معنى عصبة النساء وشروطها
معنى عصبة النساء وشروطها
لقد كان للمرأةِ في الإسلامِ نصيبٌ وافرٌ من التكريم، وقد أولاها عناية خاصّة، وكان لها عظيم الاهتمام، فمن رحمة الله -سبحانهُ وتعالى- بالمرأة أن جعل لها محرما يسيرُ معها أينما ذهبت فيحميها ويحفظها، ويُبعدُ عنها الأخطارَ المُحتملة، فيكون لها ناصرًا ومعينًا في ما لا تملِكُ له طاقة أو ما استوحشَ عليها من طريق.
وقد أكّد الإسلامُ على ضرورةِ وجودِ محرمٍ مع المرأة في ترحالها، فلا تُترك وحيدةً، لكنّ من عظمةِ الإسلامِ أنّه جعلَ أحكامًا مُختلفة تتناسبُ مع ظروفِ البشر، إذ أن بعض النساء لا تملِكُ محرمًا، فإن كانت لا تملكُ محرمًا وأرادت السفر لعمرةٍ أو ما شابه، فيجوزُ لها ذلك لكن مع عصبةٍ من النساء.
وإنّ المقصودَ بعصبة النساء أنهن جمعٌ من النساء الثقات المأمونات اللاتي عُرِف عنهن الصلاحُ والأخلاق والعفافُ والعِبادة، وهن أهلٌ للثقة، وأن تكون معرفتها لهن سابقة ليست جديدة، حتى يتسنّى لها أن تأمن على نفسها معهن، وأن يكن من الملتزمات باللباس الشرعي، الذي يجبُّ عنهن كل من بقلبهِ مرض.
شروط عصبة النساء
إنّ للسفرِ مع عصبةِ النساءِ عدَّةُ شروط، منها:
- أن تكونَ برفقة نساءٍ ثقاتٍ مأمونات.
- أن تكونَ إقامتها في البلد الذي ستسافِرُ فيه وسط نساءٍ مشهورٌ عنهن التقوى والأدبُ والأخلاقُ الفاضلة.
- أن يكون سمتهن الالتزام باللباس الشرعي وأن يكونَ خُلُقُهُنَّ الحياء، في سائر أوقاتهنّ.
- أن يكون الطريقُ خاليًا من الأخطار، فيكونَ آمنًا يأمن المرء به على نفسه ومن معه.
- أن لا يكون هنالكَ ظنٌ بحصولِ الفتنة، فيجب أن يكونَ هذا احتمال وارد، وذلك بسلامة المقصد من السفر.
- أن تكون وسائط النقل آمنة وأهلها ثقات، فطريقُ السفرِ الطويل يجلب المتاعب خصوصًا من أصحاب النفوس المريضة.
الأدلّة الواردة من القرآن والسنة على جواز السفر مع عصبة النساء
لقد وردت العديد من الآيات الكريمة في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة التي تدلُّ على جوازِ سفرِ المرأةِ مع عصبةِ النساء، ومنها ما يلي:
- قال الله -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)، ووجه الدلالة في ذلك في حديثٍ بيّن فيه الرسول-صلى الله عليه وسلم- أن الاستطاعة هُنا هي الزادُ والراحلة، وليست المحرم.
- (عنِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في قولِهِ تعالى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قالَ: قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ ما السَّبيلُ قالَ: الزَّادُ والرَّاحلةُ).
- (بيْنَا أنَا عِنْدَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ أتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: يا عَدِيُّ، هلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟ قُلتُ: لَمْ أرَهَا، وقدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: فإنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ، لا تَخَافُ أحَدًا إلَّا اللَّهَ).