معنى قاعدة الضرورات تبيح المحظورات
قاعدة الضرورات تبيح المحظورات
معنى القاعدة
تُعدُ قاعدة الضرورات تُبيح المحظورات من القواعد الكُليّة الفرعيّة، فقد أدرجها البعض تحت قاعدة الضّرر يُزال، وبعضهم أدرجها تحت قاعدة المشقّة تجلبُ التيسير، والبعض الآخر تحت قاعدة إذا ضاق الأمر اتّسع،
ومعنى هذه القاعدة؛ أنّ الحرام أو المُحرّم يُصبح مُباحاً في حال اعترض على المُكلّف ضرورةٌ تقتضي ارتكاب المُحرّم وفعله، وقد تُستعمل في سُقوط بعض الواجبات أو تخفيفها بسبب تلك الضرورة.
أصل القاعدة وأدلتها
استدلّ العُلماء على هذه القاعدة بالعديد من الأدلّة، نذكر منها ما يأتي:
- قوله -تعالى-: (وَقَد فَصَّلَ لَكُم ما حَرَّمَ عَلَيكُم إِلّا مَا اضطُرِرتُم إِلَيهِ).
- قوله -تعالى-: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
- قوله -تعالى-: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
- قوله -تعالى-: (فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفورٌ رَحيمٌ).
- قوله -تعالى-: (فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ).
ما هي المحظورات التي تُباح عند الضرورة
ذكر ابن القيم -رحمه الله- أنّ ليس كُل ما كان ضرورةً يُباح معه فعل المحظور، فقيّد ذلك؛ بما كان مَن في رُتبته وخُطورته أقل من مرتبة الضرورة، فقال: "كل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث- فليست من الشريعة وإن أُدخلت فيها بالتأويل".
إذ لا يجوز العملُ بهذه القاعدة إلّا إذا كان المحظورُ أقل مرتبةً من المُحرّم نفسه، وألّا تتعارض مع مفسدةٍ مُساويةٍ لها أو يغلب الظنُ عليها.
وأضاف الشافعيّة قيداً على هذه القاعدة؛ وهو عدم نُقصان الضرورة عن فعل المحظور، فقالوا: الضرورات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها، ومثّلوا لذلك؛ أنّه لوكان نبيّاً ميتاً فإنّه لا يجوز أكله للمضّطر؛ لأنّ حُرمة النبيّ من الناحيّة الشرعيّة أعظم من أكل المُضطر.
تطبيقات على القاعدة
ذكر العُلماء العديد من التطبيقات والأمثلة على قاعدة الضرورات تُبيحُ المحظورات، نذكر منها ما يأتي:
- التلفُّظ بكلمة الكُفر عند الإكراه، فالعمل بذلك جائزٌ عند الضرورة مع التنبيه على أنّ الحُرمة تكون مؤبدة على أصل الفعل، والمرفوع هو إثم التلفّظ بالكفر في الجانب الأُخرويّ، حيثُ أنّ المُكره لو صبر حتى قُتل لكان شهيداً.
- جواز أكل الميتة عند حُصول المجاعة، وجواز شُرب الخمر لمن غصّ بالطعام ولم يجد غيره.
- إباحة تطهير الابن لأمه في حال لم يكُن هُناك امرأةٌ أخرى تقوم بتطهيرها، فيُباح له ذلك من غير أن يُباشر عورتها بيده، بل يغسلها من تحث الثّياب من غير أن يكشف عنها، وهذا من باب الضّرورات التي تُبيح المحظورات.
- إباحة المُحرّمات سواءً كان في الغذاء والدواء وفي حال الإكراه والنسيان والجهل والمرض والسفر وما عمّت به البلوى.