمل تسبيحهُ جميع الأزمنة وقبل الأزمنة وبعد الأزمنة، ويستغرق الخلق وما قبل الخلق وما بعد الخلق، وقولُ المسلم كلمة سُبحانك تعني؛ أُنزّهك عن كُلِّ ما لا يليق بك، وما يصفهُ بهِ غيرُك من النّقائص.
كما يأتي التّسبيح بمعنى الحمدُ والثّناء على الله -تعالى- الموصوف بالكمالِ في ذاته وصفاته، ويُقال: سبَّحت الله؛ دلالة على كثرة التّسبيح أو التّسبيحُ كُله، وقد فسّر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- معنى التّسبيح ببراءة الله -تعالى- من جميع أنواع السّوء، ويشمل التّسبيح جميع الأعمال التي يُرادُ بها وجه الله -تعالى-، فيقالُ: فرغتُ من تسبيحي؛ أي صلاتي . والأصل في التّسبيح هو التّنزيه، وقول المسلم سُبحان الله ؛ بمعنى تنزيههُ عن كُلّ النقائصِ والعُيوب؛ كالشّريك، والزّوجة، والولد، وهو من باب التَّعظيم لله -تعالى-؛ لِما في ذلك من نفي النّقائص عنه.
التضرع بالاعتراف بالذنب والافتقار إلى الله
الاعتراف بالتقصير هو في قول المسلم "إنّي كُنتُ من الظالمين"؛ ففيه اعترافٌ بالذّنبِ والخطأ منه، واستغفاره لِظُلمه لنفسِه بفعل ما لا ينبغي له فعله في حقّ الله -تعالى-، وقول العبد بعد الذنب "لا إله إلّا أنت سُبحانك إني كُنتُ من الظالمين"؛ يُعدّ من أعظم الدّعاء؛ لتضمُّنه على التوحيد الذي هو من أعظم الطاعات لله -تعالى-، ثُمّ تنزيههُ عما لا يليق به، كما فيهُ بيانٌ لِضعف الإنسان وعجزه وظُلمهِ لِنفسه، الذي يكونُ عند معصيتهِ لربّه، وفيه معنى التّوبة واعترافُ الإنسان بخطئهِ، بسبب تقصيره في عبادة ربّه؛ ولذلك يطلب التوبة، وهذا دعاءُ نبيّ من أنبياء الله، فكان قولهِ "إنّي كُنتُ من الظالمين"؛ أي أنّه ظلم نفسه بخروجهِ من عند قومه قبل أن يَأذن الله -تعالى- له بذلك.
النبي الذي دعا بلا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
أخبرَ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الصحابةَ الكِرام أنَّ نبيّ الله يونس -عليه السلام- أو ذا النون هو الذي دعا ربّه بهذا الدعاء، لِقوله -عليه الصلاة والسّلام-: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بشيءٍ إذا نزلَ برجلٍ منكم كربٌ، أو بلاءٌ، مِنْ أمرِ الدنيا دعا بِهِ فَفُرِّجَ عنه؟ دُعاءُ ذي النونِ: لَا إِلهَ إلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنَّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، ومعنى كلمة النون أي الحوت، فيونس هو صاحب الحوت، وذلك بعد أن خرج في اللّيل من عند قومه غاضباً، فأخذهُ الحوت وبقيَ في بطنه، حتّى ألهمهُ الله -تعالى- بقولِ هذا الدُعاء.
قال -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، وكان خُروجه من عندهم بعد أن غضب منهم لِعدم استجابتهم لرسالته ودعوته، ولكنّهم لما رَأوا الغيم في السماءِ، والعواصف من حولهم، اعتقدوا أنّهُ العذاب الذي وعدهم إيّاه يونس -عليه السلام- إن لم يُسلموا، فلمّا رأوا ذلك أسلموا جميعاً.
ويُستفادُ من قصّتهم وقصّة يونس -عليه السلام- أهمّيّة التّوحيد، والالتزام به، والحذر من مُخالفةِ أوامر الله -تعالى-، فهذا نبيّ الله يونس -عليه السلام- لمَّا خرج من عند قومه بعد أن حذّرهم من العذابِ إن لم يُسلموا ويؤمنوا بربّهم، فلجأ إلى السّفينةِ بعيداً عنهم، فأصبحت تميل بهم، فاقترعوا على رمي أحدهم في البحرِ، فخرجت ثلاث مراتٍ على يونس -عليه السلام-، فجاءهُ حوتٌ فأكلهُ من غير أن يضرّهُ بشيء، فألهمه الله -تعالى- بهذا الدُّعاء، ففرّج الله -تعالى- عنه، وأخرجهُ من بطنِ الحوت، فاتّخذ يونس -عليه السلام- من بطنِ الحوت مسجداً للتّسبيح، والذّكر، والعِبادة ، ونجّاه الله -سبحانه-.
فضل لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
إنّ لِقولِ "لا إله إلَّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين" العديد من الفضائل ، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- تفريجُ الكرب، ورفعُ البلاء بعد نُزوله، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسلام-: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بشيءٍ إذا نزلَ برجلٍ منكم كربٌ، أو بلاءٌ، مِنْ أمرِ الدنيا دعا بِهِ فَفُرِّجَ عنه؟ دُعاءُ ذي النونِ: لَا إِلهَ إلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنَّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، وقال بعض العلماء إنَّهُ اسم الله -تعالى- الأعظم الذي يُستجابُ للمسلمِ إذا دعا به ربَّه.
- استجابة الدُعاء ، فقد ورد عن النّبي -عليه الصّلاة والسلام- أنَّه قال: (دَعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا ربَّه وهو في بَطْنِ الحُوتِ: لا إلهَ إلَّا أنتَ سُبْحانك إنِّي كُنتُ مِن الظَّالمينَ، لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسلمٌ في شَيءٍ قطُّ إلَّا اسْتُجِيبَ له)، فهو من الأدعيةِ التي استجاب اللهُ -تعالى- بها ليُونس -عليه السلام- بعد ما دعا به وهو في ثلاثِ ظُلمات؛ ظُلمة الّليل، وظُلمة البحر، وظُلمة بطن الحوت، وكان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- قد سُئل عن الدعاءِ، أهو ليونس -عليه السلام- خاصة؟ فأجاب أنّهُ للمؤمنين جميعاً، لِعُموم الآية بعد الدُعاء في قولهِ -تعالى-: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).